أسباب ومجالات انتشار اللهجات العامية في الأقطار العربية

> امذيب صالح أحمد:

> تختلط الأسباب المعاصرة لانتشار اللهجات العامة ومجالاتها في كثير من الأحيان. فما قد يكون مجالاً لها فهو في الوقت نفسه قد يكون سبباً لها ولذلك لابد من جمعها تحت عنوان واحد ، ومن هذه الأسباب والمجالات مايلي:

(1) تفشي الأمية والجهل في الأسرة ومحيطها:

إن انتشار الأمية والجهل قروناً طويلة بين أفراد الأسرة العربية وخاصة الأم التي يتربى في أحضانها كل إنسان له أثر بالغ على لسان الطفل الذي يكتسب لغته منها ومن أفراد أسرته الأخرى ومن دائرة البيئة الاجتماعية التي يعيش ويتحرك فيها فاللغة يتعلمها الإنسان ويتقنها بالسماع والمحاكاة. فالطفل الذي يقضي سني حياته الأولى في التقاط مفردات لغته الأولى لا يسمع إلا لهجة عامية تترسخ في عقله ووجدانه وتتحكم في ملكته اللغوية مستقبلا» وحين يجد فرصة للتعليم فإن هذه اللهجة العامية لا يمكن اكتساحها إلا بتعليم قوي للفصحى مدة طويلة. ولذلك فإن عملية إحلال الفصحى في لسان الطفل لا يمكن أن تتوفر لها فرص النجاح في ظل منهج ضعيف كماً وكيفاً للغة العربية الفصحى. وقد أثبت القرآن الكريم والعلوم الشرعية الأخرى قدرتها على ترسيخ الفصحى في ألسنة الذين درسوها وتعلموها أكثر من أي منهج آخر.

(2)الانعزالية السياسية والقبلية:

تحتوي الأقطار العربية على العديد من القبائل والكيانات الاجتماعية الصغيرة التي نشأت فيها منذ قديم الزمان كما نشأت في كل المجتمعات الإنسانية. وطبيعة القبائل والكيانات الصغيرة جعلتها تعيش اجتماعياً في تكتلات داخلية وانعزال خارجي عن بقية القبائل والكيانات الأخرى. وقد نشأت عن الانعزال الاجتماعي لكل قبيلة مفردات واصطلاحات وتركيبات لغوية ضمن لهجة متداولة بينهم لا يفهمها غيرهم بسهولة رغم أنها نابعة من جذور للغة العربية. وكلما أوغلت المجتمعات القبلية في الانعزال تكرست لهجاتهم. أما حين تذوب القبائل اقتصادياً وثقافياً في كيان أكبر فإن اللهجات الصغرى تختفي وتحل محلها لهجة أعم وتتوحد المصطلحات اللغوية. أما الفصحى فلا تطغى إلا بالتعليم والقرآن والثقافة الأدبية والدينية وهو إن حدث فلا يكون إلا في نطاق محدود جداً. أما الانعزالية السياسية الناشئة عن تقطيع الغرب الاستعماري لأوصال الخلافة الإسلامية والوطن العربي فقد خلقت كيانات سياسية صغيرة ووضعتها تحت العناية المركزة للافتراس الغربي الذي يقوم أساساً على قوة الحماية والتغريب وتشجيع النزعة الإقليمية اللسانية والتاريخية والجغرافية ومن ضمنها حصار الفصحى وخنقها حتى يرتفع هدير اللهجات العامة في جميع المجالات. وقد رافق ذلك محاولات استشراقية تخريبية في مهاجمة اللغة العربية والحط من قدرها مع رفع شأن العاميات لخلافة الفصحى على لغة القرآن الكريم وديوان الشعر العربي. وتتعزز هذه الحملة دائماً بأفواج الوافدين الأجانب من غير العرب الذين يقيمون ويزورون هذه الأقطار لفرص العمل والتجارة وحين تختل النسب السكانية وتتغلب اللهجة السكانية لغير العرب فإنها ترفد اللهجات العامية المنحرفة بكلمات دخيلة أجنبية من مختلف لغات العالم فتزيدها انحرافاً.

(3)السياسة الرسمية في الأقطار العربية نحو اللغة الفصحى:

يمكن تحديد السياسات الرسمية في الأقطار العربية نحو تعليم واستعمال اللغة العربية في ثلاثة مجالات هي:

(ا) التعليم العام والتعليم الجامعي:

منذ القرن التاسع عشر الميلادي والغرب الاستعماري الصليبي يزحف على الوطن العربي احتلالاً وتجزئة وسيطرة على وسائل ثقافته وتعليمه فحارب اللغة العربية الفصحى والقرآن الكريم والشريعة الإسلامية بوسائل شتى لحرمان الناس من تعليم وتعلم اللغة الفصحى وساعد على نشر اللغات الأجنبية وتشجيع اللهجات العامية. وعند سماحه بتعليم اللغة العربية وضع لها مناهج ملتوية وضعيفة تتقلب كل حين وصاغ لها طرقاً لاتينية لتعليم أصولها للمبتدئين بحيث تفضي بهم إلى عدم تملك السليقة اللغوية. فساعات تدريس الفصحى قليلة ومدرس اللغة لا يعتني بها والمنهج هزيل. والمشكلة أن انعدام السليقة اللغوية لازمت الدارسين والمدرسين في المستوى الجامعي حتى بلغت مرحلة مناقشة أطروحات الدكتوراه باللهجة العامية في أعرق الجامعات العربية.

أما تعليم العلوم في المستوى الجامعي فقد جعلوه باللغات الأجنبية وكأن الحضارة الإسلامية التي قامت على العلوم الطبيعية أيضاً لم تكن موجودة بالإضافة إلى التضييق على طالبي دراسة العلوم المادية حتى يترك المجال مفتوحاً للمدرس أن يستخدم اللهجة العامية عند الضرورات لأنه فاقد للخلفية اللغوية الفصيحة في مجالات العلوم، والأخطر من كل ذلك هو أن المدارس الخاصة والجامعات الأجنبية بدأت تتأسس في كثير من الدول العربية على نطاق واسع هدفها الأساسي وضع اللغة الإنجليزية واللغات الأوروبية في مناهجها كلغة أولى وليست ثانوية والتعليم بها حتى تنتشر على حساب الفصحى.

(ب) إهمال اللغة الرسمية للدولة:

تدعي الأقطار العربية في دساتيرها ومبادئ حكمها أن اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية. ومعنى هذا أن قوانينها يجب أن تنص على استخدام اللغة العربية في جميع المعاملات التي تنشأ أو تتم بمقتضى قوانين الدولة وسياستها وخاصة تلك التي تكون أجهزة الدولة طرفاً فيها التزاماً أو إشرافاً أو توجيهاً أو رقابة أو تنفيذاً. فمثلاً جميع وسائل الإعلام والثقافة التي تمولها الدولة من صحافة وتلفزيون وإذاعة وسينما ومسرح وخلافه. كما أن الذين يشاركون في العملية التعليمية والتدريبة من مدرسينا وأمثالهم ملزمون باستعمال اللغة الفصحى. أما أعضاء المؤسسات الدستورية الثلاث وأفراد أجهزة الدولة الإدارية العسكرية والمدنية فهم ملزمون أيضاً باستخدام الفصحى في معاملاتهم الرسمية المكتوبة والمنطوقة. إن التراخي والإهمال في استخدام اللغة العربية الفصحى قد جعل اللهجات العامية وتشويهاتها اللغوية تتغلغل في المحافل الرسمية والمدارس والمعاهد والجامعات ووسائل الإعلام كافة والثقافة الحكومية. كما أن اللافتات التجارية في الشوارع والأسواق قد تجاوزت ذلك باستخدام اللغات الأجنبية. غير أن ما ابتليت به الأقطار العربية بعد خروج الاحتلال الاستعماري الغربي المباشر هو أنه استطاع بنفوذه المتنوع أن يجعل الحكم والإدارة تتداولهما الجيوش بضباطها الانقلابيين أو ممثلو الأحزاب العلمانية أو القادة التقليديون منهم وهذه الفئات الثلاث واقعة تحت الفكر التغريبي بدرجات مختلفة غير أن ما يجمعها وتشترك فيه هو الميل عن مقاصد الإسلام والميل نحو مصالح الغرب والجعجعة الخطابية باللهجات العامية عبر وسائل الإعلام عن أعمالهم وإنجازاتهم. لقد انقضى عهد الخطابة بالفصحى لزعماء الأمة الذين تربوا على النهج الإسلامي ولغة القرآن قبيل النصف الثاني من القرن العشرين وجاء عهد تلويث الأسماع بالخطابة العامية.

(ج) استخدام وسائل الإعلام والثقافة للعاميات:

أصبحت وسائل الإعلام والثقافة ذات تأثير قوي للغاية على الناس في كل أنحاء العالم غير أن تاثيرها السلبي يشتد ويقوى كلما كان الإنسان أمياً وجاهلاً أو ضعيفاً في أخلاقه. وبما أن الأدوات التي تستخدم في مجال الإعلام والثقافة كثيرة ومتنوعة فإنها حين تطغى عليها اللهجات العامية على حساب اللغة الفصيحة وتلوث المحيط الاجتماعي صوتاً وصورة تكون كارثية في نتائجها الآنية ووخيمة في عواقبها البعيدة. وأدوات الإعلام والثقافة كثيرة, منها المطبوعات بمختلف أشكالها وأغراضها والصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح وشبكة الاتصالات المسموعة والمرئية ومنابر الخطابة في المساجد والمحافل الاجتماعية العامة والخاصة وسوف نستعرضها بإيجاز كما يلي:

-1 الصحف والمطبوعات:

بدأت اللهجات العامية تتسلل إلى الصحف وسائر المطبوعات في شكل أشعار عامية أو إعلانات دعائية أو كتابات خفيفة أو نكت للدعاية. وأسباب ظهور هذه العاميات مطبوعة في صحف أو كتب يختلف من حال إلى آخر. فأحيانا يكون الدافع فنياً وشعبياً وأحيانا يكون الدافع مشبوهاً ومشوباً بالانعزالية والتغريب الثقافي الذي تبدأ سياساته بمزاحمة الفصحى على كل المستويات وتطبيع وتطعيم اللهجات العامية ببعض الكلمات الأجنبية التي تتسلل أيضاً إلى اللغة الفصحى. وأخصب المجالات للتغلغل هو الأزجال الشعبية والشعر العامي الذي يدفع به مكتوباً إلى صفحات الجرائد والكتب والمطبوعات الأخرى بعد أن كان يتداول شعبياً بالسماع في كل حقبة تاريخية حتى ينقرض.

-2 الإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح والغناء:

منذ أواخر القرن التاسع عشر المسيحي تأثر العرب ببعض الفنون الأوروبية في أوروبا من رواية ومسرحية وقصة وما تبعها بعد ذلك من مسرح وسينما وأفلام ومسلسلات إذاعية وتلفزيونية وغناء مذاع ومصور نتيجة الهيمنة السياسية للغرب على الساحة الثقافية. فكانت اللغة الفصحى تتصدر العامية في بادئ الأمر غير أن العاميات زحفت ببطء في مختلف الميادين لأسباب كثيرة تتعلق بمستوى المؤلفين وحاجة السوق التجارية وبمحاولة جذب وتوسيع قاعدة المتلقين من الجمهور والنزول إلى مستواهم وفقاً لبعض النظريات الأوروبية المتعلقة بالفكر الواقعي والدعوات الاستشراقية التغريبية الهدامة لأصالة اللغة العربية الفصيحة والمؤيدة لانتشار اللهجات العامية رسمياً كبديل حضاري حسب زعمهم للرقي والتقدم واللحاق بالغرب الأوروبي كما يوهمون به السذج من الناس أو ما قد يجد تقبلاً في نفوس الانعزاليين وأعداء العروبة والإسلام. ونظرية الواقعية في الأدب تدعو إلى استخدام العامية كلما كان ذلك ممكناً ومقبولاً حتى تنزل إلى مستوى الجماهير العريضة في القضايا الاجتماعية لتكسب نصرتها لها سياسياً. ونحن نعلم أن الرقي والتطور لا يكونان إلا برفع الناس وتطويرهم لغوياً وثقافياً وحضارياً. فالوسيلة النبيلة تستخدم لبلوغ الغاية النبيلة ، أما استخدام وسيلة خسيسة للوصول إلى غاية نبيلة فإن التجارب التاريخية والمعاصرة تثبت عكس ذلك. واليوم بعد أن تطورت وسائل الإعلام المسموعة والمشاهدة فإن طغيان استخدام العامية الملوثة قد أصبح وباءً ضاراً على أسماع المتلقين من الصغار والكبار المتعلمين والذين يتعلمون. فهذه الوسائل تسمع وتشاهد في البيوت من خلال المسلسلات والأفلام والمسرحيات والحوارات والغناء باللهجات العامية. وبما أن معظم الغناء يدور حول موضوع الحب الذي ينشغل به معظم الناس فإن شعراء العامية يسيطرون على الساحة الغنائية بحيث جُعل الغناء باللغة الفصيحة أمراً صعباً بعد أن عملت حركة الحداثة التغريبية في النقد الأدبي على الإقلال من شأن الشعر العربي العمودي والموزون الذي تغنى به بعض عمالقة الغناء العربي من الرجال والنساء في القرن الماضي.

-3 المحافل الاجتماعية العامة والخاصة:

حيثما رأيت أو سمعت مكرفوناً فاعلم أنه لمحفل عام أو خاص. فالاجتماعات السياسية المغلقة والمفتوحة تسيطر على خطاباتها وحواراتها اللهجات العامية كما أن العامية تسيطر على المؤتمرات والندوات والمنتديات. أما الاحتفالات الشعبية لأغراض اجتماعية فحدث ولاحرج بل إن منابر المساجد في بعض الأحيان قد داخلتها العامية للوعظ والإرشاد والتفسير. والسبب الرئيس في كل ذلك هو ضعف التعليم عموماً وسيطرة الأنظمة العسكرية على شؤون الحكم والإدارة مدة طويلة في البلدان العربية. ومعظم القادة العسكريون يكثرون من الخطب الرنانة والطويلة بالعامية وتكرارها في وسائل الإعلام التابعة لهم على أسماع شعوبهم طوال الوقت غير عابئين بلوثة العامية على أسماع الناس.

-4 شبكة المعلومات والاتصالات الالكترونية:

دخلت حديثاً شبكة المعلومات الالكترونية والتلفونات المنقولة ضمن وسائل الإعلام المختلفة. ومعظم المتعاملين فيها من أجيال الشباب الذين تتراوح معرفتهم باللغة العربية الفصحى بين شبه الأمية والتعليم العالي. غير أن اللهجات العامية تسيطر على عقولهم عند الحديث أو الكتابة فتراهم يتحاورون ويدونون باللهجات العامية كتابة وقولاً على التلفونات المنقولة وعلى شاشات الشبكة والمعلومات الالكترونية وخصوصا أن كثيراً من البرامج المخططة للنزعات الانعزالية والترفيهية تستخدم اللهجات العامية من خلال مناظر الإغواء والغواية ومن خلال إيهام الشباب التائه بالسطوع في نجومية معينة. والهدف الأساسي لهذا النوع من الأنشطة هو حرف الشباب عن قضاياهم العربية والإسلامية باستخدام اللهجات العامية للترفه والانعزال والابتعاد عن لغة القرآن والجهاد.

(4)المؤامرات الغربية على لغة القرآن والإسلام والعروبة:

منذ دخول الاستعمار الغربي إلى الوطن العربي محتلاً في القرن التاسع عشر المسيحي ومحاولات فرض الحصار الثقافي على اللغة العربية والقضاء عليها تدريجياً كجزء من تحطيم أسس الإسلام والعروبة القائمة على القرآن والسنة والشريعة لم تنقطع حتى الآن. ففي بلدان المغرب العربي حوربت اللغة العربية ومنع تعليمها من الأساس وتم استبدالها باللغة الفرنسية رسمياً وفي مصر ولبنان والعراق ظهرت دعوات للكتابة بالحرف اللاتيني بدلاً من الحرف العربي ثم ظهرت دعوات لاحقة في بعض الدول لاستخدام العامية واللهجات المحلية بدلاً من اللغة العربية الفصيحة وقد قام بذلك المسؤولون الأوربيون والمستشرقون وساندهم في ذلك بعض الشخصيات الثقافية في الوطن العربي أحيانا لأسباب تتعلق بعاهاتهم الثقافية أو أحوالهم الانعزالية. ثم تستر المتآمرون بعدائهم على الفصحى(لغة القرآن) بدعاوي أخرى مثل إصلاح اللغة أو تطوير التعليم أو إثارة الشبهات حول أصالة اللغة العربية أو صلاحيتها كلغة للحضارة واستخدام اللغات الأجنبية في تدريس العلوم وغير ذلك من الأساليب الاستعمارية والتغريبية والانعزالية في قتل هوية الأمة.

أما اليوم فإن التآمر على الفصحى ينصب أساساً على الاهتمام الكبير باللهجات العامية المحلية وتشجيع استخدام اللغات الأجنبية في التعليم والتجارة والخدمات الأخرى. وإذا كانت جميع الوسائل التي استخدمها أعداء اللغة العربية قد نجحت جزئياً في بعض المناطق من العالم الإسلامي مثل كتابة بعض لغاتها بالحرف اللاتيني بدلاً من الحرف العربي في آسيا وإفريقيا فإنهم الآن قد اقتنعوا اقتناعاً تاماً بأن خير وسيلة وأبسطها لمحاربة اللغة الفصحى هي نخر اللغة العربية الفصيحة وتدميرها من الداخل بوساطة استخدام اللهجات العامية المحلية في الوطن العربي وخارجه. ففي مقابلة مع الدكتور عبد السلام المسدي مع مجلة «العربي» الكويتية في عدد أكتوبر لعام 2007م وهو أستاذ في علم اللغة ووزير ثقافة سابق في تونس يقول:«ولايخفى أن وضعاً دولياً إصبح يساعد على الزهد في اللغة العربية الفصحى، وأصبح يشجع على أن تنمو حقول التداول بالعاميات، لتحل العاميات محل العربية الفصحى. وهذا ليس من باب المؤامرة لأنه لم يعد شيئاً مسكوتاً عنه، وإنما أصبح شيئاً مرسوماً في سجلات الخطط الاستراتيجية الدولية سواء الأوروبية منها أو الأمريكية». ثم يذكر مثالين لما تمارسه الدوائر الغربية والأمريكية من التآمر على الفصحى بتشجيع العاميات. الأول أنه جاء منها فريق إلى الاسكندرية في مطلع 2003م وعرض تمويلات سخية في إنجاز مسلسلات جديدة للأطفال شريطة أن تكون المسلسلات بالعامية لا بالعربية الفصحى، والثاني إصدار تشريعات تربوية جديدة في الدول الأوروبية مثل فرنسا تلغي اختيار اللغة العربية الفصحى كلغة أجنبية في البكالوريا وتحل محلها مجموعة من العاميات. فقسمت العامية العربية في النظام التربوي الفرنسي الثانوي إلى ثلاث مجموعات:

العامية المتصلة بشمال إفريقيا ثم العامية المصرية ثم العاميات الشرقية. بينما نحن نعامل اللغة الفرنسية ونتعلمها حسب أصولها اللغوية التي وضعتها الأمة الفرنسية احتراماً لثقافة الشعوب. وحينما بدأ هجوم الغرب الاستعماري على الوطن العربي في القرن التاسع أرفق سياساته اللاحقة بمحاربة اللغة العربية الفصحى وتشجيع العاميات حينما وجد أن الإسلام يقف عائقاً أمام تنفيذ سياساته. فاهتم المبشرون والمستشرقون بدراسة اللهجات العامية في مختلف البلدان العربية كما اهتموا بجمع الأمثال والأزجال الشعبية والاعتناء بها وقاموا بتأليف الكتب للتعليم باللهجات العامية المحكية وشجعوا استخدام اللهجات المحلية في المناحي الثقافية والاجتماعية كافة.

واليوم وفي ظل الهجمة الجديدة للغرب الاحتلالي تنتشر القنوات الفضائية المنوعة التي تتصدرها المذيعات الفاتنات باللهجات العامية وتدار معظم البرامج فيها من حوارات وغناء ومسلسلات واحتفالات باللهجات العامية ويكرر الشيء نفسه في الإعلانات وتقام المهرجانات وتكتب بها على مختلف الشاشات المرئية التي نستخدمها من تلفزيون وحاسوب وتلفون. قد تكون أسباب ذلك تخلفاً وضعفاً ثقافياً وانحطاطاً حضارياً غير أن ترتيب الأمور الأساسية لقواعد انطلاق العاميات وعرضها على حساب الفصحى في وسائل الإعلام والثقافة وراءه خطط واضحة مقصودة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى