> نجيب محمد يابلي:
لم يعد المواطن العربي يكترث بذكرى نكسة الخامس من يونيو (حزيران) 1967م، لأن الواقع العربي والإسلامي أصبح مترعا بالنكسات على مدار العام.
لايختلف اثنان من الذين عايشوا ذكرى النكسة على أنها عصفت بالإنسان العربي من خليجه إلى محيطه، وتضاعفت النكسة، بل وتضاعف وقعها في النفس عندما ظهر الزعيم الكاريزمي جمال عبدالناصر على شاشة التلفزيون المصري مساء 9 يونيو 1967م وأعلن مسئوليته عن النكسة، وتنحى عن السلطة وكافة مواقعه الأخرى.. وتراجع عن التنحي بعد خروج جماهير 9 و10 يونيو 1967م.
أما العملاق الآخر فهو الصحفي والكاتب والمفكر المصري العربي الكبير أحمد بهاء الدين (1927- 1996م) - رحمه الله - الذي تبوأ مركز القيادة في الصحف والمجلات والمؤسسات الصحفية الكبرى، ومنها على سبيل المثال: (روز اليوسف) و (الهلال) و(أخبار اليوم) ومجلة (العربي) الكويتية، وبقدر حجمه بالمعرفة والثقافة والصحافة كان حجمه بالقدر نفسه إنسانا وكاتبا وفنانا وأمثاله قليلون في الوطن العربي.
كانت مواقف وقناعات الراحل الكبير بهاء الدين مؤسسة على الفهم الصحيح للإسلام والعلم والحرية والتنمية، وكان يفصح عن رأيه في كل قضية تطرح، ولم يجعل نفسه في يوم من الأيام أحد شعراء البلاط، وكل هذه المناقب وردت في كتابات شتى كرموز كبار وتلاميذ وأصدقاء بهاء الدين.. ووقع بين يدي - مؤخرا - كتاب لأحمد بهاء الدين.. سيرة قومية لتمليذه وصديقه د. مصطفى عبدالغني، ويقع الكتاب في 435 صفحة.
كان بهاء الدين يرى أن مجتمعه المصري المتخلف بحاجة إلى إنتاجية عالية تزيد من التنمية التي تقوم على المجتمع المعرفي، وكان طيلة الخمسينات وغالب الستينات من القرن الماضي يدعو إلى المنهج العلمي، والأخذ بالمعرفة، إلا أن هزيمة 67 بوجه خاص زادت من ترسيخ قناعاته الأولى، مضيفا إليها تعميق الحس التوعوي بأن حلم الوحدة العربية لن يتحقق إلا بالبناء العلمي و(الدولة العصرية).
كان بهاء الدين نقيبا للصحفيين بعد هزيمة حزيران 1967م، وشهدت مصر مظاهرات نظمتها فئات عديدة في العام 1968م، وتحديدا خلال الفترة 28-21 فبراير.. اجتمع بهاء الدين بمجلس نقابة الصحفيين وأصدر بيانا أغضب عبدالناصر كثيرا، إلا أنه رفض الاستجابة لاقتراح سامي شرف باعتقاله وصرح عبدالناصر : «لاتقبضوا عليه».
شمل البيان نقاطا جوهرية أولها: محاسبة المسئولين عن النكسة، وإعادة النظر في قضية الديمقراطية، وشدد البيان على إصدار قوانين للحريات، ورفع الرقابة على الصحف في الوقت نفسه وورد في محضر نقاش للكاتب مع بهاء الدين أجراه معه في 18مايو 1968م أن عبدالناصر غضب كثيرا لمضمون البيان، ومن محاسن الصدف أن التقى سامي الدروبي - سياسي وكاتب وأديب ومترجم سوري كبير - عبدالناصر وكان الدروبي أكثر قربا لعبد الناصر من أي سياسي آخر، وأقرب الأصدقاء إلى قلب بهاء الدين في الوقت نفسه، وفي إشارة إلى بهاء قال عبدالناصر للدروبي:
- كنت غير متوقع من صاحبك هذا!
- عمل إيه يارئيس!
- البيان اللي طلع به كان طعنة خنجر في ليلة مظلمة.
راح عبدالناصر يشرح الظروف والملابسات التي حدثت قبل وبعد صدور البيان، ومن ذلك أنهم أشعروا كل النقابات بألا يعملوا اضطرابات أو يطلعوا بمذكرات أو أي شيء آخر يؤثر في أدائهم ضد المظاهرات، ومع ذلك راح هو (أي بهاء الدين) فأصدر بيانا.. وبعد أخذ ورد وشد وجذب طلب عبدالناصر من الدروبي قبل مغادرة مكان اللقاء بعبدالناصر بأن لايسأل هيكل: لماذا فعلت ذلك في مثل هذه الليلة، ومع ذلك ورد في المحضر على لسان بهاء الدين:«ومع ذلك فأنا أذكر جيدا قول عبدالناصر لمن طالب بالقبض عليّ في ذلك الوقت وفي مرات أخرى مشابهة.. لاتقبضوا عليه».
لايختلف اثنان من الذين عايشوا ذكرى النكسة على أنها عصفت بالإنسان العربي من خليجه إلى محيطه، وتضاعفت النكسة، بل وتضاعف وقعها في النفس عندما ظهر الزعيم الكاريزمي جمال عبدالناصر على شاشة التلفزيون المصري مساء 9 يونيو 1967م وأعلن مسئوليته عن النكسة، وتنحى عن السلطة وكافة مواقعه الأخرى.. وتراجع عن التنحي بعد خروج جماهير 9 و10 يونيو 1967م.
أما العملاق الآخر فهو الصحفي والكاتب والمفكر المصري العربي الكبير أحمد بهاء الدين (1927- 1996م) - رحمه الله - الذي تبوأ مركز القيادة في الصحف والمجلات والمؤسسات الصحفية الكبرى، ومنها على سبيل المثال: (روز اليوسف) و (الهلال) و(أخبار اليوم) ومجلة (العربي) الكويتية، وبقدر حجمه بالمعرفة والثقافة والصحافة كان حجمه بالقدر نفسه إنسانا وكاتبا وفنانا وأمثاله قليلون في الوطن العربي.
كانت مواقف وقناعات الراحل الكبير بهاء الدين مؤسسة على الفهم الصحيح للإسلام والعلم والحرية والتنمية، وكان يفصح عن رأيه في كل قضية تطرح، ولم يجعل نفسه في يوم من الأيام أحد شعراء البلاط، وكل هذه المناقب وردت في كتابات شتى كرموز كبار وتلاميذ وأصدقاء بهاء الدين.. ووقع بين يدي - مؤخرا - كتاب لأحمد بهاء الدين.. سيرة قومية لتمليذه وصديقه د. مصطفى عبدالغني، ويقع الكتاب في 435 صفحة.
كان بهاء الدين يرى أن مجتمعه المصري المتخلف بحاجة إلى إنتاجية عالية تزيد من التنمية التي تقوم على المجتمع المعرفي، وكان طيلة الخمسينات وغالب الستينات من القرن الماضي يدعو إلى المنهج العلمي، والأخذ بالمعرفة، إلا أن هزيمة 67 بوجه خاص زادت من ترسيخ قناعاته الأولى، مضيفا إليها تعميق الحس التوعوي بأن حلم الوحدة العربية لن يتحقق إلا بالبناء العلمي و(الدولة العصرية).
كان بهاء الدين نقيبا للصحفيين بعد هزيمة حزيران 1967م، وشهدت مصر مظاهرات نظمتها فئات عديدة في العام 1968م، وتحديدا خلال الفترة 28-21 فبراير.. اجتمع بهاء الدين بمجلس نقابة الصحفيين وأصدر بيانا أغضب عبدالناصر كثيرا، إلا أنه رفض الاستجابة لاقتراح سامي شرف باعتقاله وصرح عبدالناصر : «لاتقبضوا عليه».
شمل البيان نقاطا جوهرية أولها: محاسبة المسئولين عن النكسة، وإعادة النظر في قضية الديمقراطية، وشدد البيان على إصدار قوانين للحريات، ورفع الرقابة على الصحف في الوقت نفسه وورد في محضر نقاش للكاتب مع بهاء الدين أجراه معه في 18مايو 1968م أن عبدالناصر غضب كثيرا لمضمون البيان، ومن محاسن الصدف أن التقى سامي الدروبي - سياسي وكاتب وأديب ومترجم سوري كبير - عبدالناصر وكان الدروبي أكثر قربا لعبد الناصر من أي سياسي آخر، وأقرب الأصدقاء إلى قلب بهاء الدين في الوقت نفسه، وفي إشارة إلى بهاء قال عبدالناصر للدروبي:
- كنت غير متوقع من صاحبك هذا!
- عمل إيه يارئيس!
- البيان اللي طلع به كان طعنة خنجر في ليلة مظلمة.
راح عبدالناصر يشرح الظروف والملابسات التي حدثت قبل وبعد صدور البيان، ومن ذلك أنهم أشعروا كل النقابات بألا يعملوا اضطرابات أو يطلعوا بمذكرات أو أي شيء آخر يؤثر في أدائهم ضد المظاهرات، ومع ذلك راح هو (أي بهاء الدين) فأصدر بيانا.. وبعد أخذ ورد وشد وجذب طلب عبدالناصر من الدروبي قبل مغادرة مكان اللقاء بعبدالناصر بأن لايسأل هيكل: لماذا فعلت ذلك في مثل هذه الليلة، ومع ذلك ورد في المحضر على لسان بهاء الدين:«ومع ذلك فأنا أذكر جيدا قول عبدالناصر لمن طالب بالقبض عليّ في ذلك الوقت وفي مرات أخرى مشابهة.. لاتقبضوا عليه».