ماذا تريدون من الصومال؟

> حسين حاجي:

> مر أكثر من عقدين من الزمن على أزمتنا ونكبتنا الصومالية بغياب الدولة وتفشي عنف المليشيات وتشظي الصوماليين في أصقاع الأرض ودروب الهجرة والمعاناة والبؤس، مرت كل هذه السنوات وسط صمت المجتمع الدولي وتغاضيه عن حجم مشكلاتنا ومآسينا وعمق جراحاتنا كشعب، فقد عوامل الأمن والاستقرار على أرضه.

ورغم كل تلك العذابات إلا أن أحلامنا وآمالنا وحنيننا للوطن ولظل كل شجرة فيه وخرير ماء سواقيه وعبق روائح حقول الموز وقطعان الماشية في براري مراعينا أطياف عالقة في سماء ذاكرتنا.

إنها خارطة الصومال الغني بخيراته المسلوب من ديمومة الأمن، وتآخي أطياف مكوناته على كلمة سواء تضع حدا لعذاباتنا.

ولعل ما شد انتباهي وأحزنني مؤخرا ما تناقلته وسائل الإعلام عن أخبار القرصنة في السواحل الصومالية، تلك الأعمال المشينة التي تزيد من حجم مشكلاتنا تعقيدا، وهي ذات الأحداث التي فجرت نمطا من الاهتمام الأوروبي بالصومال، ولكن هذه المرة عبر تدخل قوات أمن دولية تحفظ أمن السياح الأوروبيين على شواطئنا.

فكرة ربما أبدت حماسا تجاهها بريطانيا، رغم أن تلك البلدان لم تهتدِ على مدى السنوات الماضية إلى التفكير بمد يدها لإنقاذ الصومال من معاناته، فكيف ارتأت تلك البلدان مثل هذه الضرورة اليوم؟!

بعد أن ظل الصومال بعيدا عن حسابات تلك الدول طيلة السنوات المنصرمة.. ومن المؤسف حقا أن يتجدد التفكير أو أن يشد الانتباه هذه المرة إلى الصومال.. من زاوية حسابات الغرب الأمنية، وبذات نمط التفكير بالتدخل عبر ما يسمى قوات حفظ الأمن التي ما تلبث أن تتحول إلى طرف أساسي في رحى الصراعات الصومالية، وحالة الخلط القائمة التي هي دون شك ليست بحاجة أصلا لمثل هذه المعالجة التي تختزل، وتتجاوز هذا الشعب الأفريقي بموقعه الإستراتيجي إلى ما تراه بعض الدول الأوروبية يتوافق مع مصالحها ومشاريعها بغض النظر عما تحتاجه الصومال في هذه الأثناء من مساعدات تضمن استقرارها، وتقيم دعائم دولة تكون قادرة على حفظ الأمن وإعادة الحياة لهذا الجزء من العالم.

وحبذا أن يكون التدخل الأوروبي إنسانيا، يسهم في إخراج الصومال من أتون معاناته، عندئذ نكون ممتنين لمن أبدى دعما ومساندة ومواقف استشعرت معاناة شعبنا.. وهذا ما يحتاجه جيل الشتات الصومالي الذي يحلم بالعودة إلى أحضان وطن آمن ومستقر، وذلك ما يحلم به أبناء شعبنا في الداخل.

إننا وبحق بحاجة لاستقرار الوضع، وإقامة دعائم دولة تحفظ حقوق كافة أبناء شعبنا، وتخرج الصومال من وضعيته الراهنة، عندئذ تكون أراضينا ومياهنا الإقليمية آمنة ولانحتاج حماية أحد.

ونذكر هنا أن بداية القرصنة على أراضي ومياه الصومال الإقليمية لم تكن تبدأ إلا من خلال تلك السفن الغربية التي عاثت فسادا بثرواتنا البحرية من الأسماك، ناهيك عن رمي النفايات السامة وغيرها من الأعمال غير الإنسانية التي أشعلت الوضع الصومالي عند انهيار الحكومة التي كانت تقوم بمهمة حماية بلادنا.. ولم يجد السكان فيها- خصوصا سكان المناطق الساحلية- بدا من تشكيل مليشيات لحماية ممتلكاتهم ومصادر عيشهم، ولا ننكر أن غياب الدولة جعل هذه المليشيات تخرج عن نطاق السيطرة وتتحول إلى ما هي عليه اليوم.

إن أعمال القرصنة لاتتجزأ، سواء تلك التي تتعلق بتهريب البشر أم تستهدف السياح الأجانب، ولانجد إزاء مثل هذه الأوضاع إلا أن ندعوا المجتمع الدولي إلى دعم ومساندة قيام دولة صومالية قوية تحفظ أمن واستقرار هذا الجزء من العالم.

نائب القنصل الصومالي في عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى