الشراكة المتوازية

> السفير/نبيل خالد الميسري:

> ما أجمل أن نرى الألوان بصفائها، والأشياء بحقائقها، والأسماء بمعانيها، خاصة أن التجارب عديدة، والدروس كثيرة، ورغم كل ذلك فإن مصالحنا الضيقة تجرنا في اتجاه آخر، بحيث تمتزج الألوان وتتغير الأشياء والأسماء، فننشغل بها، ونتوه في عالم آخر.

مصطلحات وشعارات الأمس هي نفسها مصطلحات وشعارات اليوم، لكن معانيها متغيرة في نظر القلة، وهنا أساس انشقاقها عن الغالبية التي لاتزال مؤمنة بآمالها القديمة المتجددة.

فالثورة والوحدة وأهدافهما لاتزال نفسها في ضمائر كل أبناء الوطن، في حين تراها القلة هي السلطة والثروة، ولهذا لابد من فرز حقيقي بين من ينضم للقاعدة الواسعة في مفهومها، وبين من يتمسك بالسلطة والثروة أو الموت دونهما، وهنا ضرورة الفرز بين الألوان والأشياء والأسماء بحقائقها.

أبطال ثورتي سبتمبر وأكتوبر الحقيقيون، منهم رحل لجوار ربه ومعظمهم يشاهد اليوم أبناءه يعيشون بمصطلحات وشعارات غريبة وخطيرة، فالقضاء على الاستعمار والإمامة والظلم والاستبداد وبناء جيش وطني وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي والحقوق العامة والعدل والمساواة.. وغيرها وغيرها من المصطلحات والشعارات ينظرون إليها بأكثر إيمانا وصلابة من حماسهم الأول، ولهذا كما ضحوا بحياتهم للثورة والوحدة فإنهم لن يبخلوا بحياتهم الباقية في الدفاع عن تلك الأهداف التي حلموا بها، بل وسيلقنون أبناءهم وأحفادهم المضي لتحقيقها وفقا لمتغيرات القرن الواحد والعشرين.

الوطن ليس ملك أحزاب أو أفراد ولا قبيلة بعينها، فالوطن ملك أبنائه، والحفاظ عليه مسئوليتهم بدرجة رئيسية، والثورتان ملك لأبناء الشطرين، والوحدة اتفاق التراضي بالشراكة، وحيث لايمكن لأحد أن ينكر الدور الذي قام به رجال كثر من قيادات السلطتين شمالا وجنوبا آنذاك في إعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية، وهي خطوة عظيمة تسجل للنظامين الشموليين، لكن بمنظار اليوم لم تشرك كافة أبناء الشطرين، رغم مباركة كل أبناء اليمن حينها بهدف التخلص من أوضاعهم السابقة والأمل بدولة النظام والقانون.

وحتى لانمزج بين الألوان أو نغير الأشياء، فلابد من اتباع الحكمة الهادفة لتعزيز الوحدة الوطنية أولا وقبل كل شيء، لأن من خلالها تتعزز الوحدة اليمنية، وعلى الخيرين- وهم الغالبية- تدارسها بروح وطنية خالصة، ومع كل الخطوات التي تحاول السلطة إنجازها وفقا لرؤيتها للحفاظ على الوطن، وكذا مع كل المتطلبات التي تحاول المعارضة بمختلف أشكالها طرحها، إضافة إلى طموح وآمال الغالبية المستقلة من أبناء الوطن، فإن استقرار وحدة الوطن وبناء دولته المنشودة تشترط العودة إلى الأصل، بإعادة تفعيل أهداف الثورتين واتفاقية وحدة الشراكة المتساوية بين الشطرين، والعمل على إنجاز ذلك من خلال هيئات منتخبة من أبناء الشطرين بالتساوي، ويمكن حصرها في الهيئات الآتية:

- الهيئة العليا لإعادة إعداد دستور البلاد والحفاظ عليه.

- الهيئة العليا لإعادة إقامة سلطة قضائية مستقلة.

- الهيئة العليا لإعادة بناء القوات المسلحة والأمن على أسس وطنية ومحايدة.

- الهيئة العليا للحفاظ على الثروات والمال العام.

- الهيئة العليا لإقامة نـظام الـحكم الـمحلي.

- الهيئة العليا للحريات العامة.

- الهيئة العليا للوظيفة العامة.

هذه هي الهيئات العليا المنتخبة، التي يمكن بمجموعها أن تشكل أعلى سلطة في النظام للحفاظ على المواطن والوطن والوحدة والدولة، ويمكن لها أن ترسم مستقبل بناء دولة النظام والقانون بالاتفاق والتراضي، وتكون مهمتها الأولى إعداد الدستور والقوانين الرئيسية المكملة له، وعرضها على أبناء الوطن للاستفتاء عليها، ومن ثم تكون أساس نهج النظام.

مشاهد الصراعات في العراق، الصومال، لبنان، السودان، وفلسطين دروس هامة ينبغي الاستفادة منها، كما أن الأوضاع الداخلية، سواء في شمال الوطن أم في جنوبه، بل وفي معظم المدن ينبغي أيضا عدم تجاهلها أو التقليل من مترتباتها على الوحدة الوطنية، لهذا فإشراك أبناء شركاء الوحدة للحفاظ على الوحدة، وإشراك أبناء اليمن كافة ضرورة لاستقرارها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى