تقرير محدث عن الوضع الوبائي لمرض حمى الضنك في بعض محافظات الجمهورية

> «الأيام» بشرى العامري:

> مقدمة ..مرض حمى الضنك هو أحد أمراض الحميات التي تنتقل إلى الإنسان بواسطة أحد أنواع البعوض، يسمى الإيديز إيجبتاي (وهو بعوض يختلف عن بعوض الأنوفلس الناقل لمرض الملاريا).

تمتاز بعوضة الإيديز إيجبتاي بتكاثرها في المياه المكشوفة المحفوظة في الأوعية أو أحواض المياه أو الخزانات المنزلية، وكذلك تتكاثر في المياه المتجمعة بعد الأمطار في إطارات السيارات المهملة، أو علب الأغذية الفارغة وغيرها. وهذا يمثل التحدي الكبير عند مكافحة هذا النوع من البعوض إذ إن المكافحة مرتبطة بشكل كبير بإقناع المواطنين بأهمية تغطية الخزانات المكــشوفة، ومراقبة الأحواض أو الأوعية أو الإطارات أو العلب المهملة وتفريغها باستمرار من أي تجمع لمياه فيها.

وأهم أعراض المرض: الحمى والصداع وآلام في المفاصل والعضلات وألم خلف العين. وفي الحالات النزفية قد تظهر أعراض نزيف في الجلد أو عبر الأمعاء أو من الأنف أو اللثة.

الوضع العالمي للمرض

سجلت أول أوبئة بحمى الضنك في العام 1780 في ثلاث قارات في آن واحد هي آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية.

وعلى مدى القرنين الماضيين توسع انتشار المرض وسجلت حالات في معظم دول العالم، وتسجل أوبئة من وقت لآخر في دول آسيا وأفريقيا، وفي الجزيرة العربية تسجل حالات من وقت لآخر في الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية، وقد سجلت حالات في مدينة جدة خلال الربع الأول من العام 2008، كما سجلت أوبئة بمدينة جدة خلال العام الماضي 2007.

وتواجه حاليا كل من السعودية وإندونيسيا والهند أوبئة في بعض مناطقها.

الوضع الوبائي للمرض في محافظات الجمهورية

منذ العام 2002 سجلت في اليمن عدة أوبئة بهذا المرض، وعلى فترات متفرقة في كل من:

-1 محافظة شبوة

-2 محافظة الحديدة

-3 محافظة حضرموت/ المكلا

-4 محافظة تعز

-5 محافظة أبين

-6 محافظة عدن

ونتيجة لذلك فقد أضيف هذا المرض ضمن قائمة الأمراض التي يتم الترصد لها في جميع المحافظات، ويتم مراقبة الوضع وبائيا، ويقوم المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة بالعاصمة صنعاء وفروعه في المحافظات الرئيسية بإجراء الفحوصات التأكيدية للتشخيص السريري.

الوضع الوبائي الراهن في محافظات شبوة وأبين وحضرموت / المكلا ولحج والحديدة

سجل في المحافظات المذكورة تزايد في حالات الحميات خلال شهري مايو ويونيو، وقد قامت فرق الترصد الوبائي في المحافظات الخمس بمشاركة فريقين مركزيين وبمشاركة خبير منظمة الصحة العالمية بالتحري عن هذه الحالات، وجمع عينات دم، بالاستعانة بالمختبر المركزي وفروعه في عدن والمكلا، وأكدت التشخيص بحمى الضنك. (انظر الجدول المرفق الذي يوضح المحافظة والمديريات وعدد الحالات في كل منها خلال شهري مايو ويونيو 2008).

كما قامت فرق الترصد الحشري للبرنامج الوطني لمكافحة الملاريا بأعمال الرصد الحشري وتصنيف البعوض، وأظهرت النتائج تواجد بعوض الإيديز إيجبتاي بكثافة عالية.

ومما يجدر ذكره أن الفيروس المسبب لحمى الضنك متوطن في عدة محافظات، كما تم الإشارة إلى ذلك في تقرير وحدة بحوث البحرية الأمريكية بالقاهرة (مركز متعاون مع منظمة الصحة العالمية) في عام 2000.

الإجراءات التي قامت بها الوزارة وفروعها في المحافظات الخمس

-1 تعزيز الترصد الوبائي النشط للحالات في المحافظات الخمس.

-2 إجراء المسوحات الحشرية واليرقية في المديريات المستهدفة.

-3 تحريك فرق طبية علاجية للمديريات تضم أطباء وممرضين ومخبريين، وتجهيزها بالمحاليل الوريدية اللازمة وبالأدوية، بما في ذلك المستلزمات المخبرية لجمع العينات. كما شاركت في شبوة فرق طبية من الخدمات الطبية العسكرية.

-4 أنشطة لتوعية المواطنين، خصوصا أصحاب تربية النحل، بضرورة الإسراع في نقل مناحلهم حتى لاتتضرر من الرش بالمبيدات الخاصة بمكافحة البعوض، إلا أن عدم تجاوب البعض منهم، خصوصا في مديريات الصعيد وميفعة، أدى إلى تأخر البدء في الرش لعدة أيام، وبالتالي توسع انتشار البعوض الناقل إلى مديرية المحفد بمحافظة أبين التي سجلت فيها كذلك حالات مؤكدة مخبريا بحمى الضنك.

-5 توعية المواطنين عبر فرق الترصد والمعالجة بضرورة تعاونهم بتغطية الخزانات والأحواض والأوعية المكشوفة، والتخلص من المياه المتجمعة في العلب والأواني المهملة، وقد تم توزيع 10.000 نشرة توعوية للمواطنين في تلك المناطق، كما تم التنسيق بشكل أساسي في شبوة في إشراك فروع مكاتب التربية في المديريات للتعاون مع كوادر الصحة في نشر التوعية عبر المدرسين، وكذلك تم التنسيق مع فروع مكتب الأوقاف بالمديريات للاستعانة بخطباء المساجد في نشر التوعية بين المواطنين.

-6 تم تنفيذ أنشطة الرش الضبابي داخل المنازل من قبل فرق فروع البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا في المناطق الموبوءه بواقع يومين من كل أسبوع في كل مديريه، ويكرر الرش أسبوعيا لمدة 4 أسابيع، وقد تم تزويد الفروع بالمبيدات والمرشات المحمولة على الكتف، ومازالت أنشطة الرش مستمرة في محافظتي شبوة وحضرموت / المكلا، وقد توقفت في محافظة الحديدة بعد احتواء الوباء.

-7 تعزيز أعمال المكافحة من خلال إضافة فريق مركزي مكون من خمس سيارات لأعمال المكافحة والإشراف لمديريات ميفعة وحطيب والصعيد بمحافظة شبوة ومديرية المحفد بمحافظة أبين برئاسة مدير عام مكافحة الأمراض والترصد ومدير برنامج الملاريا.

-8 متابعة غرفة العمليات في وزارة الصحة العامة والسكان للوضع ورفع تقارير يومية بذلك.

-9 يجري حاليا وضع خطط لاحتواء أي تفشٍ في المديريات والمحافظات المجاورة.

-10 تم تزويد المديريات الموبوءة بعدد 3000 ناموسية لتغطية الاحتياج للحالات المرضية، وتم توزيع عدد منها على الحالات المصابة، ويجري توزيع بقية الكمية وفق الاحتياج والوضع الوبائي، حيث إن أثر استخدام الناموسيات في الوقاية من مرض حمى الضنك ليس كبيرا، إذ إن من طبيعة بعوض الإيديز إيجبتاي أن تعض أثناء النهار وليس ليلا أثناء النوم، فتنعدم فائدة الناموسية في هذه الحالة.

-11 تم تعزيز المحافظات بمبالغ مالية لمواجهة النفقات الطارئة في المحافظات الخمس لمواجهة فرق الترصد والمعالجة والرش.

-12 تم نزول مدير عام مكافحة الأمراض مرة أخرى وبرفقة المستشار الإقليمي لمنظمة الصحة العامة لمكافحة النواقل (القاهرة)، وزارا محافظة شبوة للاطلاع على أنشطة الرش والترصد والمعالجة، وتم تقديم التوصيات والتوجيهات لهم في الميدان.

الصعوبات

-1 قيام بعض المواطنين، بالذات في منطقة رفض مديرية الصعيد، بمنع فرق الرش من الدخول وتحذيرهم من عواقب ذلك، وهو ما أدى إلى عرقلة دخول الفريق إلى المنطقة وتفاقم الوضع، وامتداد الوباء إلى مديرية المحفد المجاورة.

-2 عدم توفر مصادر المياه المأمونة والسلوكيات الخاطئة في خزن المياه داخل المنازل أو بالقرب منها.

-3 ضعف دور الجهات ذات العلاقة وغياب آليات تنسيق قطاعية فاعلة.

-4 عدم تعزيز الوزارة بمبالغ مالية مخصصة لمكافحة مثل هذه الأوبئة منذ وقت مبكر بالرغم من المطالبة السابقة لما أقره مجلس النواب لمكافحة حمى الضنك.

-5 المبالغة والتعامل اللامسئول من قبل بعض وسائل الإعلام المقروءة وتأجيج القضية بما يؤدي إلى إثارة الرعب لدى المواطنين، وتشتيت جهود الوزارة والقائمين على أعمال المكافحة.

التوصيات

لابد من الأخذ بعين الأعتبار أن حمى الضنك مرض مرتبط في طرق انتقاله بسلوكيات الإنسان، ومن السهل احتواؤه في حالة التجاوب والتعاون من قبل المواطنين والسلطات المحلية، ومن الصعب القضاء عليه إذا ما حصرت مسئولية القضاء عليه بالقطاع الصحي فقط، وفيما يلي أهم التوصيات المطلوب تنفيذها بشكل عاجل:

-1 تكثيف الترصد الروتيني والنشط في المديريات الموبوءة وما جاورها من مديريات لمراقبة الوضع والاكتشاف المبكر لأي توسع في انتشار الحالات، والإبلاغ الفوري عنها.

-2 قيام مكاتب الصحة في المحافظات بالتنسيق مع مكاتب الإعلام والأوقاف والتربية للتعاون في نشر التوعية بهذا المرض وطرق العدوى به، و السلوكيات التي تزيد من تكاثر وتزايد البعوض الناقل له، وضرورة تعاون الجميع بما يكفل نجاح المكافحة، ما لم فإن الحالات ستستمر في الحدوث والوباء سيتوسع إلى مديريات ومحافظات أخرى.

-3 تعاون المجالس المحلية والجهات الأمنية في المديريات لإلزام أصحاب تربية النحل (خصوصا في مديريات الصعيد وميفعة والمحفد) بنقل مناحلهم مؤقتا حتى تتمكن فرق الرش بالمبيدات من القيام بعملها والنجاح في السيطرة واحتواء الوباء حتى يكتمل انحساره. حيث إن القيام بالرش في الزيدية قد أدى إلى انحسار المرض فيها، كما أدى إلى البدء في انحساره في مديرية حطيب.

-4 ضرورة قيام الجهات المختصة بتأمين مصادر مياه مأمونة وكافية للمواطنين في المناطق الموبوءة، بما يمنع جلب واستخدام خزانات وأوعية مياه مكشوفة. وتعد هذه الخطوة أساسية للقضاء على الأسباب الرئيسية لانتشار الوباء، حيث إن بعض المديريات لديها مشروع مياه إلا أن الضخ يصل في أيام متقطعة ولساعة أو ساعتين، مما يجعل المواطن في حاجة ماسة لتخزين كميات أكبر من المياه في ما توفر لديه من أوعية منزلية وبراميل وخزانات لسد الاحتياج من الماء، وغالبا ما تكون هذه الأوعية والخزانات مكشوفة، كما شاهدت الفرق الميدانية وخبراء المنظمة.

-5 قيام مكتب الصحة بتفعيل دور المرافق الصحية القائمة في تقديم الخدمات للمواطنين وعدم الاعتماد على الفرق الطبية المتحركة إلا في الضرورات القصوى.

-6 توفير اعتمادات كافية لتوفير مخزون إستراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية لمواجهه مثل هذه الحالات الطارئة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى