رحلة حبة الآيسكريم

> محمد عبدالله الموس:

> نشهد هذه الأيام حالة مخاض نتوقع معها ولادة شيء ما، ذلكم المخاض هو انتخاب محافظي المحافظات في انتخابات (غير مباشرة) شهدنا معها تباينا في قواعد الحزب الحاكم على الرغم من سيطرته على محليات معظم المحافظات، وأيا كانت دوافع هذه التباينات فهي أمر يخص الحزب الحاكم ومصداقيته في التأسيس لحكم محلي كامل الصلاحيات، يرفع الغبن الذي أصاب محافظات الجنوب على وجه الخصوص، وينزع واحدا من مسببات الاحتقان من خلال محافظين يمتلكون القدرة على الإبداع البعيد عن التشنجات الحزبية الضيقة بالنظر إلى حجم المسئولية التي يجب أن تتسع لحجم التنوع في المجتمع والأعباء التي تصيب الجميع بغض النظر عن الانتماء السياسي.

أهم من اللهث على الكرسي ومن تغيير الوجوه، هو القدرة على العطاء، وأهم منهما هو إطلاق العنان للمجتمعات المحلية للإبداع ووضع الشأن العام في مقدمة الاهتمامات بعيدا عن المركزية (الإخضاعية).

قبل أيام كنت في ساحة الخدمة المدنية في عدن بمعية مديرة الرقابة الأخت ثريا باطويل، حين كانت سيارة أجرة تأخذ عددا من الكراتين المليئة بالأوراق، عرفت أنها معاملات في طريقها إلى صنعاء! رغم أن هذا المبنى يضم في مكاتبه قدرات إدارية فذة، كانوا يديرون شؤون موظفي الدولة في كل محافظات الجنوب، دون أن يضطر أي فرد للقدوم إلى عدن للمتابعة، لكنه أصبح اليوم مشلولا لدرجة أنه لايدير شؤون الناس في عدن وحدها.

الأغرب من ذلك أن يأتي من يدمر المؤسسات العامة في عدن، ويفقدها وظيفتها الاقتصادية لتتحول إلى مجرد مطاعم وأسواق للقات ومدن سكنية لا وظائف لساكنيها المحتملين! ويأتي من ينهب ممتلكات الآخرين الذين عليهم الذهاب إلى أبواب دواوين صنعاء للمطالبة بإعادتها، وكأن ممثلي السلطة في المحافظات غير معنيين بقضايا الناس وبالممتلكات العامة والخاصة وما يصيب الناس من ضرر.

أما ثالثة الأثافي، والأثافي في بلادنا أكثر من ثلاث، فهي أخذ (حبة آيسكريم)، أكرر (حبة آيسكريم) من عدن إلى صنعاء لفحص الصلاحية! رغم أن عدن تملك مختبرا مركزيا، وفيها من الأجهزة والقدرات والكفاءات ما جعلها سباقة على مناطق الجوار منذ أمد بعيد.

لاندعي أن ذلك حصر للخلل والمنغصات، لكنها بعض من أسباب حراك الشارع الذي يراه البعض خروجا عن الطاعة ليس إلا، وهي اختلالات ضاربة أطنابها في واقعنا منذ سنوات، ولم يرد أحد السماع إلى من ينهبون لخطورتها، بل إن مصير بعضهم أصبح السجن مثل الزملاء بن فريد والغريب والعسل والقمع، وبعضهم نقلوا من محافظاتهم إلى صنعاء في إطار المركزية إياها، وكأن هذه المحافظات ليست جزءا من الأرض اليمنية، وخاضعة لنفس القانون.

نعم نريد محافظي المحافظات من أبنائها، ونريد أن يكونوا أكفاء، يتحلون بالشجاعة للإمساك بمكامن الخلل وإصلاحها، ولكننا فوق هذا وذاك نريد للسلطات المحلية صلاحيات توفر على الناس عناء المركز وتوفر على الموازنة نفقات السياحة الحكومية لمسئولي المحليات وتوفر على (حبة الآيسكريم) رحلة السفر الطويلة (المذيبة).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى