مايو.. الذكرى والتذكير

> عبدالله ناجي علي:

> في ظل أوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية تمر علينا مناسبات وطنية دون أن نستمتع بفرحتها وبهجتها بالشكل الذي يليق بها.. خاصة عندما تكون هذه المناسبة عيد (الوحدة)، بالرغم مما فيها من اختلالات..!! ونعتقد أن الوحدة بمحتواها الحقيقي وبما تعنيه من خير واستقرار ونماء تعود لصالح الشعب، وأن الوحدة بهذا المضمون الاجتماعي التنموي لم توجد بعد، وهذا لايعني أن الخلل في الوحدة نفسها.

بل بالعكس، فالخلل يعود إلى السياسات الخاطئة التي مورست باسم الوحدة منذ تحقيقها، مرورا بالمماحكات السياسية التي أوصلتنا إلى الأزمة، ثم الحرب، فإعلان الانفصال، وانتهاءً بالمعاناة التي يعيشها اليوم الشعب بسبب الفساد وسوء الإدارة وغياب المواطنة العادلة.

وما يميز العيد بوحدتنا (المجروحة) هذا العام أنه جاء متزامنا مع التوجه لانتخابات المحافظين كخطوة أولى نحو تطبيق الحكم المحلي كامل الصلاحيات باعتباره المنقذ للمشروع الوحدوي المتعثر.. ويجب تطبيق الحكم المحلي في أسرع وقت، لأنه يمثل المقدمة الأولى لمحاربة الفساد والشروع بالإصلاحات الشاملة، ونتمنى أن تتحول الوعود المبشرة بالحكم المحلي إلى فعل ملموس، فالناس ملت الخطابات والوعود الكاذبة.. وكل ما يريده الشعب هو تطبيق حكم محلي كامل الصلاحيات، من خلاله نستطيع أن نحقق العدالة في توزيع الثروة ومحاربة الفساد المنظم وتحقيق المواطنة العادلة.

كل هذه الإشكاليات فيما إذا تم حلها على أرض الواقع حينها سيشعر الشعب بنعيم الوحدة الحقيقي، وسيكون لأعيادنا الوطنية نكهة ومذاق خاص.. فالوحدة بمفهموها الاجتماعي والتنموي وليس وحدة عودة الفرع إلى الأصل.. تحتل مكانة في نفوس الوطنيين الشرفاء، وهم وحدهم من يحافظون عليها كحدقات أعينهم، لأنها- أي الوحدة- تمثل العزة والكرامة والقوة لعامة الشعب، وليس للصوص الوحدة، الذين بممارساتهم اللاوحدوية أفرغوا الوحدة من محتواها الاجتماعي، وتحولت بسببهم إلى جسد بلاروح..!! فالوحدة مشروع اقتصادي واجتماعي كبير، ومن خلاله يستطيع الشعب أن يعيش حياة حرة وكريمة إذا ماصدقت نيات الساسة، فنحن بلد غني بالثروات، وما ينقصنا هو التحلي بوعي تنموي لدى قيادتنا السياسية، تطبق فقط (الحكمة العمانية).. فسر النهضة التنموية في سلطة عمان الشقيقة هو إعطاء الكفاءات العلمية مواقعها التي تستحقها، وإدارة شؤون المجتمع عن طريق دولة المؤسسات وسيادة النظام والقانون، فبلادنا بحاجة ماسة لعمل مؤسسي لأجهزة الدولة تدار بإدارة حديثة من خلال حكم محلي كامل الصلاحيات لكي نعيد لليمن السعيد تسميته المفقودة.

ففي هذه المناسبة الوطنية الغالية على قلوبنا يجب علينا كواجب وطني وديني وسياسي أن نضع قيادتنا السياسية أمام الصورة الحقيقية التي يعيشها شعبنا المغلوب على أمره.. ونقول لهم إن الأمور ليست على مايرام مثل ما تسمعون من بعض الكتاب المنافقين، والطامة الكبرى أن نحتفل هذه العام بعيد الوحدة والسجون مليئة بسجناء سياسيين، وسجناء رأي ومعظمهم من الجنوبيين (...). فواقعنا الوحدوي المختل بحاجة إلى إصلاح حقيقي، وهذا يتطلب من قادتنا السياسيين في السلطة التسلح بإرادة سياسية تعترف أولاً بالمشكلة الجنوبية، ومن ثم تبدأ بخطوات جادة وملموسة لتصحيح الاختلالات التي أفرغت الوحدة من محتواها الحقيقي.. ما لم فإن القادم ينذر بكارثة نتمنى أن لاتحدث، والمطلوب من حكماء الوطن أن يقوموا بإصلاحات شاملة تتقدمها الإصلاحات الوحدوية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى