ديمقراطية من طرف واحد

> محمد عبدالله الموس:

> حين كنت أشاهد فضائيتنا اليمنية خلال عادة التاسعة مساء من كل يوم، سمعت معالي الأستاذ حسن اللوزي وزير الإعلام ينقل إلى وزراء الإعلام العرب التحية من اليمن بلد الديمقراطية حد وصفه، رغم أن اجتماع معاليهم (وزراء الإعلام العرب) كان يصنع كوابح في مواجهة ديمقراطية التعبير، الشيء الوحيد الذي طلعنا به من الديمقراطية، فيما سمي بوثيقة (تنظيم البث الفضائي)، ستنشأ لها مفوضية في زمن تكتلات المصالح الكبرى الذي كنا ننتظر فيه من وزراء العرب مفوضيات لإنعاش التكامل العربي في مجالات الاقتصاد والثقافة والمعرفة، أو تنفيذ قرارات القمم العربية في تسهيل التبادل التجاري، وانتقال رؤوس الأموال والأفراد بين البلاد العربية بنفس سرعة التنسيق الأمني والتكبيل الإعلامي الذي يمكن وصفه بالسباحة ضد التيار في بحر المعلومة العابرة للقارات والحدود والعساكر.

في الوقت نفسه الذي كان فيه معالي الوزير يفاخر بديمقراطيتنا، كان الأمن في محافظة أبين يرفض تنفيذ حكم القضاء بإطلاق سراح العسل بالضمان الحضوري بعد رفض تنفيذ قرار النيابة في وقت سابق، وحكم على الخيواني بالسجن ست سنوات، وتجري محاكمة الغريب ويحيى غالب وباعوم والفنان فهد القرني وعامر الصوري وسالم الخيال ومحمد المقالح، ويقبع في السجن بن فريد وحسين زيد والقمع وغيرهم من حملة الرأي، ويرفض الأمن حكم القضاء بنقلهم من الزنازين الانفرادية، ويحرم بعضهم من حق العلاج.

وفي الجانب الآخر قامت قوة أمنية باقتحام منزل باعوم، حاملة أمر النيابة بالقبض على نجله فادي، ووجدوا في المنزل عددا من أصدقاء العائلة يتعاطون القات، وهي العادة التي لايخلو منها بيت في اليمن، وبعد تواصل بين القوة الأمنية وقيادتها جرى اعتقال خمسة أشخاص من المقيل دون أمر من النيابة أو القضاء، وبالشاكلة نفسها جرى اعتقال علي دهمس من قبل الأمن لدى متابعته تنفيذ حكم المحكمة لإطلاق سراح عباس العسل، وفي الغالب فإن الأمن لايبرر ما تتناوله الصحف، وكأنه فوق التبرير عدا ما نقرأ بين وقت وآخر من توضيحات، هي في الغالب صادرة من أمن عدن في ما يخصه.

كل من تمت الإشارة لهم مارسوا حقهم في التعبير السلمي في إطار الديمقراطية المزعومة، ومع ذلك تعرضوا لما تعرضوا له من محاكمات وسجن خارج القضاء والنيابة، ويمكن القول إنهم أصبحوا خارج حماية القانون، بدليل رفض الأمن أوامر القضاء، من إطلاق سراح إلى منع الحبس الانفرادي إلى رفض العلاج للمرضى، وأصبحت مقايل القات ميدانا للاعتقال، ويسجن أيضا من يتابع تنفيذ أوامر القضاء!.

ياسادة.. الديمقراطية إطار واسع، تتدوال فيه شؤون المجتمع دون حدود، وتتباين فيها الرؤى، وتتلخص محاذيرها في المقدسات، وفي أخلاق وقيم المجتمع وأعراض الناس، أما ديمقراطية (نحن نفعل ونقول ما نريد، ولايملك غيرنا حق الكلام) فهي أسوأ من ديمقراطية (قل ما تريد ونحن نفعل ما نريد)، إنها (الديمقراطية.. من طرف واحد).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى