الاشتباك الإعلامي الفارغ

> سالم سعيد الزامكي:

> لقد اشتد الاشتباك الإعلامي هذه الأيام بين السلطة وقيادة أحزاب اللقاء المشترك، ولكنه اشتباك إعلامي فارغ.. ونحن هنا نريد فك هذا الاشتباك بكشف جوهره وحقيقته للرأي العام وللمشتبكين أنفسهما. فهذا الاشتباك فارغ، لأنه حول حوار فارغ لا توجد له موجبات موضوعية منذ البداية، وهو الحوار الذي ظهر بعد حرب 1994م لدفن القضية الجنوبية، ومازال مستمرا حتى الآن.. فهذا الحوار لا يعبر عن حاجة موضوعية تتعلق بالواقع الموضوعي الملموس، وإنما يعبر عن حاجة ذاتية للمنتصر على حساب المهزوم.

إن أي حوار سياسي لابد أن يكون تعبيرا عن قضية موجودة في الواقع الموضوعي الملموس.. وهذا ما هو غائب وغير موجود في الحوار بين السلطة وقيادة أحزاب اللقاء المشترك منذ البداية. فالجنوبيون مثلا كانوا طرفا في الأزمة والحرب عام 1994م، ومن البديهي أن يكونوا طرفا في الحل، والحوثيون هم طرف في حرب صعدة، ومن البديهي أن يكونوا طرفا في الحل. وهذه هي الموجبات الموضوعية للحوار، وهي بين السلطة والجنوبيين، وكذلك بين السلطة والحوثيين وليست بين السلطة وقيادة أحزاب اللقاء المشترك. صحيح إن قيادة أحزاب اللقاء المشترك تمثل أحزابا سياسية في الساحة اليمنية، ولكن العلاقة بينها وبين السلطة محكومة بالانتخابات وصناديق الاقتراع.

إن قيادة أحزاب اللقاء المشترك تطالب السلطة بالحوار وهي لا تريد أن تكون طرفا في حل القضية الجنوبية، ولا تريد أن تكون طرفا في حل مشكلة صعدة، وإنما تريد الحوار مع السلطة خارج القضية الجنوبية وخارج مشكلة صعدة، ومن ثم أليس ذلك حوارا فارغا وخاليا من المضمون؟!

إن قيادة أحزاب اللقاء المشترك إذا ما أرادت أن تكون طرفا في الحوار، فإن عليها أن تنضم إلى مطالب الجنوبيين أو تنحاز علنا إلى السلطة.. كما إن عليها أن تنضم إلى مطالب الحوثيين أو تنحاز إلى السلطة. وهذا ينطبق على كل الأطراف السياسية الأخرى في اليمن وعلى جميع السياسيين في الداخل والخارج.. فلا يمكن لأية أطراف سياسية أو شخصيات سياسية أن تكون طرفا في الحوار أو في الحل إلا بانضمامها إلى مطالب الجنوبيين أو انحيازها إلى السلطة في قضية الجنوب، وبانضمامها إلى مطالب الحوثيين أو انحيازها إلى السلطة في مشكلة صعدة، لأنه بدون ذلك لا توجد موجبات موضوعية للحوار بينها وبين السلطة، وسيظل حوارها مع السلطة حوارا فارغا لا يقدم ولا يؤخر في قضية الجنوب، ولا يقدم ولا يؤخر في مشكلة صعدة.. فلن يكون بديلا للحوار مع الجنوبيين حول حل قضية الجنوب، ولن يكون بديلا للحوار مع الحوثيين حول حل مشكلة صعدة.. ومن ثم ما هي قيمة هذا الحوار؟

إنه يستحيل تجاوز حرب 1994 ونتائجها إلا بالحوار بين طرفيها اللذين هما (الشمال والجنوب)، ويستحيل تجاوز حرب صعدة ونتائجها إلا بالحوار بين طرفيها اللذين هما (السلطة والحوثيون). فهل سيمنح الله الحكمة لقيادة أحزاب اللقاء المشترك وتدرك ذلك، خاصة أن غياب حكمتها قد جعلها تقبل على نفسها أن تكون معارضة لحزب المؤتمر الشعبي العام، وأن يكون رئيس الدولة الذي من المفترض أن تكون هي معارضة له هو الحكم بينهما، حيث إن هذه الواقعة لم ولن تحصل في التاريخ.

فمن غير المعقول أن تكون المعارضة هي معارضة لحزب في السلطة، وأن تكون السلطة هي الحكم بينهما، لأن الحزب الموجود في السلطة هو حزب سياسي وسيتحول في وقت لاحق إلى معارضة، ولأن ما يتم الاتفاق معه عليه هو غير ملزم للسلطة.. فهل يمكن لقيادة أحزاب اللقاء المشترك أن تدرك ذلك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى