من المستفيد؟

> عبدالقوي الأشول:

> لاشك أن حجم الأضرار والخسائر البشرية والمادية التي خلفتها حرب صعدة والتي لاتزال فاتورتها مفتوحة مغلقة ومكلفة للغاية إذا ما قسنا حجم تلك الخسائر من واقع إمكانيات اليمن وحجم مداخيله الضئيلة، ناهيك عن النتائج التي لاتكون وفق معطى رحى الحرب إلا شديدة الضرر على النسيج الاجتماعي، فلا يوجد في قاموس أي حرب ما يمكن وصفه بالحرب غير السيئة، وإذا كان هناك من نموذج يمكن اعتباره مقياسا لبشاعة الآثار الناجمة عن أي حرب داخلية فلتكن العبرة من 13 يناير 1986 التي دارت رحاها بين أقطاب السلطة الجنوبية في ذلك الزمن.. وما ترتب عليها من أثر مدمر وماحق على النسيج الاجتماعي الجنوبي وحالة التشظي العارم التي أعقبتها والآثار النفسية العميقة والسحيقة التي لايمكن إنكار آثارها السلبية حتى اللحظة.. إنها وبحق الكارثة التي وضعت الجنوب بمقدراته وخيراته في مهب الريح، بل إنها المأساة التي حصدت ثروتها خيرة القدرات والكفاءات الوطنية، وجعلت الجنوب يدخل إثرها في محيط ضبابية الرؤية والفعل كل هذا جرى عقب شعور كل طرف بالمرارة والغبن، والمؤسف أن تلك الأطراف فقدت حتى الإرادة بإمكانية التعافي من تلك المآسي جراء ما ساد إثرها من فقدان ثقة الأطراف ببعضها.

وصعده بأحداثها الدامية لأشد مما سلف وإن كانت رحى الحرب الدائرة قد تركزت في تلك المحافظة التي خالطت مزارع البرتقال والعنب والفاكهة.. عناقيد الغضب المحلية في مفارقة موجعة مع ما يفترض أن تلعبه صعدة الزراعية كسلة فاكهة لهذا الجزء من الوطن.

فهناك عند تلك الحقول والثمرات الناضجة وعبق الأجواء الماطرة التي تخالطها سخامات البارود جبل تفتحت عيونه على دوي أصوات القذائف وعويل الثكالى ممن أصابتهم المأساة، أطفال ربما تعبث أياديهم البريئة بشظايا رمانات القنابل التي خالطت رمانات الزرع والخير الوفير في تلك المحافظة.

وهناك على الجانب الآخر في ردفان والضالع والصبيحة تتكرر الملهاة بصورة المتاريس التي تنفلت عقالات صبرها لأبسط سبب.. فهل ذلك ما ينبغي فعله حفاظا على الوطن ووحدته؟

هل كان خيار الحرب في صعدة لا فكاك منه؟ أم أن بالإمكان عدم الانزلاق نحو أحداث دامية على نحو ما جرى ويجري؟ ومن المنتصر والخاسر في نهاية المطاف؟

المثير أن نسق هذه الحلول على ما تنطوي عليه من مغامرة وحسابات جدا خاطئة الخيار المرجع الذي تكرره السلطــة في بلادنا، فقبل الانتهاء من صعدة يتم التعاطي بنفس الزاوية الحادة من قضية الجنوب بتدرج مستفز وصولا إلى حالة الزج برموز هذه القضية في السجون وتحويل بعض مناطق الحراك إلى معسكرات، وكــأن عملية احتواء ما يجري ممكن بقدر ما تحشد السلطة من آليات وعسكر ومظاهر مسلحة، رغم إدراك الجميع أن الأمور إلى حين، وهــذا ما يجعل الخشية متعاظمة من الانزلاق في بؤر صراع دامية نحن في غنى عنها مع أوضاع اقتصادية غاية في التردي والسوء، بل هي حاضنة حقيقية لأكثر من بؤر صراع إن لم يكن هنــاك إدراك ومسئولية تستشف الناتج مسبقا، وبالمجمل واقعنا ينذر بتداعيات على أكثر من صعيد، والخيار الواقعي إزاء ما سلف لايكون إلا بقــدر من وفاق سياسي اجتماعي يشخص المشكلات بواقعية، ويتم إثره تحديد أولويـات اتجاهات المقدرات البشريــة والماديــة وصولا إلى واقع حيــاتي يضمـن استقرار معيشي للسكان، ويحــد من نذر المجاعات التي تزيد من وطأتهــا المشكلات الداخليــة التي لانــود الاعتراف بها كعقبــات كأداء في واقــع اليمن الواقع تحت وطأة أعباء ومشكلات جسيمة، وختاما نقول ما قاله الشاعر: وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمو وما هو عنها بالحديث المرجم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى