خطيب الجامع

> جلال عبده محسن:

> بعد أن كانت للأمة العربية والإسلامية وعلى مدى قرون مضت حضارتها العلمية المشرقة التي أضاءت بها العالم بقوة إيمانهم وفي شتى المجالات، عندما اهتموا بالعلم الذي نادت به شريعتنا الإسلامية السمحاء حتى وصلت الفتوحات الإسلامية إلى مشارف القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) وكانت القدس والأندلدس بأيدينا، حيث كانت قرطبة- وعلى مدى ثلاثة قرون- أهم مدينة في أوروبا في حين كانت باريس ولندن ومدريد مجرد قرى صغيرة على حد تعبير أحد المثقفين. وأن العلم خلال الازدهار القرطبي لم ينفصل عن المعرفة، وكان العلماء المسلمون يفكرون دوماً في مقاصد العلوم ومراميها، ومن هنا كانت الوحدة الدائمة في الثقافة القرطبية بين العلم والمعرفة وبين الإيمان، وإنما ينتصر الدين وتزدهر الدول ويسمو الأفراد بالخلق الرفيع والعلم الشامل والعمل الدءوب، وكلها قيم حث عليها القرآن الكريم، وتخلفنا عن ركب الآخرين عندما ضعف إيماننا وكان سبباً في ما تعيشه الأمة من تمزق وشتات وتفرق للكلمة، وهي الأسباب نفسها التي أدت إلى إلحاق الهزيمة تلو الأخرى ..في ضياع الأندلس، وبسببها كانت النكبة في عام 1948 وضياع القدس وكانت النكسة في عام 1967، وعندما استبحنا دماء بعضنا البعض كما هو حاصل في فلسطين وفي لبنان وفي العراق والصومال وحقوق الإنسان غائبة، بينما هي واضحة وضوح الشمس في تعاليم ديننا الحنيف.

وكغيره من شباب هذه الأمة الذين يعتزون بدينهم وينتصرون له وينتفضون غيظاً لما يصيبها من نكسات جراء التخاذل في الموقف العربي ينمي عن الوعي وبشخصيته المتواضعة وبأخلاقه الدمثة والعالية، ومثله من يصافح القلوب قبل الأيدي.

كانت تلك المقدمة خلاصة خطبة الجمعة لخطيب الجامع الذي أصلي فيه بمناسبة مرور العام الستين للنكبة، مناشدا في نهايتها أهل الخير بالقيام بواجبهم الديني ومد يد العون لإخوانهم في فلسطين، ومذكراً بأن الشباب سيكونون على الأبواب وما نقص مال من صدقة.

انتهت الخطبة وبقي الحال كما هو، وتذكرت حال أهلنا في غزة هذه الأيام وهم يعيشون في ظلام دامس جراء قطع إمدادات الكهرباء واستخدام الغاز كورقة ضغط وسلاح ضد الأبرياء والعزل والمرضى يزيد من معاناتهم، علاوة على ما يلحق من تنكيل وملاحقة ومن قتل وتشريد على أيدي الصهاينة وبأحدث الأسلحة الفتاكة والمستوردة من دول الحلف، ولكن المؤلم هذه المرة بأن ما يجري في غزة ينفذ بسلاح عربي كما علمنا تستورده إسرائيل منا- نحن العرب- وببخس الثمن، ويا عزيزي من فرط بنفسه وهان يرضى بهذه الإهانة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى