كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> ما الذي يريده الناس في كل دولة من دول العالم؟.. هل يريدون الأمن والأمان والاستقرار والسلام وحرية الرأي والرأي الآخر والعمل والدين والعقيدة؟.. وهل يريدون حق تقرير المصير الذي كفله القانون الدولي؟.. هل هذه هي رغبة الناس.. ملايين الناس في مختلف الدول والسياسات والطبقات والاهتمامات والمصالح؟.. وهل هناك رغبات مختلفة عند أكثر الناس في أي وقت وفي أي مكان؟.. مثلا أن يحدث تغيير في أي نظام وفي أي شيء؟.

> يقول باسكال يونيفيس (مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس سابقاً.. في دراسة له بعنوان: تفتت الدول وعصر التشرنق الاستراتيجي):«لقد أدى حق الشعوب في تقرير المصير الذي يكفله القانون الدولي بصورة مطلقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى بعض النتائج المعاكسة.. فقد أثبتت جميع الحالات أن ذلك الحق يتناقض تماماً مع مبدأ آخر يكفله القانون الدولي منذعام 1945م.

> ومع استمرار حق تقرير المصير في التهام مبدأ وحدة وتكامل أراضي الدول في السنوات الأخيرة - وربما المقبلة - فإن الموجهة العارمة لتفتت الدول ستكسب المزيد من القوة لتصطدم بعدد من البلدان التي تعتبر الآن بلا شك موحدة.. وأكبر هذه الدول هي الصين.. التي ربما تصبح أقل تماسكاً مما هي عليه الآن.. وتعاني الهند أيضاً من ضغوط انفصالية قوية.. فعلى الحدود مع باكستان يكافح السيخ من أجل إقامة دولة (خالستان) مستقلة.. وعلى سفوح جبال الهملايا تختمر حركة انفصالية (جورخية) شعب من أصول نيبالية.. وفي كشمير تواجه الهند حركة إسلامية انفصالية.

> وفي البرازيل كان الجنوب يواجه الشمال.. حيث يشكو المواطنون المقيمون في الأقاليم الجنوبية الأكثر ثراء أنهم يعيلون الشمال الفقير.. ويعتقدون أن بلدهم سيكون غنياً إذا استطاع أن يتخلص من جميع أراضي شمال (ريودي جنيرو).. ويقول أحد زعماء الحركة الساعية إلى تجزئة البلاد: «إن الانفصال هو الوسيلة الوحيدة التي بواسطتها يمكن للبرازيل أن تحرر نفسها من تخلفها».

> وتعرف المكسيك الظاهرة نفسها.. باستثناء أن الشمال المتطور والديمقراطي والأغنى نسبياً.. هو الذي يشعر بالاستياء من الجنوب الفقير الذي يقطن في معظمه الهنود ويتزايد العنف باستمرار.. ويعيش العراق حالة حادة من الانفجار.. حيث توجد هناك منطقة سنية حول بغداد.. ومنطقة شيعية في الجنوب.. وأخرى كردية في الشمال.

> وحتى في الغرب - رمز الأمن العسكري والازدهار الاقتصادي وسلامة الأراضي- كانت تتجمع سحب عاصفة الانفصال.. وتوضح لنا الأرقام هذه الصورة: في عام 1920م كان في أوروبا 23 دولة و18 ألف كيلومتر من الحدود.. وفي عام 1992م أصبح هناك 50 دولة و40 ألف كيلومتر من الحدود.

> والاتحاد السوفيتي السابق كان في غاية التآلف مثل تآلف النظام السياسي الذي كان يحكمه - وباستثناء المتخصصين المتفردين - كان معظمنا يعتبر ببساطة أن كل سكان البلاد هم سوفيت.. فدعاية موسكو التي روجت لخلق سوفيت متجانسين كان تأثيرها في الخارج أكبر بكثير من تأثيرها في الداخل.. ومع ذلك فلننظر إلى أسباب الثور السوفيتية الانفصالية.. كانت اقتصادية أكثر منها استراتيجية.. مالية أكثر منها سياسية.

> أما عندنا فالناس يريدون التغيير المطلوب.. ولن يتحقق هذا التغيير إلا بالحكم المحلي كامل الصلاحيات والعدالة الاجتماعية.. معالم الطريق إلى نظام أفضل وأجمل!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى