سلوك يتنافى مع الدستور والقانون

> د. عيدروس نصر ناصر:

> لمدة طويلة ظللت غير مقتنع أن الأخوين د.ناصر الخبجي وصلاح الشنفرة عضوي مجلس النواب عرضة للملاحقة، ويذكر الزميلان أنني وكثير من الزملاء البرلمانيين حتى وقت قريب كنا نتواصل معهما مطالبين إياهما بالعودة إلى صنعاء ومواصلة العمل البرلماني كأي عضو في مجلس النواب.

الآن فقط أدركت سبب تلكئهما في الاستماع إلى نصائحنا والعودة لممارسة العمل البرلماني بعد حدثين بسيطين في مظهرهما عميقين في مدلولهما:

الحدث الأول: احتجاز سيارة د.الخبجي، بعد الفشل في العثور عليه من قبل قوات الأمن في الحبيلين يوم الاعتصام الجماهيري السابق واعتقال اثنين من مرافقيه مازالا في سجن الأمن السياسي بصنعاء دونما تهمة ولا أمر قضائي في احتجازهما وهي ظاهرة تعيدنا إلى نظام الرهائن البغيض المنسوب إلى عهود الإمامة التي ما انفك الإعلام الرسمي يذكرنا برجعيتها وظلاميتها آناء الليل وأطراف النهار.

الحدث الثاني: هو ما قرأته على لسان محافظ الضالع، قائد البحرية السابق الأخ علي قاسم طالب الذي طلب من النائب صلاح الشنفرة عضو مجلس النواب وزميليه شلال علي شائع ود.عبده المعطري، أن يسلموا أنفسهم ليذهب بهم إلى الرئيس ويطلب منه إما أن يسجنه (أي المحافظ) معهم أو يتخذ بحقهم ما يراه مناسباً.

لم يفت محافظ الضالع القائد العسكري المشهور أن يشير إلى أن هذه المبادرة جاءت من عنده دون أن يعلم ماذا ستكون نتائجها.

لم يرد لا في حديث المحافظ ولا في حيثيات مطاردة الدكتور الخبجي واعتقال مرافقيه أي ذكر لا للدستور ولا للقانون ولا للقضاء الذي يفترض أنه مستقل.

كل ما تم الإشارة إليه يبين لنا أن حكام بلادنا إما أنهم لا يفهمون الدستور والقانون وتلك مصيبة أو أنهم يفهمون الدستور والقانون ولكنهم يدوسون عليهما بكل صلف وعنجهية.. والمصيبة أعظم. ذلك أن الحديث عن تسليم نائب برلماني بنفسه ليذهب إلى من يعتبره خصمه وتحكيمه ليفعل ما يشاء، أمر لا ينتمي إلى روح القانون في شيء بل يعود إلى الذهنية القبلية التي تعتمد على روح النخوة والشهامة أو غيابهما لدى الطرف الخصم ومن ثم فالقانون والدستور هنا غائبان ولا اعتبار لهما ولا قيمة.

قانون الجرائم والعقوبات ولائحة الإجراءات الجزائية فضلا عن دستور الجمهورية اليمنية كلها تحرم الاعتقال والعقاب إلا بجريمة، والجهة الوحيدة المخول لها حق الاعتقال وإنزال العقوبة هي القضاء، فأين القضاء من كل ما جرى للمعتقلين علي منصر وحسن باعوم وعلي هيثم الغريب وأحمد عمر بن فريد ويحيى غالب والدهبلي وحسين البكري وحسين زيد وناصر الفضلي ومحمد المقالح وفهد القرني، وعبدالكريم الخيواني الذي اعتقل قبل أن يتم القاضي قراءة قرار المحكمة الذي لم يشر لحيثيات الحكم ولم يتضمن أي قرار بالنفاذ المعجل، وبقية زملائهم المعتقلين؟

أما مطاردة النواب وطلب تسليم أنفسهم فهو يتناقض مع نص دستوري واضح هو المادة 83 من الدستور التي تحرم محاسبة أو مساءلة إو تفتيش عضو البرلمان ناهيك عن مطالبته بتسليم نفسه إو مطاردته إو القبض عليه إلا بقرار من البرلمان، فأين كل هذا من الدستور والقانون؟

الآن فقط اكتشفت كم نحن أنا وزملائي البرلمانيين طيبو النوايا عندما كنا نطلب من الزميلين د.الخبجي والشنفرة أن يعودا إلى العاصمة لمواصلة العمل البرلماني، والآن فقط عذرت الزميلين في تهيبهما مغامرة الاستماع لنصائحنا، والآن فقط تيقن لي أن حكامنا في المركز والمحافظات لا يعيرون الدستور أي قدر من الاحترام والرعاية وهو يديرون شئون البلاد والعباد.

بعد كل هذا هل يجوز لحكامنا المركزيين والمحليين أن يدعوا بأنهم يدافعون عن الدستور أو يعملون بموجبه أو يمتثلون له عند أداء أعمالهم؟ وهل لدينا من السذاجة ما يجعلنا نصدق ما يقولون؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى