درس التعبير

> «الأيام» عبده يحيى الدباني:

> الإهداء: إلى الطالب المعتقل المحكوم عليه ظلما شكيب علي سالم (كرش)، وهو يعاني مرارة السجن والقلق على امتحاناته الحالية الضائعة.

هل تتذكرون درس التعبير أيها القراء الأحباء؟ لقد تلاشى من مدارسنا منذ زمن بعيد، وإن بقي شكلياً لا روح فيه، وصرنا إلى زمن ضعف فيه التعبير الشفهي والكتابي ضعفاَ مخيفاً في صفوف المتعلمين بمن فيهم الجامعيون، وبمن فيهم المدرسون أنفسهم، الذين ينتظر منهم أن ينهضوا بهذه المهمة الجليلة، مهمة تنمية القدرة لدى الأجيال على التعبير الشفهي والكتابي تعبيراً صحيحاً وفصيحاً وبليغاً ومؤدياً للغرض المطلوب.

إن التعبير بشقيه الشفهي والكتابي إنما هو دربة وممارسة، وليس مجرد قواعد نظرية في النحو والبلاغة والأدب وغير ذلك، فإذا لم ترتبط هذه القواعد والقوانين النظرية بمحك الممارسة الدائمة فإنها تفقد معناها وجدواها وتصير مجرد معلومات معرضة للنسيان شيئاً فشيئاً.

إن العلاقة بين الكتابة والقراءة والحديث والسماع هي علاقة متينة، إن سلباً وإن إيجاباً، والخطأ في أي من هذه العمليات يؤدي تلقائياً إلى خطأ في العمليات الأخرى، فكما تقرأ تكتب، ومثلما تسمع تتحدث، وهكذا يجري التداخل بين هذه العمليات الحيوية، ولأن لغة التداول اليوم ليست العربية الفصحى ولا الفصيحة، ولكنها العامية الدارجة، فعلى الأقل كان يجب التقريب بين العربية الفصيحة واللهجات العامية السائدة ولاسيما في أوساط المتعلمين، وكل هذا لن يأتي إلا بالاهتمام البالغ بدرس التعبير في مدارسنا وكلياتنا، وكذا التوجه نحو القراءة لاسيما قراءة الكتب الأدبية، فمن خلال القراءة والإدمان عليها تستقيم عملية التعبير الكتابي، وتنشأ الأساليب المختلفة، وتتأثر بذلك لغة التداول اليومي، ولكننا نجد اليوم أن لغة التعليم في مراحله المختلفة لم تعد هي اللغة العربية الفصيحة، بل طغت عليها العامية إلا في حالات قليلة صارت تمثل الاستثناء، وكان من الواجب أن تكون اللغة العربية الفصحى هي لغة التعليم والخطابة والإرشاد والكتابة والإعلام وغير ذلك. ومن خلال الاهتمام بدرس التعبير يجري التعرف على الفروقات الفردية وعلى المواهب الأدبية الواعدة ومن ثم رعايتها وتنميتها. لقد كانت العرب تعلم أبناءها الكتابة والخطابة والوقوف على المنابر، كما تعلمهم الرماية والسباحة وركوب الخيل.

إن درس التعبير في مدارسنا ودرس التطبيق في أقسام اللغة العربية في جامعاتنا يمران بأسوأ وضع لهما، فانعكس ذلك على مستوى التعبير في أوساط المتعلمين والطلاب الجامعيين وحتى المعلمين، فصار هؤلاء يعبرون بالعربية كما يعبر بها الأعاجم، وكأنهم ليسوا عرباً ولاعلاقة لهم بالعربية لغة القرآن الكريم، وتجد ذلك في إجاباتهم وكتاباتهم البائسة إلا من رحم ربي، وقليل ما هم، فضلا عن الأخطاء الفاحشة في الكتابة نفسها. ومما لاشك فيه ولا اختلاف أن قراءة القرآن الكريم قراءة صحيحة والاستماع لتلاوة قرائه المجيدين المجودين ينميان القدرة على التعبير الشفهي والكتابي ويقويانها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى