الهم اليمني لن تعالجه المؤتمرات ولا تغيير الحكومات

> حسين مصطفى بن سميط:

> على أثر ردود فعل الشارع اليمني لما طرأ على الأسعار من ارتفاع، وماتناولته وسائل الإعلام المرئية والمقروءة في الداخل والخارج، كل أخذ في الاجتهاد والتحليل، فمنهم من رأى تناميا ملحوظا في تماسك وقوة المعارضة بأحزابها المختلفة، ومنهم من قال أن القبائل صحت على واقع لا يرضيها، وآخرون فسروا ما حصل أنه من صنع الخارج، وفريق واجه ما حصل بأنه أمر طبيعي وظاهرة صحية لا تستوجب القلق، وهي تدل على صحة النهج الديمقراطي، وهناك اختلاف سيظل بازر بين بدايات تحرك الشارع اليمني بدءا من المحافظات الجنوبية وانتقالا إلى المحافظات الشمالية.

فكما هو معروف أن تحرك الشارع في بعض المحافظات الجنوبية ناتج عن أسلوب رفض لممارسات ما لأشخاص في السلطة تجاه المواطنين، رافقتها استفزازات للمشاعر فرضتها التوعية الخاطئة لمرحلة ما قبل الوحدة، حيث كان الشطران يعلنان المبادئ وأهمها (الوحدة اليمنية) ويضمران العكس، حيث تقام محاضرات ولقاءات للتوعية، يتحدث قائلوها في الجنوب من أن الشمال متخلف رجعي إقطاعي قبلي، يسير في فلك الرأسمالية والأمبريالية، وفي أحضان الرجعية، أما قائلوها في الشمال فاتهامهم للجنوب بأنه شيوعي وماركسي ولا له دين ولا ملة.

وظلت فكرة الوحدة تراوح في مكانها حتى فاجأت العالم بإعلانها، وصار ماصار، طُبع القرار السياسي، ولم تطبع الطباع، فالطبع في الإنسان لا يتغير أمام هذه الوضعية التي نعيشها في اليمن، ولايمكن أن تعالجها المؤتمرات ولا اللقاءات، فمؤتمر وثيقة العهد والاتفاق غرس عقدة نفسية صعب السيطرة عليها من ظروف متشابكة ومعقدة.

كما أن تغيير الحكومات أمر غير مجد، ولن يحل هموم الواقع، ولو عاد كل اليمنيين السياسيين من الخارج لن يتحقق شيء ما سوى لوعادت الرساميل اليمنية والاستثمارات العربية والأجنبية، واتجهت الدولة إلى قواعد الضبط والربط والمحاسبة ومحاكمة فاسد كبير واحد فقط، فلن ينقص شيء من إجمالي عدد السكان، وإعدام خاطف الأجانب بعد صلاة جمعة، والبحث عن رجال يخافون الله لا يخافون الحكومة ستسبر الأمور.

إذاً الهم اليمني هم اقتصادي في الأساس دواءه (زلط) لاغير، فمن أين نوفرها؟، هذا السؤال المهم ولتحقيقه نستند إلى:

1) الموارد المختلفة للدولة مع زيادة رقعتها وتوفير إمكانيات تحقيقها وجبايتها.

2) الاقتراض الميسر والاستفادة من القروض بالشكل الصحيح.

3) مراقبة الصرف والتقشف بزيادة الأجهزة الرقابية وبمسميات مختلفة.

4) إعطاء المزيد من التسهيلات الاستثمارية، لاستجلاب رؤوس الأموال.

والمقابل يجب أن ترد كل الموارد كاملة غير منقوصة إلى حيث يجب أن تكون، مع الحزم الجاد للرقابة الصارمة، واختفاء الظواهر المعيقة للتطور، وهي معروفة وذلك من خلال: قضاء عادل، حكم محلي واسع الصلاحيات تدريجيا، إصلاح مالي وإداري في اتجاه تقليل نفقات الدولة على حساب استقرار المواطن معيشيا، وضع برنامج أولويات في برامج الدولة بالاتجاه نحو تنمية ريفية حقيقية، فالنفط الذي شكل إيراداته نسبة كبيرة من موار الدولة يجب ألا نعلق عليه الآمال، فحتى الدول النفطية لم تعد تعتمد على موارد النفط ، لأنها مهما طال الزمن ناضبة وإلى زوال، لدينا الأرض والرجال ونلحق قبل أن تنضب المياه، فالمملكة العربية السعودية دولة نفطية كبرى اتجهت نحو الزراعة وتسهيلات لا توصف.. سلطنة عمان هي الأخرى حددت قيادتها برامج وخطط بالعام.. فيطلق مثلا على هذا العام عام التنمية وآخر عام الشباب، وهكذا ويتركز النشاط الحكومي في هذا الاتجاه وحسب الأولويات، فلا يمكن لدولة مهما توفرت لها الإمكانيات أن تنجز كل متطلبات المجتمع لا في خمس ولا في عشر سنوات، ولتكن خططنا بالسنة بدلا من السنوات.

إن معالجة ما يحصل بالحكمة وعدم التصعيد والتحكم العقلاني في إدارة الأزمة هو المخرج الآن، ترافقه خطوات ملموسة ولو بإلغاء قرار رفع أسعار مرحلة الجرعة الرابعة، وتنسيق مع البنك الدولي لإيجاد مخارج آمنة للأزمة، إن عامة الشعب على استعداد لقبول تأجيل مشروع تنوي الدولة إقامته، ولكنها ترفض أي زيادة في الأسعار مهما كانت المبررات، لأن مستوى الدخل متدن، ولأن العملة أساسا وقد عوم الريال كأنني به يصيح إني أغرق أغرق أغرق!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى