كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!.. مستشفى الرازي بأبين.. الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود!!

> «الأيام» شكري حسين

>
الوضع السيء لحمامات المستشفى
الوضع السيء لحمامات المستشفى
أحيانا تقيدني الفكرة.. ويربطني بالسلاسل والأغلال (الإلهام) فينشغل تفكيري ويسرح بالي في أشياء قد تبدو غير مفيدة، لأجل ذلك تأخر دافع الكتابة لدي عن مستشفى الرازي العام بأبين مرات كثيرة ومعها افتقدت أكسجين المبادرة.. ومؤخرا وجدت نفسي ملزما بطرق بابه بعد أن هاتفني أستاذي العزيز باشراحيل هشام باشراحيل (أبوهشام) بضرورة الكتابة عنه على خلفية شكاوى وصيحات عديدة.. لملمت أوراقي واستعنت بصديقي ريجي دباء الموظف في مكتب الصحة العامة والعالم بأخبار المستشفى وأحواله.

البداية صورة مؤلمة

قبل أن أدلف بوابة المستشفى كنت أعلم أن أي عمل يتأثر دوما بالسلب والإيجاب وتمتزج فيه مشاعر الارتياح وعدم الرضاء لكن الصورة الأولية بدت معتمة وإلى حد بعيد، بعد أن خدش بهاءها الوضع المزري الذي هو عليه بدءا بتردي أوضاع التطبيب وغياب روح المسئولية عند عدد كبير من العاملين فيه إلى الوضع المأساوي الذي ظهرت به أقسام المستشفى المختلفة وتردي عمل العيادات والأجهزة الطبية وغياب شيء اسمه نظافة.. ولعل أول ما يترك في النفس حسرة وفي القلب ألما وغصة الغياب شبه التام للجانب الفني انطلاقا من كونه الركيزة الأساسية لعمل أي مستشفى (عمل العيادات، الأقسام، المختبر، الأشعة، العمليات) وغيرها وأكثر ما يثير لواعج الأسى والحسرة أن قسم الطوارئ الذي لم يبق فيه إلا اسمه يفتقر لأبسط الأشياء من أدوية وغيرها، ويضطر المريض القادم إليه إلى شراء كل شيء من جيبه الخاص وغدا حاله (كالمستجير من الرمضاء بالنار) هذا طبعا إن كان حظه سعيدا ووفقه الله بوجود طبيب مناوب.

الأواني التي يتم فيها تقديم الوجبات
الأواني التي يتم فيها تقديم الوجبات
أما إن وجد القسم خاليا على عروشه فما عليه إلا أن يندب حظه ويشتكي حاله إلى المولى سبحانه وتعالى ليكشف عنه كربته ويزيل همه.

الداخل مفقود والخارج مولود!!

ويتعجب الزائر إليه كيف تحول الصرح الطبي الكبير ذو السمعة الكبيرة والشهرة الواسعة إبان فترة الثمانينيات ومطلع التسعينيات إلى مركز استقبال فقط تم تحويل الحالات مباشرة إلى مستشفيات عدن القريبة.

وبالتأكيد فإن جلمود الدهشة وصخور الاستغراب سرعان ما تتبدد عندما يعرف أن المستشفى لا توجد فيه أبسط المقومات وغياب شبه تام للإسعافات الأولية، ناهيك عن ساعات الانتظار الطويلة التي لابد أن يمر بها ويتجرع مراراتها كل من ساقته الأقدار إلى هناك لأسباب شتى وإن كان بعضها متعلقا بغياب المناوبين أو الممرضين لانشغالهم بأمورهم وعياداتهم الخاصة مما أثر سلبا في أداء العمل وبالتالي صار المستشفى غير قادر على استقبال الحالات المرضية وبالذات منها التي تحتاج إلى سرعة العلاج والكشف الطبي كالحوادث وغيرها.. ولعل أقصى ما يتمناه المريض حينئذ حصوله على ورقة التحويل إلى عدن على اعتبار أن الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود!.

أجهزة متهالكة في قسم الأشعة
أجهزة متهالكة في قسم الأشعة
رمتني بدائها وانسلت

تماشيا مع حقيقة رمتني بدائها وانسلت عزا كثيرون حال المستشفى المائل إلى الحرب الباردة بين أقطاب العمل وحالة الخصام الشديدة بين مكتب الصحة والقائمين على أمر المستشفى خلال السنوات الأخيرة على خلفية تجاذبات ومنازعات شخصية زاد من اشتعالها وساعد على إذكائها احتماء كل طرف بشخصيات مؤثرة مهمة.. إزاء ذلك كان من الطبيعي أن يدفع المستشفى فاتورة الخلاف ومن قبله المواطن الغلبان في المحافظة التي أثقلت كاهلها كثرة التجاذبات.. وهؤلاء بالتأكيد لم تلفح جباههم نار الألم التي يشعر بها المواطن المسكين لأن عندهم القدرة على العلاج خارج أسواره وربما في الخارج أيضا.

كيف يستقيم الظل؟

يذكرني حال المستشفى اليوم بالجندي في ساحة قتال دون سلاح.. إذاً كيف يستقيم الظل والعود أعوج يا سادة؟!! فالمستشفى وإلى جانب افتقاره للكادر التمريضي المتجدد والقادر على مواكبة التطور الطبي يبدو شبه خال من الأجهزة الطبية الحديثة.. وإذا ما سلمنا بوجود بعضها فهي إما أن تكون خارج نطاق الخدمة كما هو الحال بجهاز بنك الدم (ELI2A) المحجوز في المستودع منذ سنتين الذي يستفاد منه في فحص بعض الأمراض الخطيرة كالإيدز أو الصفار، وأيضا جهاز تخطيط القلب الذي تمَّ إحضاره من أستراليا دون الورق الخاص به وبالتالي أصبح وجوده مثل عدمه!.. بالإضافة إلى جهاز تنشيط القلب (الأيكو) الموجود في صنعاء منذ سنة ونصف السنة تقريبا لغرص الصيانة بعدما تعذر أمر إصلاحه في أبين.. ناهيك عن الأجهزة الضرورية الأخرى كجهاز الأشعة المقطعية غير المتوفر أصلا إلى قدم جهاز الموجات فوق الصوتية والأشعة وغيرها.. فضلا عن سوء عمل الجانب الفني والتمريضي في المستشفى لأسباب مختلفة يتعلق ببعضها باللامبالاه وغياب المحاسبة وعدم وجود طاقم تمريضي متجدد.

قسم الطوارئ الخالي من كل شيء
قسم الطوارئ الخالي من كل شيء
إذ يعود تاريخ البدء في العمل بالنسبة للطاقم الحالي إلى عام 1987م وبالتالي يصعب عليهم التعامل مع الأجهزة الحديثة، وغياب مبدأ الثواب والعقاب وكلها أمور ساهمت في تصوري في الوصول إلى تلك الحالة المزرية.

جهود ولكن!

تحاول إدارة المستشفى المعينة مؤخرا برئاسة د. محمد جمباء إعادة الحياة إلى مفاصل المستشفى المتهالكة لكن ذلك يتطلب مضاعفة الجهود من جميع الأطراف سواء في السلطة المحلية ومكتب الصحة العامة وجميع العاملين فيه.. وحاليا تم ترميم معظم الأقسام التمريضية إلا أنها بدت كالمولود القاصر والمشوة لاقتصارها فقط على عملية البناء وإغفال الجوانب الأخرى كالأثاث وغيره.. كما أن المستشفى يتطلب سرعة تزويده بالأجهزة الضرورية (جهاز مقطعي، جهاز أشعة فوق الصوتية، تخطيط قلب، بنك الدم، المناظير..وغيرها) والعمل على سرعة فتح العيادات ويبدو فتح صيدلة الطوارئ ضرورة ملحة إلى جانب تزويده بالممرضين والممرضات (دماء جديدة) وفني أشعة ومختبر.. وإحياء دور المفتش الصحي لمتابعة أمور النظافة والتغذية وحالة الملايات والبطانيات وغيرها.

مقتطفات عابرة

> غياب النظرة الموضوعية وتداخل الاختصاصات دفعا القائمين عليه إلى بناء (عيادات) جديدة.. والمضحك في الأمر أنه لم تتم مراعاة (التكييف) أثناء البناء.. أمام ذلك ليس هناك من حل إلا الإقفال ودفع 70 مليون ريال لإصلاح ما أفسده عطار المستشفى!!

> بعض المرضى قالوا إنه إلى جانب الإهمال الذي يتعرضون له في المستشفى، فإن بعض الممرضين يأخذون الأدوية التي يشترونها ويقومون ببيعها.. الشكوى على طاولة الإدارة للتحقيق في الأمر.

> في الوقت الذي يوجد في مستشفى ابن خلدون بلحج أكثر من 30 عاملا في الصيانة لايوجد في مستشفى الرازي ولو عامل صيانة واحد يمكن الاعتماد عليه.

أدوات مهملة وزبالة في بهو المستشفى
أدوات مهملة وزبالة في بهو المستشفى
وبالتالي فإن أي عطل أو خلل في أي جهاز يتم الذهاب إلى عدن.. تصوروا حتى الأجهزة لابد أن تمر عبر بوابتها.. ترى متى سيخلع مستشفى الرازي عباءة عدن ويستقل بذاته؟!.

> من غرائب الأمور في المستشفى أن الأطباء فيه يدامون يومين في الأسبوع واقتفى أثرهم باقي العاملين.. فهل يعقل أن المريض مثلا يشرف على حالته كل يوم طبيب؟ والسؤال لماذا لا يتم إلزام الجميع بالدوام الرسمي ماداموا موظفين مع الدولة؟

> التغذية والنظافة حدث عنهما ولا حرج ولأن الخبر ليس كالمعاينة أدعوك لزيارة مطبخ المستشفى أو أحد الحمامات فيه دون أن تنسى طبعا وضع الكمامات على أنفك حتى لا تصاب بالغثيان والدوار!!.

> إدارة المستشفى الحالية واقعة بين نارين (نار تسليم مبنى العيادات القديمة للمقاول لترميمها ونار تسلم المبنى الجديد دون تأثيث أو مكيفات) من بمقدوره فك الاشتباك وحل الإشكالية؟!.

> في الفترة الأخيرة تعالت صيحات الغضب من الأخطاء الطبية المتكررة في المستشفى.. فهل من مراجعة؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى