الإصلاح الوحدوي.. بثلاثية الرئيس والرابطة ومطالب حراك الجنوب

> عبدالله ناجي علي:

> للمساهمة في طرح الحلول التي تساعدنا على إخراج الوطن من هذه الدوامة التي أنتجتها الممارسات اللاوحدوية من قبل بعض المتنفذين، مدنيين وعسكريين ومشايخ، ومن هنا يجب علينا أن نعترف أولا أن المشروع الوحدوي الذي تم الاتفاق عليه بين نظامين مختلفين يواجه اليوم صعوبات كبيرة جعلته يتعثر كثيرا، ونحن هنا لسنا بصدد شرح الأسباب التي أدت إلى تعثر المشروع الوحدوي، فقد كتب عن هذا الموضوع الكثير والكثير.. وحقائق الواقع تؤكد صحة هذا الطرح.

ما يهمنا في هذا المقام هو المساهمة في طرح الحلول الممكنة التي تساعدنا في إعادة الوجه المشرق للمشروع الوحدوي الذي أفرغته حرب صيف 1994 من محتواه الحقيقي.. بكلمات أخرى يجب أن يعاد النظر في شكل الوحدة الاندماجية التي تعاني من تشققات خطيرة وخطيرة جدا!.

وبالعودة إلى المقدمات التي على أساسها قامت الوحدة الاندماجية نجد أن رؤية الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، التي عرضها على قادة الاشتراكي عام 1989، كانت هي الأقرب للواقع اليمني المتعدد الثقافات، وقد تضمنت هذه الرؤية الأخذ بشكل الوحدة (الكونفدرالية) ويبدو أن الأخ الرئيس كان مستوعبا تماما لخصائص الواقع اليمني المتسم بالتعدد والتنوع في الثقافات والعادات والتقاليد، وهذا ما يتطابق مع حقائق التاريخ اليمني الذي يؤكد لنا أن اليمن شعب واحد، ولكن أنظمة الحكم فيه كانت متعددة، ولم يحدث أن اليمن قد حكمت بنظام واحد في التاريخ الحديث إطلاقا.

وبعد مرور 18 عام على الوحدة الاندماجية التي أثبتت وقائع الممارسة أنها لاتناسب الواقع اليمني متعدد الثقافات ظهرت في الوقت الراهن مبادرات تطرح الحلول لتصحيح هذا الخلل الذي أصاب المشروع الوحدوي في مقتل.. ومن هذه المبادرات مبادرة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، وأهم ما جاء فيها هو قيام حكم محلي واسع الصلاحيات معزز بوجود شرطة محلية.. وفي الطرف الآخر طرحت مبادرة من قبل حزب الرابطة تسعى لإنقاذ المشروع الوحدوي قبل أن يصل إلى مرحلة الفشل.

وأهم ما جاء في مبادرة الرابطة هو التوزيع الجغرافي الذي احتوى على خمسة مخاليف وأمانتان وهي على النحو الآتي:

المخلاف الشرقي: المهرة + حضرموت + شبوة + مأرب

المخلاف الجنوبي: أبين + الضالع + البيضاء + لحج

المخلاف الشمالي: الجوف + صعدة +عمران + صنعاء + حجة

المخلاف الغربي: ذمار + المحويت + ريمة + الحديدة

المخلاف الأوسط: تعز + إب

الأمانتان: أمانة العاصمة وأمانة العاصمة الاقتصادية عدن.

فلو أخذنا من مبادرة الأخ الرئيس الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وأسقطناها على المخاليف الخمسة والأمانتين كما جاءت في مبادرة حزب الرابطة، ثم أضفنا إلى ذلك مطالب حراك الجنوب المتمثلة في إدخال معايير الأرض والثروة والتمثيل النيابي في البرلمان ليتم التعامل مع الجنوب على أساس هذه المعايير بديلا من معيار السكان الذي جعل أبناء الجنوب أقلية مهمشة، بينما هم شريك ثنائي في المشروع الوحدوي المتعثر ويجب أن يكون التعامل معهم أيضا كدولة شريكة في السلطة وتوزيع الثروة، يجب هنا أن يتم الأخذ بنموذج الإمارات العربية المتحدة، أي أن 40 % من إنتاج الثروة يكون من نصيب المخاليف المنتجة للثروة، ويكون التمثيل النيابي لأبناء الجنوب هو نفس العدد الذي دخل به الوحدة عام 1990.

وبما أن شعب الجنوب هو الخاسر الأكبر في المشروع الوحدوي المتعثر والطرف الشمالي هو الرابح في كل شيء، فلهذا يجب أن يستجاب لمطالب أبناء الجنوب وإدخال هذه المطالب في الإصلاح الوحدوي، خاصة أن الجنوب هو الذي قدم كل التنازلات للاتفاق على المشروع الوحدوي عام 1990. فقد تنازل عن الرئاسة وتنازل عن النظام الإداري المتقدم وتنازل عن الأرض والثروة والعاصمة والعملة.. إلخ، بينما الطرف الشمالي لم يتنازل عن أي شيء، وهذا ما جعل ميزان الوحدة فيما بعد مختل تماما لصالح الشمال مما دفع اليوم أبناء الجنوب إلى المطالبة بإعادة النظر بشكل الوحدة الاندماجية التي ظلمتهم كثيرا..وجعلتهم مهمشين في الثروة والمواطنة والتمثيل النيابي... إلخ.

وللخروج من هذا المأزق الذي وصل إليه المشروع الوحدوي.. فنحن اليوم بأمس الحاجة إلى طرح الإصلاح الوحدوي كأولوية أمام الإصلاحات الأخرى التي يتطلبها واقعنا المختل على كافة الصعد.. فإنزال الحكم المحلي واسع الصلاحيات وبأسرع وقت ممكن وتطبيقة على المخاليف التي تضمنها مشروع الرابطة.. ثم إدخال مطالب حراك أبناء الجنوب المذكورة آنفا في الأقاليم الجنوبية، هنا سوف نكون قد أوجدنا ضمانات أكيدة لوحدة قابلة للاستمرار، ما لم فإن الوحدة بوضعها الحالي يصعب استمرارها طالما هي قامت على أسس غير عادلة تجاه الشريك الأهم، وهو الجنوب الذي تنازل عن كل شيء مقابل الوحدة، ولكن للأسف لم يحصد من الوحدة الاندماجية إلا الظلم والتهميش والإقصاء.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى