هل نحن حقا أرق قلوبا وألين أفئدة؟

> محمد بالفخر:

> كلنا يعلم حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه بمناسبة قدوم الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وصحبه من زبيد إلى المدينة المنورة, فقال عليه الصلاة والسلام: «أتاكم أهل اليمن، هم أرق قلوبا وألين أفئدة، الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية». أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

جميع اليمنيين تشرئب أعناقهم وتزهو نفوسهم كلما سمعوا أو قرأوا هذا الحديث على اعتبار أنهم يدخلون ضمن هذا الوصف النبوي لأبي موسى ورفاقه، ولن ندخل في بحث عن هذا الحديث من حيث عموم اللفظ أو خصوص السبب، فللعلماء وطلبة العلم أقوال وأقوال، وإن كنا جميعا نتمنى أن يشملنا الوصف النبوي إلى يوم الدين، فنزداد شرفا ورفعة على أمل العفو والمغفرة من رب العزة والجلال، ولكن الذي ينظر إلى حالنا اليوم وإلى كافة أطر حياتنا من سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية وغيرها، فلا يجد إلا الغلظة والشدة وقساوة القلب وعنف الأفعال وردود الأفعال، ليس هذا في الوقت المعاصر فحسب، بل منذ زمن ليس بالبعيد.

فلو عدنا إلى تاريخ الصراعات السياسية ما قبل وبعد سبتمبر 62 في الشمال وما قبل وبعد نوفمبر 67 في الجنوب وما بعد 90 للجميع وإلى وقتنا الحاضر، نجد أن دورات العنف والبطش قد فعلت ما لم يفعله الحجاج أو يزيد في زمانهما، فقد غابت خلالها الرقة من القلوب واللين من الأفئدة، وضاعت الحكمة اليمانية على صلصلة السيوف وأزيز الرصاص ودوي المدافع، فأين الرقة واللين، ونحن أتباع محمد عليه الصلاة والسلام؟!.

وتوالت الأزمنة والأيام، وتعاقبت الأجيال، ونجد أن النتيجة واحدة، ساسة وقادة في الحكم أو حتى في المعارضة، ولانسمع إلا التصريحات النارية والعنجهيات والهنجمة غير المتزنة، ونجد أفرادا من العسكريين والأمنيين سريعي التهور في استعراض عضلاتهم ومواهبهم الفذة في مواجهة شعب أعزل، يطالب بأبسط الحقوق والمواطنة المتساوية، وآخرها إطلاق نار على طالب (مستوى رابع طب) أمام بوابة الكلية في العاصمة صنعاء خير دليل على عدم الاتزان وعدم تحكيم العقل، ونجد مجتمعا يتطاحن على أتفه القضايا، وتقوم حروب قبلية من أجل عين بقرة أو نباح كلب، ونجد قرى يهجر سكانها إرضاء لنزوة شيخ أو تسلطه، ونجد متنفذين يستبيحون أراضي الجنوب كاملة ويحرمون سكانها الأصليين من الحصول على قطعة أرض تكون سكنا لهم وملاذا لأبنائهم، وبلاطجة يعتدون على بيوت لها ما يقارب 30 عاما منذ أن بنيت، فأين الرحمة والتراحم إذن؟!.

ما الذي جعل هذا المجتمع يغرق في هذه الجزئيات؟ لماذا لايعترف الساسة صراحة بهذا الواقع؟ لماذا الإصرار على الأخطاء؟ لماذا لايتم تشخيص الداء ليتم وصف العلاج الناجع؟ لماذا لانتشبث بالوصف النبوي (أرق قلوبا وألين أفئدة)، ونجعله حقيقة ملموسة في حياتنا، وسلوكا نتعامل به، لنحظى بشرف الانتماء إليه قولا وفعلا. لماذا لانختزن جزءا من الحكمة اليمانية التي نصدرها للخارج لنحل بها قضايانا الداخلية، وبالتالي نعمم الوصف النبوي علينا وعلى أجيالنا القادمة، ونكون بحق أرق قلوبا وألين أفئدة.

خاتمة:

نحن لمن؟ ونحن من؟

زماننا يلهث خارج الزمن

لافرق بين جثة عارية

وجثة مكتسية

سواسية

موتى بنعش واسع يدعى الوطن

أسمى سمائه كفن!!

بكت علينا الباكية

ونام فوقنا العفن. (أحمد مطر)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى