الذكرى الثانية لكسر حاجز الخوف الجنوبي.. هل تراجع الحراك الجنوبي بسبب اعتقال رموزه؟

> شفيع العبد:

> أيام قلائل تفصلنا عن الذكرى الثانية لما عرف بيوم كسر حاجز الخوف لدى الجنوبيين، فالمعلوم أنه في يوم 7 يوليو 2007 ازدحمت ساحة الحرية في خورمكسر بالآلاف المؤلفة من أبناء الجنوب الذين تقاطروا من الجبال والسهول والوديان التي تئن من الباطل المفروض عليها، والذين أعلنوا وعلى رؤوس الأشهاد رفضهم المعلن لسياسة فرض الوحدة بالقوة، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، حيث طالبوا بحقهم في تقرير المصير كحق تكفله الشرعية الدولية لحقوق الإنسان.. اختيار ذلك اليوم لم يكن للصدفة دور فيه وليس للعبث شأن به، إنه اختيار مدروس وممنهج.

فهو اليوم الذي تم فيه وأد الوحدة السلمية واجتياح الجنوب في عام 94م، وهو اليوم الذي كان له اسمان من قبل شركاء الحرب كلاً حسب مفهومه وأيدلوجيته (النصر) و(الفتح).

يتفق الجنوبيون على أن رفضهم للواقع المفروض عليهم منذ تلك الحرب وما خلفته من سياسات إقصائية وعدوانية لم يكن متأخرا، وإنما قد ظهر منذ لحظة إعلان الحرب حتى اليوم، كما يتفقون أن لجمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين الدور الأبرز في كسر حاجز الخوف.

ما تم التعارف على تسميته بالحراك السلمي الجنوبي أرخى سدوله على كل الجنوب بلا استثناء، الأمر الذي ولد الرعب لدى السلطة التي سارعت بالتعبئة الخاطئة لقواتها من خلال خطاب إعلامي متشنج كان نتيجته سقوط عدد من الشهداء والجرحى والزج بأعداد كبيرة إلى المعتقلات، حتى المرأة لم تسلم هي الأخرى.. وفي الجانب الآخر قامت السلطة بتشكيل لجان لتدارس الأوضاع في الجنوب، وكان من نتائجها ما عرف بتقرير (باصرة - هلال) الذي وضع الحاكم أمام خيارين أحلاهما مر، إما أن يختار الشعب- يقصدون شعب الجنوب- أو مجموعة من المتنفذين.. وهي إشارة حقيقية للوضع في الجنوب، ذلك الوضع الذي لايخفى على أحد حتى على الحاكم نفسه.. فبدلا من العمل على معالجة الوضع وإعادة الطابع السلمي للوحدة، ذهبت السلطة في غيها نحو البعيد، وحاولت استعجال النتائج من خلال فرض حالة طوارئ غير معلنة ومحاصرة المدن والقرى واعتقال رموز الحراك الجنوبي في صورة تدل على عقلية ما قبل الدولة، والزج بهم في غياهب سجون تحت الأرض ومن ثم تقديمهم للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة التي يحاكم أمامها أصحاب تنظيم القاعدة.. تلك هي التناقضات التي تعيشها السلطة، فمرة تقمع ومرة تخون ومرة تشكل اللجان لمناقشة الأوضاع واعتبار من قتلوا شهداء.. فما الذي يعنيه ذلك.. تقتلهم ثم تسميهم شهداء!! إنه اعتراف ضمني منها على أنهم أصحاب حق ومطالبهم مشروعة.. لكنه الغرور قد أعماها عن الاعتراف بالقضية الجنوبية ومشروعية مطالبها.. قد يقول قائل بأن السلطة استطاعت أن تفرمل الحراك الجنوبي باعتقالها لأولئك الرموز، وقد يذهب للاستشهاد بالواقع الذي خفت بريق الحراك فيه، وتلاشى صوته رويدا رويدا..وبحسب مقربين من الحراك الجنوبي فإن ما أقدمت عليه السلطة لن يزيد الحراك إلا قوة وعزيمة على الاستمرار.. وإن حدث تراجع في الفعاليات الجماهيرية فإنها مرحلة مؤقتة ليس إلا.

اليوم تمر الذكرى الثانية لكسر حاجز الخوف لدى أبناء الجنوب، الأمر الذي يضع عددا من الأسئلة في مواجهة المشهد الجنوبي، على أن السؤال الذي يفرض نفسه أكثر هو مدى استمرارية الحراك ومدى الوصول إلى رؤية وبرنامج سياسي وقيادة موحدة تدير شؤون الحراك وتشرف عليه، يكون من بين أولوياتها تقييم المرحلة السابقة بهدف استمرارية الحراك حتى تحقيق أهدافه التي ظهر من أجلها.

أظنه من باب الوفاء للشهداء والجرحى وللرموز الوطنية في المعتقلات أن يقدم الحراك الجنوبي على خطوة كتلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى