هل نحن شركاء؟

> د. عبدالناصر الوالي:

> إلى الأحبة القابعين في معتقلات صنعاء (حسن باعوم، علي منصر، أحمد عمر بن فريد، يحيى غالب، علي هيثم، عباس العسل، وحسين زيد بن يحيى، وأحمد القمع.. و.. و..).

كثر اللغط في الآونة الأخيرة حول الحراك الجنوبي الرافع للقضية الجنوبية.. من يقف خلف هذا الحراك، وماذا يريدون منه؟ وما هو سقف هذا الحراك؟ وإلى متى سيستمر؟ والعديد من الأسئلة الأخرى حول هذا الموضوع من مختلف التيارات والمشارب الحزبية والوطنية.

تثار هذه الأسئلة وتدار نقاشات حول الإجابات عنها، وكأنما الإجابة النظرية عن هذه الأسئلة ستحل المشكلة وتنهيها.

إننا نؤكد هنا أن القضية الجنوبية هي قضية الوطن ككل، ولكننا نعلم بأن كل جزء من هذا الوطن له خصوصياته (ثقافته عاداته تقاليده روابطه الاجتماعية أنظمته وقوانين مؤسساته ومواطنيه)، وهو يتفاعل مع محيطه الوطني الكبير من خلال خصائصه المحلية، وعليه فإن الانشغال بالهم الوطني الكبير، والإحساس العام بمعاناة الوطن بكل تفاصيلها وعلى كل جزئية من تراب هذا الوطن الكبير ، لاتنفي أن حجم المعاناة اليومية القاسية تجعل أبناء الجنوب يبتكرون أنماطا وأشكالا لنضال محلي ذاتي تحت مسميات عديدة، تعزز روح المبادرة لدى المواطنين لابتداع أشكال نضالية ووسائل سياسية عديدة وخلاقة، وهي وسائل متعددة متنوعة ومختلفة، ولكنها جميعها تعزز من وحدة الصف والتراص أمام الوسائل السلطوية المقابلة المتسمة بالصلف والنمطية والقمع.

إن كل هذه الوسائل والأشكال المتعددة للنضال السلمي في الجنوب ما هي في الأخير إلا وسيلة من وسائل الدفاع السلمي ذات البعد الوطني، الذي يراعى فيه مصلحة الوطن العليا أولا وقبل كل شيء.

إن كل هذه الوسائل والفعاليات تعي تماما أن الوحدة مطلب مهم وحيوي، ومعالجته تتطلب الكثير من الحكمة والصبر والتضحية من الجميع، ولكننا في الجنوب نرى أن القضية الجنوبية (قضيتنا الوطنية) هي قضية مصير أرض تسلب وأنفس تزهق وأرواح تقهر ووظائف تصادر وحقوق تنتهك.

إن الوحدة بالنسبة لنا تعني التوسع الاقتصادي والاجتماعي والقوة السياسية والتنوع الثقافي، وتعني أيضا ازدياد مساحة الإنتاج وزيادة مصادر الطاقة والغذاء، وتعني التكاتف والتآزر في مواجهة المستقبل، ولم يكن يدر في خلدنا يوما أن الوحدة تعني الإحلال، لم نكن نعلم أن الوحدة تعني أن يحل كل ما هو شمالي محل كل ما هو جنوبي، لم نكن نعلم أنه سيتم إحلالنا بالبدائل في الوظيفة العامة والخاصة، في الأرض والسكن، في المدرسة والجامعة، في المعسكر والإدارة، في الشارع وحتى في الملعب.

الآن الشعب في الجنوب قال كلمته، رفض الظلم والضم، رفض الخنوع والانصياع، ويرفض حتى المشاركة الصورية. الجنوبيون يتكلمون اليوم بالمفتوح بأن وحدة 22 مايو 90م لم تعد موجودة، وقد وئدت في المهد، ووحدة 7 يوليو غير شرعية ولاتلزمهم. ما هو الحل إذا؟.

لا أحد يدعي أنه يملك الحق أو الحقيقة المطلقة، وأن رؤياه هي الحل، ولكننا نقول إن العقلاء والحكماء في اليمن اليوم مطلوبون إلى التداعي إلى طاولة حوار مستديرة لا غالب فيها ولا مغلوب، لا منتصر ولا مهزوم، طاولة يلتف حولها جميع أطياف العمل السياسي الوطني من أبناء دولة الشمال سابقا، وأبناء دولة الجنوب سابقا، يتفقون حول مفهوم وطني إنساني جديد للتوافق المتكافئ والمتساوي والعادل، طاولة كل شيء فوقها قابل للنقاش لا خطوط حمراء ولا استقواء، يحدد فيها ممثلو الشعبين كل ما يستطيعون أن يتوافقوا عليه، وما لايتوافقون عليه، وليستفتوا الشعب فيها، وحينها سيقول الشعب كلمته النهائية والحاسمة، وبيده أن يقرر مصيره، وهو القادر.

إن الحوار هو المدخل الوحيد للإجابة عن كل تلك الأسئلة، وهو المخرج الوحيد الفعال والآمن الذي لايزال ممكنا قبل أن نصل إلى مرحلة اللاحوار، والتي بالتأكيد لن يفيد بعدها أي حوار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى