في أكناف نقابة مسالمة

> عبدالقوي الأشول:

> شهدت سنوات العقد المنصرم وطأة معاناة لاتوصف بالنسبة للأوساط الصحفية إذ لم تقف حالات الانتهاك والاعتداء على الصحفيين عند حد معين، بل امتدت إلى صحف بعينها ظلت ولاتزال تقع في دائرة الخطر وفي مرمى الفعل المنتهك للحريات بكل قسوة وعنف إلى درجة بات معها أسهل ما يمكن أن تقوم به أجهزة الأمن هو الاعتداء على هؤلاء في أي وقت تريد، فكم هي المرات التي نسمع فيها عن إجراءات التحقيق التي تعقب تلك الاعتداءات، لكنها إجراءات وهمية لم تفض قط إلى إدانة العناصر المعتدية، أما حالات محاكمة الصحف والصحفيين فقد باتت روتينا مألوفا ومن أجندة العمل اليومي لتلك الصحف غير المرضي عنها.

مع كل ما تقدم لايبلغ مستوى وقوف نقابتنا العتيدة إزاء ما يجري نمطا من التصريحات الخجولة التي توحي للآخرين أننا نمتلك نقابة تدافع عن منتسبيها، رغم أن ذلك لم يبلغ قط مستوى إعادة الاعتبار لمن انتهكت حرياتهم وتم الاعتداء عليهم جسديا في أكثر من مناسبة.

ومع ما تقدم نجد حالة من الخنوع والقبول بالأمر الواقع من قبل قيادة النقابة تعكسها حالة يأس ولامبالاة من قبل الهيئة العمومية التي لايجتمع شملها إلا عند التجديد لشخص نقيب الصحفيين بعد دورة الأربع السنوات المنقضية وسط صمت وصيام تام عن أي أنشطة توحي بأن هذه الأعداد الكبيرة من منتسبي الهيئة ينضوون تحت إطار نقابي فاعل، إذ إن الاكتفاء بمسمى الهيئة النقابية يمثل غاية كل شيء، الأمر الذي جرى معه الحرص كل الحرص على تدجين العمل النقابي بمعناه الحقيقي وصولا إلى حالة من الشلل التام لعمل النقابة ومسماها الذي يوحي للكثيرين بأنه إزاء هيئة حكومية روتينية تؤدي مهامها وفقا لما يتناسب مع الهيئات المقابلة، رغم أن وراء صمت هذا الإطار النقابي الذي يفترض أن يكون فاعلا معاناة تعكس حالة من التعاطي مع حرية الرأي بقدر مختلف من حيث حيوية هذا الإطار في الدفاع عن زملاء المهنة.

المثير حقا أن نماذج المعاناة القائمة لفتت انتباه الهيئات الدولية التي منحت ولو بصورة رمزية جوائزها لشخصيتين صحفيتين من اليمن، بما يدل على وقوع عدد من زملاء المهنة في قلب المعاناة وتحت طائلة الأحكام السياسية التعسفية التي هدفها دون ريب قهر إرادة هؤلاء ليمثلوا عبره لمن يفكرون بالذهاب بعيدا في إطار حريات الرأي التي هي دون شك تمثل مجازفة غير محمودة العواقب في مثل أحوالنا.

وكثيرا ما تتباهى السلطات في مثل هذه البلدان بقدر القوانين والتشريعات الحقوقية لهؤلاء في حين أن الواقع مغاير تماما لما يقال مع قدر من وطأة الفعل تجاه منتسبي هذه المهنة التي باتت تصنف في المهن الخطرة في هذه البلدان وتلك، ما جعل الحرص خلال سنوات العقد المنصرم بالنسبة لأحوالنا منصبا باتجاه تكريس معاناة هذا الوسط الذي حرم من الكثير من الحقوق الوظيفية إلى درجة لايوجد فيها تصنيف لمن يعملون في هذه المهنة، وهو وضع لايؤهل أفضل القدرات في هذا الوسط للحصول على أدنى درجة وظيفية منصفة، ناهيك عن ظروف المعاناة والمرض التي تقابل بحالة تنكر غير مسبوقة، زادت دون ريب من اشتداد معاناة الوسط الصحفي الذي لاتحميه بأي حال هيئة نقابية لها حضور، كما هو الحال عند بلدان مجاورة، ومع ذلك لانجد حرجا من رفع شعار حضور العمل النقابي المناسباتي، وكأننا بمجموعنا إزاء طقوس اختيار الشخص المختار، أعني النقيب، والمجلس اللذين لا صلة لهما بأي حال بالوسط الصحفي ولا معاناته.

ويبقى السؤال بعد أن وضعنا بمجموعنا، أعني الصحفيين، في سلة واحدة معرضة للكسر والأنواء والأخطار الداهمة من كل حدب وصوب.. ألا يوجد مخرج من البقاء تحت مظلة لاتحمي من هجير الشمس والمطر، أم أن قبولنا بالأمر يعني قبول واقعنا في كنف هذه المسالمة النموذجية لنقابتنا العتيدة؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى