غياب الوزير.. وقت الذروة

> محمد عمر باجنيد:

> حكم القضاء لصالح صحيفة «الوسط» ضد قرار إغلاقها من وزارة الإعلام، فعاودت صدورها نتيجة ذلك منتشية بالقرار القضائي، فظهر الأمر كأنما خسر وزير الإعلام القضية وحازت الصحيفة على (الغنائم).

اللافت للأمر أن وزير الإعلام غاب في ليلة كان عليه أن يظهر فيها سعيدا بقرار القضاء، وأن يجعل من خسارته تلك مكسبا إعلاميا للوزارة وللقضاء في آن واحد، على طريقة (2×1)، ويدعم أفكارا جيدة عن القضاء والإعلام، بالقول إن القضاء اليمني انحاز إلى صحيفة في قضيتها ضد جهة حكومية بعد أن تأكد من أن الحق إلى جانب الصحيفة وتقبلت الوزارة المعنية الحكم برحابة صدر دون امتعاض.

وكان من المنتظر من الفضائية اليمنية أن تقدم بإيعاز من مسئولي وزارة الإعلام ندوات عن علاقة الصحافة بالقضاء، وإجراء حوارات مع أصحاب الصحيفة المنتصرة ومدراء تحرير الصحف الأخرى، لاسيما تلك التي ترى أن الحرية سجينة في مكتب وزير الإعلام بـ (قفلين).

لو كنت وزيرا للإعلام لذهبت إلى صحيفة «الوسط» بعد قرار المحكمة مباشرة، وهنأت رئيس تحريرها بالحكم القضائي، ولن أقول له (برضه مش حسيبك) أو (الزمن بيني وبينك)، لكنني سأقول له مبروك، وأتمنى لك ولصحيفتك التوفيق.

ورغم أن وزارة الإعلام لم تسجل ممثلة بالوزير حضورا إيجابيا في أعقاب حكم المحكمة، فإن الفرصة لما تزل مواتية في تسجيل مثل ذلك الحضور، بمعالجة القصور في برامج الفضائية اليمنية، والسعي الجاد إلى وقف تسرب مشاهديها لصالح الفضائيات الأخرى، بتطوير نشرة أخبارها ووقف رتابة أداء بعض من مذيعيها أثناء تقديم برامجها، واستخدامهم لألفاظ مثل (الكاتب القدير والشاعر الرائع والأستاذ الكبير والفنان الوسيم).

المطلوب بث الحيوية في برامج الفضائية اليمنية، وانتشالها من حالة التراخي والتكرار التي تعيشها، باعتبارها الصوت والصورة الوحيدين اللذين يفتحان أعين الناس وأسماعهم على اليمن حضارة وثقافة وسياحة واستثمارا، فإن نجحت في عملها فإن الجهات الأخرى المعنية ستكمل الدور، وإن لم تتمكن من فعل ذلك فلن تكون هناك سياحة أو استثمار.

لأن التنمية عمل مترابط، ولكل إدارة حكومية مهامها في ذلك، وللإعلام الريادة إذا اتصف بالواقعية وعدم المغالطة.

وزارة الإعلام أمام تحديات كبيرة، منها إنشاء مبنى للإذاعة والتليفزيون في حضرموت، أكبر مناطق البلاد وذات الثراء الديني والحضاري والفني، فلو قدر لوزير الإعلام زيارة مبنى إذاعة المكلا لعاش لحظات مريرة من الأسى، تفوق في مرارتها خسارته لقضية صحيفة «الوسط».

لن يصدق الوزير أن الجناح الصغير من المبنى الكبير في مدينة المكلا يعود إلى أيام التواجد البريطاني، وأن في مكتبة (الإذاعة) تسجيلات نادرة لأبرز فناني جزيرة العرب المعاصرين، وهم الدكتور عبدالرب إدريس والدكتور أبوبكر سالم بلفقيه والفنان الراحل محمد جمعة خان.

ولن يصدق أن الجناح الصغير المتآكل بفعل الرطوبة والزمن وجفاء المسئولين المباشرين عنه هو بعينه (مكتبة إذاعة المكلا)، وسيكتشف أن عينيه أصابتا الهدف، وأن بين دهاليز هذا المكتب الضئيل المساحة القديم التأسيس جرى إنتاج مسلسل الإذاعة الشهير (شعبان في رمضان)، وسيكتشف معالي الوزير أن وسيلة النقل الوحيدة لمنسوبي الإذاعة المنسية (باص) يتيم، مكتوب عليه (هدية من فخامة رئيس الجمهورية) مما يعطي دلالة أن وزارة الإعلام لم تؤدِ دورا حيويا نحو الإعلام في حضرموت، لدرجة أنها لم توفر لمنسوبي الإذاعة وسيلة للمواصلات.

لعل وزير الإعلام فيما لو بادر إلى الإعلان عن إنشاء مبنى للوزارة في مدينة المكلا يضم مكانا عصريا للإذاعة وقناة تليفزيونية مستندا إلى التراث الحضاري في حضرموت، وصنع للفضائية اليمنية حراكا وجاذبية، وأحضر معه (أقفال) الحرية من مكتبه في صنعاء، ورمى بها في بحر المكلا، لأن التنمية تقوم على حرية الكلمة- لعله بهذا سيبدو- الوزير الذي لايغيب وقت الذروة.

عند ذاك لن تجد الصحف اتجاها يفضي إلى القضاء بغرض مقاضاة الوزير، فمفاتيح الحرية باتت في البحر، كما أن منظمة بيت الحرية (Freedom House) لن تمنح اليمن الدرجة 78 ضمن الدول غير الحرة مجددا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى