تقدم الشمال على الجنوب

> برهان عبدالله مانع:

> ظهرت حملة من الخلافات الجوهرية قادت إلى قيام حرب أهلية بين الولايات المتحدة الشمالية والولايات الجنوبية في عام 1860، ونتيجة لتضارب الآراء الفكرية والسياسية والمصالح وقع اصطدام في قضايا عدة، منها: الرقيق وتكساس والقضية الرئيسية في تقدم الشمال على الجنوب، حيث مثلت الولايات الشمالية أكثر تقدما صناعيا وعلميا وتجاريا بسبب الموقع الاستراتيجي الذي يطل على ساحل المحيط، وهذا أدى إلى ظهور عقدة دائمة لدى سكان الجنوب، وظل الشماليون يعدون أنفسهم بأنهم أول من وصل إلى القارة، وهم نواة حرب الاستقلال، وهذا ولد نزعة للجنوبيين للاستقلال عن الشمال، خوفا من سيطرة الشماليين على أجهزة الدولة.

وفي عهد إبراهام لنكولن انسلخ الجنوب عن الشمال، وبرغم ليس كل الجنوب كان يؤيدون الانفصال، بل حاربوا من أجل الاتحاد وبعد معارك طويلة تم هزيمة الجنوب في معركة (مسبرج)و(شيكا موجا) في يوليو 1863م، لكن المدهش جدا نتائج هذه الحرب، وهي عندما سادت حالة من التبرم والشك في الولايات الجنوبية تمخض عنها حاجز نفسي تجاه الشمال، برغم المصالحة والمحافظة على الاتحاد، والرائع هنا أن المنتصر عندما أخذ يعمل على إضعاف حدة الخلافات، ويعمل على إزالة الحواجز والتقسيم، ولا يتعامل بلغة عدالة المنتصر، وسارع على إضعاف الفكرة القائلة بتغلب الشمال وتسلطهم على الجنوب.

وإذا انتقلنا إلى وحدتنا اليمنية نرى بوضوح تقدم الجنوب الغني بكل خيراته وموارده الاقتصادية والسباق للوحدة، المتقدم على الشمال بالنظام والقوانين، حيث تمت الوحدة وتوقفت الطلائع الحمراء وسياساتها الرعناء، وحمدنا الله كثيرا على ذلك، لكن بمرور الأعوام افتقدنا للكثير من دولة النظام والقانون، وعدم توزيع الثروة بالعدل والمساواة، وأصبحت في سري وعلني لا أطيق سماع كلمات (شمالي وجنوبي).

وكان الرجاء أن تتركونا نعيش وحدويين، وجاء العيد الثامن عشر لوحدتنا، ونحن ما زلنا في نفق الديون والمرض والجهل وأقبية السجون وغياب الحقوق والحريات، والحاضر هو الفساد والنهب، ونتساءل.. أين الوحدويون من أجل الفقراء وإنهاء حرب صعدة ومصالحة الجنوب ومعانقة الشارع والتخفيف عنهم لمقاومة الغلاء؟!، لكن زاد الطباخون والمفسدون، ولا يفرحنا الحلول السلحفية للهيئة العليا لمكافحة الفساد، والقادم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما أتعسنا إلى أين تذهبون بنا!، لا نريد تقدم شمالي ولا جنوبي، نريد لآلئ الجمال في الوجوه ولآلئ الجمال في الأرواح، وغرام العقول بالكشف عن لآلئ الوحدويين، وما أصعب عدم التوحيد مع النفس ومع الوطن!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى