ورقتان

> عبود الشعبي:

> سجون وشجون.. أبداً.. لن تؤدب السجون إلا المجرمين، وما عداهم من الذين يعارضون سياسات الدولة وينتقدون السلطات فإن لهم بين الجدران ما يذكي في نفوسهم شرر العزم والمضاء.. حتى لتلقاهم وقد صُنعوا «أفذاذا»، وإن لهم في قلوب الناس من المهابة ما لا يحوزه غيرهم.. ليس لأنهم أوفياء لمبادئهم، إنما جديرون أن يضحوا من أجلها.

ما أروع حين يمر «المعتقل» كفه على جدران السجن، أو يتحسس أشياءه وسط «الظلمة». إنه حين يفعل ذلك كأنما يرسم للشعب لوحة الحرية ويوقظ فيه روح المقاومة.

من علي هيثم الغريب إلى بن فريد وصحبهما.. لم يمتشقوا سيفاً. ولم يحملوا بندقية وما زرعوا يوماً لغماً في طريق الناس، إنما هاموا واستهاموا باليراع يكتبون الكلمات ويسجلون العبارات، وجل ذنبهم أنهم قالوا:«رفقاً بالجنوب» أو ليس الجنوب شطر اليمن.. وأن علم «الوحدة» راية الوطن المركوزة في قلبه الكبير.

مهلاً أم الغريب.. لن يصبح علي هيثم «غريباً» بعد اليوم، إنه وزملاءه في المعتقل: باعوم ومنصر والقرني والشعيبي كواكب سيارة في سماوات هذا الوطن.. هم فلق الصبح الذي ننشد.. وعلامات الطريق التي تبعد الحيرة.. هامات بحجم القضية.. بيت القصيد التي تفعل بالمشاعر - وتغني للأيام.

أبداً.. لن تؤدب السجون إلا المجرمين.. لكنهم طلقاء ياصاح.. وسيأتي اليوم الذي يذوقون فيه طعم المعتقل، لأنهم بلا قضية وسيتجرعون غصص السجن لأنهم بلا هدف.

يا قومنا.. لمن في قلبه مثقال ذرة من حب.. رفقاً بالوطن.. أطلقوا سراحه.

أخبار البلاد

يا صاحبي.. إنهم يخرقون القانون، وحيث يعم الجوع لا يرعى للقانون حرمة. حتى المطر بسبب الظلم أمسكته السماء.. كل قطع الأرض زُرعت، ووضعت البذور.. لكن لم تعد البلاد عز القبيلي.

اشتقنا لرائحة التراب والزرع بعد المطر.. ولمع البروق عند المساء.. فما تركنا حساب نهاية الشهر نستغفر ربنا من ذنوب النهار، فلا السحاب جادت، ولا الحساب تم.. مازال «الدَين» يا صديقي يومئ بسوطه في المنام وعند اليقظة.

نحن قوم عُبث بمقدراتهم.. وحيثما قطعة أرض أخصبت فتح «أشعب» كيسه وملأه بالنقود وفر هارباً.. العفاريت يا صاحبي في هذه البلاد كثر يمتصك أصغرهم قبل أن تقوم من مقامك هذا الذي تقرأ فيه «الأيام».

وإذا قاومت الذي يسطو على حقك.. أعطى لنفسه حق الكتابة على «الحيطان» يرضى بالتملك في غير حقه.. مع أن الجار ودود ومؤنس.. نعوذ بالله من «الملكية» بعد «الجمهورية»!

حتى الميزان في هذه البلاد لا تُرعى له حرمة.. ومعظم «الويل» يبدو أنه من نصيب حملة «المكيال» في هذه البلاد الذين لا يقيمون الوزن بالقسط.. ولو كان أمر «الميزان» بسيطاً وهيناً كما يعتقد الذين يبخسون الناس أشياءهم.. لما كانت سورة «المطففين» -التي حذرت وأنذرت - قرآناً يتلى يذكر بعاقبة التطفيف.. الراتب ياصاحبي في هذه البلاد طفيف.. كالذي يخرج من نافذة «المطففين».. حق المعاش طفيف.. حق التقاعد طفيف.. حق الظمآن، حق التعليم، حق الصحة، حق الحرية، حق الصحافة، حق الطفل، حق المرأة، حق الانتخاب، حق التظاهر.. «ويل للمطففين».

نعم يا صديقي رغم هذه الطائفة من «التطفيف».. مازلنا نحلم بالمطر الذي يغسل وجه الأرض وكل هذه الأدران.. المطر الذي تحمله السحاب المزجاة التي يؤلف بينها ثم تكون ركاماً.. حتى إذا ما نما الزرع وأثمر ووافى الموسم أهل البلاد أصابوا كلهم من خيره بالقسط فلقد قيل:«إن الشق وسط حبة القمح، يرمز إلى أن النصف لك والنصف الآخر لأخيك».. وحينها فقط نذوق معنى «وزنوا بالقسطاس المستقيم» .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى