شوك الوحدة لعشاقها والرحيق لأعدائها

> أحمد محمد الحامد:

> أدمنا حب الوحدة وتشربناه مع كل فجر جديد منذ نهاية ستينات القرن الماضي، مع كل كوب حليب نشربه، عندما كان الحليب سعره سبعة دنانير ونصف الدينار لكرتون به ست علب، كانت الوحدة حاضرة باستمرار في المدرسة والعمل في البيت وفي الشارع. لا يخلو شارع من ذكر النضال من أجل الوحدة اليمنية. وتحققت الوحدة بفضل الله عز وجل ثم بجهود الخيرين ونكرانهم لذاتهم وسلطانهم، وكنا نرى في الوحدة وسيلة نحو غد أفضل فيه القوة والعزة والكرامة والرخاء والتعاضد والتكاتف وتجنيد الطاقات للنهوض بهذا الوطن الغالي وشعبه الطيب إلى مصاف الدول التي نمت من حولنا في صمت وحققت لشعبها الكثير من الإنجازات والاستحقاقات بفضل حكمة القيادات السياسية فيها.

ولكن، وآه من لكن هذه.. بعد تحقيق الوحدة كنا ننتظر ما تقنا إليه أن يتحقق ونصنع في عهد الوحدة ما لم نستطع أن نحققه في زمن التشطير ، غير أن فئة قليلة ولكن لديها قدرة فائقة على تحويل كل جميل إلى مكسب لها دون غيرها، استطاعت فعلاً أن تجني كل الثمار التي أينعت وتمتص كل الرحيق دون حياء أو وجل ولا خوف لا من الله سبحانه وتعالى ولا من عامة الناس، ولم تكتف بذلك، ولكنها شحذت سكاكين وسواطير في وجه كل من يطالب بحق أو ينتقد باطلاً وتعطيه من الأشواك أولاً كي يسكت، فإن لم يفعل فالسواطير والسكاكين جاهزة للتقطيع، والتهم جاهزة هي الأخرى بالعمالة والخيانة والارتداد والانفصال، وهلم جرا من أنواع الجرح والتشهير بمناسبة وبدون مناسبة.

لماذا تحولت الوحدة إلى مجزرة أو مشرحة، لا يرحم فيها المتنفذون أصحاب الحقوق ويستأثرهم فعل الخيرات، استطعتم فعلاً إلى حد الآن أن تجنوا خيرات الوحدة الكثيرة وحولتموها إلى سياط تعذبون بها شعبكم من خلال الفساد والتضخم والمقامرة بأقوات الناس واللعب بالمشاريع وتفشي الرشوة، حتى أضحت حاجة ضرورية في مرافق الدولة لا يخجل بعض الموظفين العاديين من طلبها بكل جرأة، وكأنها شيء واجب مفروض دفعه لهم مقابل عمل مكلفين به ملزمين بإنجازه.

ولم يكتفوا بذلك ولكن تجاوزوا حدود المنطق والمعقول في إيذاء أغلب الناس، الذين يرفضون الانصياع إلى سياسية الأمر الواقع ومحاولة تجريحهم، رغم حرمانهم من حقوقهم، بل وحتى تجريدهم من وظيفتهم ورميهم في السجون والمعتقلات والتهديد والوعيد، وذلك كله بسبب أنهم لم يسيروا في ركب الموجة وسياسة تحليل النهب والكسب والسرقة والفساد المنظم والمعايير المختلة في التوزيع للخيرات والموارد وفرص العمل المتساوية.

كلا يا هؤلاء.. هذه ليست الوحدة التي تشربناها وعشقناها إلى حد الولع، إنها وحدتكم أنتم فيما بينكم وانفصالكم عن شعبكم عزلكم عن وحدة الأرض والإنسان، أما الوحدة الحقيقية فهي أن الخير من الثمرات لكل الناس وليس الرحيق لكم والشوك لغيركم، فلا وألف لا لمفهومكم النقصي للوحدة، فإما وحدة للجميع وإلا سيأتي يوم تندمون فيه لا ينفعكم فيه الندم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى