تكريس الانفصال في مناهج الأطفال !!

> د. عبيد البري:

> أستميح الأخوة التربويين عذراً للإشارة إلى بعض الأخطاء في مناهج التعليم المعقدة التي أصبحت أهم المشاكل التي يعانيها الطلبة ومخرجات التعليم.

وعلى سبيل المثال فقد لفت انتباهي موضوع في مادة الاجتماعيات للسنة الرابعة من التعليم الأساسي (الابتدائي) التي يدرسها أطفال أعمارهم نحو 10 سنوات.

فقد جاء في درس (ذكرى الوحدة) ص104 ما يلي :

«بعد قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر تواصل نضال الشعب اليمني في سبيل إعادة تحقيق وحدته، فقدم الشهداء، وبذل القادة جهوداً مضنية حتى تم التمكن من إعادة الوحدة في 22 مايو 1990م، وهو الهدف الذي رسمته الثورة».

تخيل أخي التربوي عندما تقرأ هذه الفقرة، كيف يستطيع المدرسون أو الآباء أن يشرحوا للتلميذ مفردات مثل (نضال، إعادة تحقيق، شهداء، جهوداً مضنية، هدف) ليس في معانيها فقط، بل ومفاهيمها الخطيرة على الوحدة!.. فهل يجوز أن يذكر المدرسون والآباء مثلاً في تهامة أو صعدة أو صنعاء لذلك التلميذ الصغير أن المقصود بـ(الشهداء) هم الأرواح التي أزهقت في الحروب الثلاث ضد الجنوب من أجل الوحدة اليمنية .. ومن ناحية أخرى كيف يشرح المدرسون والآباء مثلاً في عدن أو حضرموت أو الضالع للأطفال عن الوحدة عندما تقترن بالتذكير بالشهداء، وهم ربما لم يعايشوا أو تناسوا حربي 1972م و1979م، ولكنهم دون شك عانوا ويلات حرب 1994م وما نتج عنها ! .

انظر إلى التزييف والتشويه المتعمد للحقائق والتاريخ لمصلحة كتل وأحزاب على حساب العلم والمعرفة .. فكيف يمكن للمدرسين أو الآباء الاستدلال على وحدة اليمن التي تم (إعادة) تحقيقها ؟!

إن مجرد ذكر وجود نقوش هنا أو هناك لإمبراطورية دولة سبأ كدليل لغزوها للدويلات اليمنية المجاورة لها قبل آلاف السنين لا يكفي للقول بأن اليمن كانت موحدة يوماً ما !

ثم انظر أخي التربوي في الفقرة التالية من الدرس نفسه :

«كما يتم الاحتفال بيوم 7 يوليو، يوم انتصار الشعب وقواته المسلحة على قوى الردة والانفصال التي حاولت تمزيق وحدة اليمن، والعودة به إلى ماقبل 22 مايو1990م».

فما معنى (الردة) التي تليها كلمة (انفصال)؟! .. ومن هم قوى الردة والانفصال الذين يجب أن نعبئ ضدهم أطفالنا، ونعتبر ذلك جزءاً من الثقافة التربوية والتعليمية ؟!

وهنا لابد من الإشارة إلى أن نقل شعار حرب 1994م إلى مناهج التعليم يعد تعسفاً لواجب التربويين، وامتهاناً لأمانة العلم والتعليم التي يقدسها شعوب الأرض كلها بمختلف الأنظمة والأديان على مدى التاريخ.

وإنني لأشفق على ضمائر من نقلوا ذلك الشعار إلى مناهج الأطفال وهم يعرفون أن من وصفوهم بقوى الردة والانفصال هم من أعلنوا الوحدة السلمية في وقت السلم والطمأنينة، ثم هم أنفسهم من أعلنوا الانفصال أثناء الحرب عليهم .

كما تلاحظ أخي التربوي (الحشو) الذي جاء في فقرة أخيرة من ذلك الدرس :«تعتبر الوحدة اليمنية أنمودجاً يحتذى، ولبنة على طريق الوحدة العربية والتضامن الإسلامي».. ترى هل كان يعرف المؤلف نماذج للوحدة العربية قبل الوحدة اليمنية؟!.. هل عرف عن وحدة مصر وسوريا، أو مصر والسودان، أو الأردن والعراق، التي لم يكتب لها النجاح؟!.. ترى هل كان على مصر أن تقيم حرباً على سوريا لانفصالها عنها مثلما فعل الشمال على الجنوب؟!

وأخيراً أقول للأخوة التربويين إن التعليم في المدارس أمانة وأخلاق وواجب وطني وإنساني يهدف إلى تربية أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة، بعيداً عن التعصب المذهبي والعنصري، وعن آراء وأقوال الأفراد والأحزاب.. وإن تعبئة عقول التلاميذ بمثل تلك الأفكار لا تخدم الوطن ووحدته واستقراره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى