المحافظون في دولة القانون

> شيخ طارق محمد عبدالله المحامي:

> المحافظ هو الشخص الذي يحكم منطقة أو محافظة من الدولة، فهو يراقب أو يقوم من خلال توجيهاته بإدارة الشؤون العامة للمنطقة أو المحافظة، ويعمل على تنفيذ سياسة الحكومة باعتباره ممثلاً للدولة، فالمحافظ هو الإداري الأول والموظف المدني الأول للمحافظة التي يحكمها ويقوم بتطبيق وتسيير فاعلية القانون في الإدارة اليومية بصفته يمثل الحكومة لخدمة الشعب .

إن المطلوب من إدارة المحافظ لواجباته ومسؤولياته المتعددة والرقابة التي يمارسها والتعليمات والأوامر التي يصدرها أن تكون وفق أحكام التشريع النافذ ومكافحة الفساد .

إن المحافظ ليست لديه صلاحية خاصة، فهو ملزم بالقانون أسوة بأي موظف مدني مسؤول من موظفي الدولة، وعليه أن يسترشد بالقانون ويعمل به.. فالمحافظ الذي يرغب في تحمل مسؤولياته يجب عليه أن ينصف المنصب الموكل إليه من خلال فهمه لمهامه بصورة سليمة، وذلك لخدمة الشعب والبلاد .

إن المحافظ يتعين عليه أن يدرك أن سلامة المتطلبات الأساسية جداً للديمقراطية تكمن في متطلبات البلاد بموجب حكم وسيادة القانون.. وعليه وباستمرار الرجوع إلى أحكام القانون لأخذ الاستشارة المطلوبة من المستشارين القانونيين والفنيين في المجالات المختلفة قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بمسألة هامة، وينبغي عليه الاهتمام ـ بوجه خاص من خلال الإدارة اليومية لشؤون المحافظة بحقوق المواطنين، إذ أنه ـ بعد الرئيس ورئيس الوزراء ـ يصبح المحافظ الشخص المسؤول الذي يتحمل مسؤوليات جسيمة، حيث يصبح مصير الشعب والمحافظة التي يحكمها بين يديه، وهي أمانة يتحملها أمام الله وأمام الوطن والشعب .

نظراً للأهمية البالغة لهذا المنصب ينبغي على الأحزاب والمواطنين اختيار الشخص الأفضل والأكثر قدرة، والذي لديه ثقافة سليمة ومعرفة واسعة وخبرة وحنكة ودراية في الشؤون العامة والإدارة .. كما ينبغي أن يكون هذا الشخص من ذوي الاطلاع الواسع والإدراك العميق في تسيير دفة الجهاز الحكومي، كما ينبغي عليه أيضاً فهم وإدراك الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالبلاد ومدى ارتباطها بالسياسة الداخلية والشؤون الخارجية، وينبغي أن يكون محبوبا في المنطقة أو لديه القدرة على كسب هذا الحب والتأييد، وأن يكون من النوع الذي لايؤمن في السلطة كوسيلة لحل المشاكل على أن يتخلى عن الأفكار السابقة، وأن يلتزم بالتفكير الجديد .. وعلاوة على ذلك يجب أن يحترم القانون ويدعم الأجهزة والمؤسسات القانونية بكافة أشكالها، وأن يدرك أن مثل هذا الأمر يقع على عاتقه، كما أنه من صلب واجباته المساهمة في تعزيز مهام العمل القضائي واستقلاله .. كما يتعين عليه أن يدرك أنه لا يمكن للدولة أن تحقق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية... إلخ .

كما لايمكن تحقيق الهدف الذي من أجله قامت وحدة اليمن الحبيبة - دولة القانون في ظل الوحدة والتي تعذر الوصول إليها - إلا إذا وضع القانون فوق كل شيء من أجل سيادة القانون .

والأكثر من ذلك، فإن صفات الأمانة والاستقامة والإرادة القوية يجب أن يتصف بها المحافظ، لأنه دون هذه الصفات لايمكن له أن يحقق الأهداف المرجوة منه .. فالمحافظ الحقيقي هو الشخص الذي يمكنه القيام بكل هذا حتى يحس المواطن أنه بالفعل باشر بإحداث تغيير ملموس في هذا الجانب .

إن اختيار المحافظ لمحافظة معينة يجب أن يحظى بالاعتبارات الجدية، لذلك فإن المحافظين في مقاطعات أومناطق أو محافظات مختلفة بحاجة إلى صفات، ميزات ومتطلبات مختلفة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر فإن المحافظ في المنطقة الريفية والقبلية لديه ظروف واحتياجات مختلفة عن المحافظ في المنطقة المدنية .

إن الناس يتحدثون عن المستويات كافة ابتداءً من الشارع فصاعداً، على أن أكثر من محافظ في الماضي كان غير لائق لمنصبه الذي يشغله، لأنه لم يتمكن من تحسين النظام الإداري والتخفيف من (نظام) الرشوة السائد، والذي بدونهما استحالة لتحسين الوضع الاقتصادي والاستقرار في اليمن . أما بالنسبة لمنطقة أكثر تطورا إداريا، وعلى سبيل المثال (محافظة عدن)، التي كانت عاصمة دولة مستقلة، حيث كانت البلدية (الإدارة المحلية) من النوع المتطور والأكثر حداثة في الشرق الأوسط .. إن المحافظ الجديد الذي تم اختياره لديه مؤهل علمي قانوني، ولذلك فهناك أمل بأنه سوف يكون مناسبا لهذا المنصب، وهنا ربما أضيف بأن جميع محافظي محافظة عدن في الماضي ـ منذ قيام الوحدة ـ كانت لديهم صفات معينة، ومع ذلك آسف أن أقول مع خالص اعتذاري لهم بأنهم قد أخفقوا في مهامهم الرئيسية ذات الصلة في خلق نظام إداري جيد ومكافحة الفساد، أحد الأمرين إما عدم رغبتهم في القيام بذلك، وإما عدم قدرتهم على ذلك! .. فهل بإمكان المحافظ الجديد أن يقوم بذلك؟. إن مواطني عدن ترحب به وعلى استعداد لمساعدته، ونسأل المولى عز وجل أن يساعده في أداء مهامه، وكذا بالنسبة لبقية المحافظين والشعب اليمني .. آمين .

وأقول بكل سعادة إن يوم الثاني والعشرين من مايو هو تاريخ ميلادي، وسأظل على ثقة كاملة في استمرارية و دوام الوحدة، ومع ذلك أقر أنه لم تكن لدي الرغبة هذه السنة في الاحتفال به .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى