ذئب وإلا نعجة مش في التعليم بس

> سعيد عولقي:

> التعليم مفيد جدا لاشك في ذلك، أيام ما كانوا يقولوا لنا في المدارس إن الناس كلهم سواء، لا فرق بين هذا وذاك إلا بالعلامات اللي يحصلها.. وإن من جد وجد ومن زرع حصد، وإنه ما نيل المطالب بالتمني، وإنه وإنه وإنه.. هذا كلام سليم.. ولكنه مجرد كلام، لأنك ما أن تخلص تعليمك حتى تتأكد بنفسك أنه لايودي ولايجيب، عندما تبدأ الرغبة بالدخول في الحياة اليومية، أقول الرغبة التي كانت حلم، واللي يمكن الحلم ذا ما يتحقق ولو شفت حلمة أذنك، لأنه ما كل ما يتمنى المرء يدركه.. وقدكم عارفين باقية الكلام اللي مايسليش على الخاطر ولايشنشن على الناظر كما شنشنة الماطر.

زمان في برضه كان تعب.. كان الواحد ما يلاقيش العمل بالسهالة وما يأكلش اللقمة إلا بطلوع الروح.. لكن كل الكلام اللي سمعناه أعلاه وقت الخروج من المدرسة كان مضبوط نص بنص في ذاك الزمان.. واحد من المدرسين كان التلاميذ الزناقل يسمونه (شاكر فضله)، لأنه كان يردد تلك العبارة طول اليوم، حتى أظن ولابد من أنه كان يرددها كمان في البيت بعد المدرسة وفي الإجازات، مع أنها كلمة جميلة، والشكر لله واجب في كل حين.. على كل حال أذكر أن الأستاذ (شاكر فضله) كان واقف على باب الصف وهو يودع الطلبة بسخريته المحببة العميقة المغزى قائلا: «مع السلامة ولاتنسوش أنكم برضه ما كملتوش تعليمكم، لأنه باتخرجوا من هذه المدرسة إلى مدرسة أخرى وكبرى هي مدرسة الحياة، وهناك معاكم خيارين ما لهمش ثالث.. الواحد منكم يا يكون ذئب يا يكون نعجة، والله الموفق».. ودارت الأيام ومشى الزمان بالذئاب ونعاجها، كل واحد وقف له في محطة.. وبعد دورة زمان استغرقت نصف قرن أجينا على كلام الأستاذ شاكر فضله.. برضه زي زمان في تعب وفي نعاج وفي ذئاب، ذئاب كثيرة وبنت كلب.. وفي مغالبة للعيش وصنوف الحياة زيما كان أول ويمكن أوحش، بس الأزفت من كل شئ هو القهر!.

اللي يزعل الواحد الآن في هذا الزمان يعني هو أن التعليم مخلوط مع الكذب والبهتان على امدانة ويادان، يعني لما ننظر إلى تعاليم أهل الأجيال السابقة نلاقي التباتيك هذه حق «من جد وجد ومن زرع حصد، ومن طلب العلا سهر الليالي».. ولما نجي إلى هذا الزمان نلاقي برضه نفس المعشر هذا حق العلا والليالي والزرع والذي منه.. الفرق أنه الآن مهما فحرت واتعلمت وجبت علامات يجي طالب من اللي بعدك فاشل من كل ناحية ويشل هو المحصول وتبقى أنت مفغي تشتي تردع الجدار برأسك، وده كله ليش لأن الولد البليد الفاشل معه ولي أمر فص كمندر سبكترلال، وهو فوق ذا وذاك متنفذ لايستهان به، معه مرافقين وبوابير ولابسين دريس- أي معصرين أو متعصرين- إذا كان عادهم يستعملوا هذه الكلمة كدلالة على الملابس العسكرانية.. وهنا نرى بأم أعيننا ذئب يولد ونعجة تذبح معنويا، يعني نحنا ما نشتيش دم يسيل وسكاكين وحاجات كذا مش كويسة.

طيب كيف عاد يسوي هذا الطالب وإلا الطالبة اللي مافيش معاهم ولي أمر فص قلاص وإلا فص كمندر سبكترلال وإلا أي حاجة، يعني يقولوا إنه الرشوة مقبولة بالعملة الصعبة، لكن الفلوس هذي ما توجدش عند صاحبنا وأمثاله.. برضه الفلوس والفص قلاص سبكتر لال كمندر يعني المتنفذين هم برضة اللي معاهم الفلوس من كل نامونة وهيلا يارمانة.. أما أنت أيها الطالب الفقير فحسك تدق رأسك بالجدار، لأنه يكون الحجر بالجدار والدم من رأسك.. فليش تعذب حالك.. روح اتفرج لك على مسلسل سوري، لأنه زيما قلنا أول أكثر من مرة يا إما الواحد يكون ذئب يا إما يكون نعجة.. ما تلاحظش معي كذا أنه أغلب المبرزين في التربية والتعليم من هنا.. يعني جنوبيين بنسبة عالية جدا.. لكن الله يقول الحق أنه يعني مش كلهم بالمئة مئة، لابد ما يكون بينهم نسبة برضه من الطناجيح.. وبالمثل طبعا هناك نسبة من المبرزين بجد من إخواننا الشماليين ونحنا مش مختلفين على هذا.. خلافنا الأساسي ثاني، وهو كيه بالله الهدوء.. وهو كيف بالله يا إخواني تقفز النعجة وتتحول إلى ذئب بدون عملة صعبة وبدون ولي أمر سبكترلال.. سألت الأستاذ (شاكر فضله) فأجاب بأنه لايعلم أي شيء عن هذا الموضوع.. وبالنسبة لي أنا اللي أعرفه أن نظرية الذئب والنعجة تسري على كل شيء في حياتنا.. مش على التعليم بس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى