الغش في الامتحانات المركزية دمار للإبداع والتنمية

> حسين سعيد السقلدي:

> تواصلا مع ما تم تناوله من المواضيع التي عنيت بالقضية التربوية والتعليمية، حبذت استمرارية الكتابة بهذا الجانب، معتبرا أن البدايات الصحيحة تتمثل في التحلي بالأمانة، أمانة الأداء العملي، فالأمانة كبيرة في مضمونها ومحتواها وأثرها العميق في النفس البشرية، فهي ولاشك تمثل المرآة للمؤمن الصادق والصالح، وتكشف معاني الوفاء للأداء، بما في ذلك صدق المعلم ووفائه، ولثقل ميزان الأمانة، فقد أبت الجبال أن تحملها، وحملها الإنسان.

فالأمانة صغيرة في لفظها وقليلة في حروف كلمتها، إلا أنها تسمو وتعلو بعظمتها ورفعتها ومعناها، خاصة إذا ما حافظ الإنسان عليها وحملها بجدارة وأداها خير الأداء في إطار الواقع العملي، لينال من خلالها خير الجزاء من الخالق عز وجل، والامتنان والتقدير وبعض الرضا من قبل المجتمع بأسره.

وأعني بالأمانة هنا على وجه التحديد، أمانة المراقبة على عملية وسير الامتحانات المركزية من قبل المعلمين المعنيين بالأمر، والمخول لهم هذه المهمة النبيلة والعظيمة والسامية، إنهم بالفعل جنود مجهولون، يحتم عليهم الإدراك العميق والوعي الشامل لما يترتب عليها من الترجمة الصادقة لقدسية هذه المهنة وسمو رسالتها عند الله وكافة أفراد الكيان الاجتماعي، وأن لايألوا جهدا في عملية كبح جماح ظاهرة الغش والتفتيش في الامتحانات المركزية، بقدر ما يتطلب منهم أيضا تحويل هذا الحدث الهام إلى معركة سيفها الأمانة، وجوادها الصدق والتفاني، وميدانها المحك العملي الميداني، منطلقها بذلك مع القول بأن من جد وجد ومن زرع حصد، وأن تكونوا على قدر كافٍ من التحلي بأمانة المسئولية ويقظة الضمير المصحوبين بحسن المعاملة العادلة والجزم الصريح مع الطلاب والطالبات الممتحنين، مستوعبين اللوائح والإرشادات التربوية الخاصة بعملية سير الامتحانات المركزية وإجرائها وتطبيقها وفقا ومقتضيات الأسلوب الفني التربوي الصائب، وغرس روح الثقة والاطمئنان لدى الطلاب والطالبات، والاعتماد على النفس، كعاملين أساسيين للنجاح، ودافع قوي للطلاب والطالبات للإجابة عن محتوى أسئلة الامتحانات، لنكون بذلك قد أوجدنا وضمنا العمل بقاعدة (لكل مجتهد نصيب)، ولإداركنا بالفعل أن الطالبات والطلاب الناجحين حقا قد اكتسبوا درجة نجاحهم وفقا لما استوعبوه وتعلموه، وسعيهم الحثيث للنجاح الذي يعد الهاجس الأول والأخير في عملية الحصول على الشهادة المدرسية، ويركن على أمثال هؤلاء أملا مستقبلا في الاضطلاع بمهمة قيادة الوطن والمجتمع بجدارة ودون تعثر، وتصبح المدرسة بذلك فعلا معملا لصناعة الرجال، وأساس البناء القويم والسليم للمجتمع أو العكس.

إن ظاهرة الغش والتغشيش تمثل دمارا للعقل، للإبداع، واندثار وفشل التنمية الشاملة للبلد، وهي الجهل بعينه، ويمتد في الجهل إلى الجهل، وهي أداة هدم للقيم التربوية والتعليمية، وفساد وإفساد للمجتمع بأسره، ويحل معها السلب محل الإيجاب، ناهيكم عما تنميه لدى الطلاب من الإحساس بعدم الانتماء إلى المدرسة وجدواها، والنكران لما ينهلون منها من المعارف العلمية والثقافية، بممارستهم ظاهرة الغش والتغشيش، غير مدركين مخاطر هذه الظاهرة الخطرة التي تؤدي إلى بلاهة العقل وضمور الذاكرة، وضعف في حدة الفهم أثناء تخرجهم وشغلهم الوظائف الميدانية، بدون مهارات، معتقدين أنها الأسلحة التي تمكنهم من التغلب على الصعوبات أيا كان نوعها، هذا إذا ما اعتبرناها أيضا سلاحا باستمرارية الجهل بدلا من العلم، وبالتالي تتحول بممارستها إلى سلوك وممارسة لايُرضى عنها إطلاقا.

لذا يتوجب على القائمين والمهتمين بشؤون التربية والتعليم العمل على حفظ هيبتها ومكانتها خدمة للفرد والمجتمع، وإيلاء عناية فائقة بأمانة المراقبة لسير الامتحانات وإجراءاتها.

لقد سطرت هذه الكلمات المتواضعة من حرصي كتربوي على عملية الإسهام بتناول هذا الموضوع، لاستقراء مكامن خطورتها، إذا استمر الحال كذلك، وفي المناشدة لأداء الواجب المطلوب، بما يرتضيه الضمير وتفرضه طبيعة المهنة، آملا أن تكون كل الكتابات الصحفية والمساهمات التي يدونها القراء، وتنشر عبر هذا المنبر الإعلامي صحيفة «الأيام»، أداة للتعليم وليس للتهديم، وأن تكون بمثابة وخزات تدق نعش الغش والتغشيش، وتعد صفحة البداية للسير بخطوات عملية سليمة، تقوي من مداميك الواقع التربوي التعليمي، وتؤدي إلى خلق جيل يمتشق سلاح العلم والمعرفة، الذي يقود إلى بناء مجتمع مزدهر، قوامه العلم والتعليم وأساسه العمل الهادف، وثماره التطور والنماء.

فإذا عملنا بذلك ستغمرنا عملية ارتياح الضمير وهدوء البال، وسنحظى باحترام وامتنان المجتمع بشكل عام.

وسنكون قد استطعنا وبجدارة حمل الأمانة، وكبرنا حجم كبرها في أدائنا لمهامنا المناطة بنا، وستظل هاماتنا شامخة وسامقة، ورفعتنا سامية، ننال على إثرها ما يوجبه حقنا ويحفظ لنا في الأنفس بصمات حية، تؤكد شواهدها خير الأمانة والعدالة لسير عملية الامتحانات المركزية بطريقة صائبة ودون مخافة لومة لائم.. والله الموفق والمعين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى