كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> لا أنا أخطأت ولا أنت غلطان.. ولكن سوء الفهم بيننا مشترك.. وإذا كانت الحياة صعبة ومعقدة.. فإن أسلوبك فيها أكبر دليل على ذلك.. ولكن من المؤكد أن الإنسان يتوارى خلف أخطائه وبعد ذلك يشعر أن كل شيء سهل وفي صالحه.. وهذا أكبر خطأ يرتكبه الإنسان في حياته.

> ولكي يكون كلامي أوضح.. تعال نتفاهم أحسن.. أنت تشكو من ارتفاع سعر الدولار والمواد الغذائية والسلع المستوردة والجمارك والضرائب.. وأنا أصرخ من الغلاء والاستغلال.. حتى أصبحت الأسعار هذه الأيام مثل فساتين الميني جيب لايمكن أن ترتفع أكثر.

> المهم لا فائدة من الشكوى.. فأنت لاتعرف عني شيئا.. وأنا أجهل عن أحوالك الكثير.. ربما الشيء الجيد الذي أعرفه أنك تاجر.. والذي تفهمه أنت أنني مستهلك غلبان.. وليس ضروريا بعد ذلك أن تعلم أنني مطحون بفقري.. منكوب بالتعددية في البنين والبنات.. والمسئولية الأسرية الخانقة.

> هذا لايهمك طبعا!

> ولكن ما الذي نستطيع أن نفعله.. أنا وأنت وغيرنا.. كيف نواجه هذا الوحش المخيف.. الغلاء.. أن نهرب إذا استطعنا.. ثم إلى أين نهرب؟.. أين نجد الملجأ؟ إلى الحكومة وعندها نلقي بهمومنا ونطلب إليها أن تحل مشاكلنا.. إن الذي يوجع الناس هو الغلاء.. ويرون التجار وراء هذا الغلاء.. وأن الحكومة هي التي أعطتهم الشعور بالأمان.. فلا أحد يحاسب.. يراقب.. يفتش، أو يحاول أن ينبه أن هناك خطأ أو استغلال.. وهذه حقيقة لم أعرفها.. وتمنيت ألا يعرفها غيري، ولكن من المؤكد أنه يشعر بالفساد والإهمال والاستغلال.. فلا ضوابط ولا متابعة ولا رقابة لأحد على أحد.

> إن الحكومة لم تفعل شيئا.. وإذا أرادت أن تفعل.. يكفي أن تتفرج علينا نتلوى والغلاء يطحننا ويعصرنا مثل ثياب الغسيل.. فالحكومة في حالة (فرجة) دائما.. أو كأنها تتسلى.. وأن التسلية هي صناعتها الوحيدة.. فلا عيون ترى.. ولا آذان تسمع.. ولا شيء عندها يكشف الداء ويصف الدواء.

> وحتى لانستعجل النهاية.. وتصحو الحكومة وتضع حلولا جذرية للغلاء والجشع والاستغلال.. ونهتدي إلى القمصان والفساتين والسراويل الطويلة التي نستر بها عوراتنا من الفقر والفاقة والحرمان.. لا أنا أخطأت ولا أنت غلطان.

(العدد الأول من «الأيام» 7 نوفمبر 1990)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى