الحب على الإنترنت.. والغرام على البريد الإلكتروني

> «الأيام»جواد حسن مكاوي:

> وداعا للرومانسية.. وداعا للرسائل المعطرة الملونة بألوان مشاعر العشق.. وداعا لأوراق مرسومة بالورود والقلوب وأسهم الغرام.. وداعا لكلمات الحب الدافئة والأحرف الساخنة، وداعا لمناديل الدموع.. وآهات الضلوع.. وداعا للشعر الذي ينساب على أوراق ملونة بألوان الطيف.

وأهلا بعصر الإنترنت والعولمة.. والهاتف الجوال مقرب الحبيب بدون دواء أو طبيب.. أهلا بعصر السرعة.. أهلا بعصر التقاط الصور والأسماء من الإنترنت، وبدل الدخول من الباب يكون الدخول عبر البريد الإلكتروني، أو مواقع الدردشة (CHAT)- وياقلب لاتحزن لكل عصر رجاله وإنترنيته- والحب على الإنترنت مؤشر خطير وغير مجد، حب فاض خال من المشاعر الواقعية ومليء بالأحاسيس الخيالية.. الحب بالكمبيوتر.. الحب بالاستمارة الرسمية.. الحب بالترشيح.. أهم ما في هذا الحب هو الجمال المزيف والسرعة- السرعة في البداية، وفي النهاية أسرع- وكثيرة هي القصص في هذا المجال.. لنأخذ عينه:

شاب من دولة مجاورة من مدمني الكمبيوتر والإنترنت.. التقط اسم فتاة من دولة أخرى وصورتها فأعجبته.. بدأ يراسلها بالبريد الإلكتروني.. وردت عليه.. وأخذا يتبادلان الرسائل والمعلومات الشخصية.. ثم عبرا إلى العواطف الجياشة، واستمرت الرسائل يوميا، تزيد ساعاتها حتى أمست في معظم ساعاته وأوقاته، وحتى أصبح متفرغا لها وهي متفرغة له، وفي غضون الحب الملتهب السريع والعواطف والأشواق التواقة قرر السفر إليها ولقاءها.. ثم كانت الصدمة، بل الفجيعة، محبوبة الإنترنت بالأمس القريب ما هي إلا عجوز متصابية تبلغ من العمر ضعف عمره وصورتها التي أوقعت صاحبنا مدمن الإنترنت- روميو- كانت صورة لها وهي في مطلع العشرين، ويالها من صدمة، كارثة الحب والسرعة والإنترنت.. فعاد على نفس الطائرة، يجتر حسرته على ما تكبده من وقت، وإهدار المال والجهد والمشاعر المزيفة.

وهذا الموضوع ليس جديدا، وقصصه تناولتها عدة مجلات عربية.. في إغراق الشباب من الجنسين في براثن الإنترنت والحب بالبريد الإلكتروني والدردشة.. البعيد عن واقع الحياة التي يعيشها الشباب بنكدها وفرحها ودموعها.. حلوها ومرها.. هذا هو الواقع الذي نعيشه ولانهرب منه ونتخفى وراء الكمبيوتر، ويصرف عليه مصروف الجيب الذي يمن به عليه ولي أمره بشق الأنفس.

الغريب بالأمر الإخوة المتزوجون، الذين يعشقون الإنترنت ويتصرفون تصرفات المراهقة المتأخرة التي لم تتناولها بعد مراجع علم النفس، ويهربون من مشكلاتهم في المنزل إلى رحاب الإنترنت والدردشة ومطاردة شريدات التكنولوجيا المتسرعة، وهنا تبدأ المأساة. ومأساة الشباب تختلف عن مأساة الراشد المتزوج، وحلها معقد في نظر علم الاجتماع والتربية وعلم النفس.

من خلال هذا المنبر نوجه نداءً للشباب من الجنسين وأصحاب المراهقة المتأخرة المعقدة، يجب استخدام التكنولوجيا الحديثة في خدمة مصلحة الفرد والمجتمع بصدق وأمانة بدون زيف وخيانة، والذي يرمي بيوت الناس بالطوب يخلي باله من قوارير بيته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى