حكومة مجور والتحديات

> د. فارس السقاف:

> عندما أعلن تشكيل حكومة الدكتور علي مجور كان ذلك نهاية مريحة لرحلة توقعات متضاربة في بورصة الأسماء، ولقي اسم رئيس الحكومة الجديد وقعا طيبا في عموم اليمن ربما بسبب أنه جاء من خلفية شعبية وطنية وتجارب مهنية ناجحة مختلفة عن ذلك السائد التقليدي، ومن خارج مراكز النفوذ التي يتكون منها هذا الموقع المتقدم.

ولاشك أن حداثة انخراطه في مدارج السالكين في المناصب العليا خلّصه من تشكل البطانات التي عادة ما تتحكم بأصحاب هذا الموقع من طول أمد بقائها، وهو تحرر إيجابي يحسب له من نقاط القوة، فهو قد شغل أول حقيبة منذ سنوات قليلة مضت، وهي وزارة الثروة السمكية، ومافتئ بعد عامين أن انتقل إلى حقيبة وزارة الكهرباء التي بقي فيها هي الأخرى نحو عامين، قبل أن يتقلد رئاسة الحكومة في التشكيلة الوزارية عام 2007.

في الموقعين الوزاريين اللذين يمثلان عصباً خدميا يمس الناس مباشرة ويعانيان من عجز كبير أثبت الدكتور علي محمد مجور جدارة وتمكنا، رغم أن الرجل كان يردد أنه تسلم وزارة الأسماك وهو لايعرف عن الأسماك سوى أكلها، وخرج منها وهو يحيط بشؤونها بدراية فائقة، وأعاد ترتيبها في تأسيسات صائبة في هذا المجال.

المسألة إذن محكومة بالإدارة، فالإدارة هي مفتاح النجاح، ومجور خريج الإدارة، من فرنسا تلقى علومها النظرية، في هذا البلد المتقدم، وعكسها في مواقع عمله على رأس الوزارتين الأسماك والكهرباء.

لفت نظري في رسالة الدكتور صالح سميع، وزير المغتربين السابق الذي طاله التعديل الحكومي الأخير، والموجهة إلى رئيس الوزراء، لفت نظري وصفه له: «طاهر القلب واليد واللسان».

وهذه بالفعل صفة أخرى يكاد ينعقد الإجماع عليها.. وهي تضيف نقطة إيجابية لاتجعله خاضعا للمغريات، وتفرض على المتعاملين معه قاعدة واضحة تسمح بالفعل التنموي والعمل الجاد أن يأخذا مكانهما ويحققا مقاصد البناء والتطوير في القطاعين العام والخاص بفاعلية ونزاهة.

حكومة الدكتور علي محمد مجور، وهي تلج عامها الثاني تتزايد أمامها التحديات، فمنذ تكليفه رئيسا للحكومة أول الأمر كان الجميع ولايزالون يشفقون على حكومة تواجه تراكمات المشاكل المزمنة المرحلة من الحكومات السابقة، مضافا إليها مشكلات جديدة أو حتى قديمة تنامت وتضخمت واتخذت أشكالا جديدة.

ويتصدر هذه التحديات الاقتصاد والمعيشة والخدمات في ظل تراجع الموارد وارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية وعدم استكمال البنى التحتية الخدمية.

يبدو رئيس الوزراء مصمما على المضي في هذا الخضم ببرنامج واقعي يعطي الأولوية للهموم الاقتصادية بعد أن أنفقنا الجهد والوقت فيما مضى في تفاصيل السياسة ودهاليزها، ولعل مما يرجح نجاحه أنه معزز بتعهدات القيادة السياسية في دعمه لإنجاز البرنامج الرئاسي، لاسيما الاقتصادي والخدمي، فالرئيس مافتئ يردد أن علينا أن نتوجه للتنمية مبتعدين عن المماحكات السياسية المعيقة للاستثمار والمقلقة للسكينة العامة، حيث إن الإنجاز السياسي متقدم ومتحقق في مناخات الحرية وحق التعددية وحق الانتخابات في كافة المجالات (برلمانية - محلية - مهنية - نقابية - رئاسية).

يضاف إلى مرجحات نجاح حكومة الدكتور مجور أنه يتفرغ لمهامه هذه خلافا لما عهدناه في رؤساء الحكومات من تعدد مهامهم في كل اتجاه: سياسية وعسكرية وحزبية وبروتوكولية، وهذا التفرغ يوفر له أجواء إدارة العمل الحكومي في جوهر مهامه.

لانستطيع الجزم بقدرة حكومة الدكتور مجور على إنجاز كل ما وعدت به، ولكنني أستطيع الجزم بقدرته على إنجازات اقتصادية وخدمية تمثل أولويات راهنة حال تعاطيه معها برؤية علمية وإدارة عملية عصرية.. هو لاشك يدركها ويتمثلها في إمكاناته وممكنات الواقع.

وأحسب أن على كافة القوى السياسية والاجتماعية أن تقف معه من موقع الداعم لإنجاز مهام المرحلة التي سيعود نفعها على الجميع، وسيقع على الجميع الضرر الأكبر في حال تعثر إنجازها، لأننا لم نعد نحتمل هذا، ولا مزيد من الوقت لدينا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى