عشاء الفلاحين!

> عبود الشعبي:

> أنت يا من رفعه الناس محافظا، حين انتخبت ديمقراطيا، وأخبر بذلك إعلام الدولة الذي ملأ الآفاق بالمناسبة، كان ينبغي أن تحفظ هذا الجميل لأولئك الذين منحوك الثقة.. على أن يروا فيك مقدار عنايتك بمصالحهم، وترى فيهم مقدار ما يرحبون بما تنجز.

ومن أروع العلاقات بين الحاكم المحلي ومواطنيه أنه يرتبط معهم- مباشرة- بأحسن ما يكون من الأواصر، لا أن يظل مشدودا إلى (المركز)، لايفعل إلا ما يؤمر، ويسأل عما يفعل على حساب إبداعه وموهبته.. فيباعد الشقة بينه وبين ناخبيه، فلا يبدو إلا متكلفا في كل ما يقدم عليه، حين يرسم له (المركز) حتى الأشياء الصغيرة، فيتوارى- للأسف- خلف شخصيته (المفتعلة)، فيفقد سمته ورونقه، وما يدري العبدلله إلا وقد لفظه الناس من قلوبهم، لأنه رضي أن يكون قارئا جيدا لنصوص الإدارة العليا التي ربما حثته على قمع مواطنيه لمجرد أنه علم أنهم بصدد تنفيذ فعالية، لأنها- بحسب زعمه- تشكل مصدر خطر على السكينة العامة- المفقودة أصلا- والسلم الاجتماعي (المغيب).. وهل بقي لنا شيء من السكينة، ونفوس العباد يضرم الغلاء فيها كل ساعة نارا؟!، ما جربنا مرة أنها خبت أو هدأت حتى يُصب عليها زيت جديد يبشرها بتصعيد في الأسعار جديد.

إنه عشاء البسطاء من الناس.. ستظل (الحرية) أيها السادة مطلب كل الجماهير، كما يجدون الحاجة في طلب (الرغيف)، ولئن سبقنا الأمريكان في إيواء (القطط) وتدليل (الكلاب) وحسن العناية بتغذيتها، فإننا سنحاول منافستهم في طلب الحرية على الأقل، حتى لايشرب أطفالنا يوما شايا مرا (حلم بعيد) بعد أن عدموا علبة الحليب الرخيصة، بينما يقول الراوي في مقالة له: «إن رئيسا أمريكيا سابقا أضاف سكرا وكريما لفنجان قهوة صبه في طبق ليقربه أمام قطته الجائعة الجاثمة عند قدميه في أمسية خالدة، دعا فيها بعض الفلاحين الأمريكيين لتناول العشاء معه في البيت الأبيض».

ويضيف: «ولما كانوا يجهلون الإتيكيت الخاص بالمائدة قرروا فيما بينهم أن يقلدوا الرئيس في كل ما يفعله، ومضى كل شيء على ما يرام حتى قدمت القهوة، فصب الرئيس فنجانه في طبق، ثم أضاف إليه سكرا وكريما ففعلوا مثله، ولكن سرعان ما زاد دهشتهم عندما شاهدوه يضع هذا الطبق أمام قطته الجائعة!!».

نعم إن المواطن هناك سواء أكان فلاحا أم موظفا حكوميا لايتردد في التظاهر ضد السلطة إن رأى شيئا من حقه يسلب، وإن كان خارجا لتوه من مأدبة عشاء في حضرة رئيس دولة عظمى، بينما (عشاء) البسطاء من الناس في هذه البلدة الطيبة إذا هم تظاهروا ضد الغلاء أو قمع الحريات سياط وهراوات، يضاف إليها اعتقالات وسجون، كذا يفعل بالأقلام الصحافية وأصحاب الرأي!.

مع قتامة لون المشهد هذا مانزال نحس أن (الحكمة) ستشهد انطلاقة غير مسبوقة، لأنها (يمانية) فتقرب بين المتباعدين وتلملم الجراحات, وربما أن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي يرقب المشهد عن كثب سيضع حلا يجبر بخاطر أبناء اليمن جميعا، الذين هم أهله وناسه من حوف إلى الجوف.. وإنا بإنجاز هذا الأمل لواثقون.. والله المستعان!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى