وأد الديمقراطية تحت الأرض

> عبدالله ناجي علي:

> كنا نعتقد- إلى فترة قريبة- أن بلادنا قد دخلت فعلا ضمن قائمة البلدان التي أخذت بالديمقراطية الناشئة، وكم كنا نتفاخر أمام الآخرين بهذا الإنجاز السياسي الذي أدخلنا سنة أولى ديمقراطية.. ولكن المشهد السياسي خلال الأشهر الماضية أكد لنا أن ديمقراطيتنا الناشئة قد ظهرت عليها مؤشرات الفشل في سنة أولى!!. ونعلم جميعا أن أهم عنصر للديمقراطية الناشئة هو احترام حقوق الإنسان، وهذا يعني أن الأنظمة السياسية التي أخذت بهذه الديمقراطية تحاول بقدر الإمكان أن تحسن من سجلها في مجالات حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بطرق الاعتقالات للنشطاء السياسيين وأصحاب الرأي.. وكذلك تحسين أوضاع السجون، إضافة إلى توفير الضمانات القانونية عند القيام بأية محاكمات لأي ناشط سياسي أو صاحب رأي.

لكن المشهد السياسي الخاص بالحراك السلمي في الجنوب يؤكد لنا أن ديمقراطيتنا الناشئة لم تستوعب بعد من قبل الغالبية من ولاة أمرنا، وهذا ما أكدته طرق الاعتقالات للنشطاء السياسيين والكتاب الصحفيين، فقد تمت اعتقالاتهم بطرق تتنافى تماما مع مضمون ديمقراطيتنا الناشئة التي صارت حديث ساستنا ليل نهار.. فهل يعلم القائمون على أجهزتنا الأمنية أنهم بسلوكهم هذا- الذي لاينسجم مع متطلبات حقوق الإنسان أثناء الاعتقالات، والزج بالسجناء السياسيين وسجناء الرأي في زنازين تحت الأرض- إنما يهدرون فرصة ثمينة كان من الممكن أن تتحول إلى مكاسب عظيمة لديمقراطيتنا الناشئة، فيما إذا تم التعامل مع هؤلاء النشطاء بطرق مدنية تراعى فيها حقوق الإنسان؟!. فلماذا يصر البعض من ولاة أمرنا على تشويه صورة بلادنا أمام العالم الخارجي، بل حتى الداخلي، عندما يتعاملون مع النشطاء السياسيين والكتاب الصحفيين بعقلية قمعية شمولية، كما لو أن هؤلاء النشطاء في نظرهم مجرمون وليسوا نشطاء سياسيين وأصحاب رأي؟!. الطامة الكبرى أن يتم سجن هؤلاء النشطاء في زنازين تحت الأرض (!!).. فلماذا ياخبرة تحت الأرض؟!.

قولوا لنا بالله عليكم ما الحكمة والعبقرية من ذلك؟!. فهل من يدافع عن حقوق المظلومين فوق الأرض يكون مكانه الطبيعي- في نظركم- السجن تحت الأرض؟!. اتقوا الله ياخبرة، ونذكركم أن الدنيا فانية، ولن يبقى إلا العمل الصالح.. ألا يعلم القائمون على هذه التصرفات غير المدنية أنهم بهذا السلوك يغذون ثقافة الكراهية السائدة اليوم في الشارع السياسي، وهل هذا السلوك القمعي مع رموز حراك الجنوب سيساعد على حل المشكلة الجنوبية؟!.

بحكم معرفتي القريبة لبعض سجناء الرأي الذين تربطني بهم علاقة زمالة وصداقة حميمة، وهم الأحباء (أحمد عمر بن فريد، يحيى غالب الشعيبي، علي هيثم الغريب، أحمد القمع)، فهؤلاء النشطاء السياسيون والكتاب الصحفيون معجونون بقضايا الوطن حتى النخاع.. وإذا أردتم التأكد من ذلك عليكم العودة إلى كتاباتهم في صحيفة «الأيام».. الصحيفة الوطنية والوحدوية خلال العشر السنوات الماضية، ستجدون أنهم يدافعون عن المظلومين وينتقدون بلاطجة الفساد، ويطالبون بدولة النظام والقانون.. والمواطنة العادلة.. والوحدة التي تحفظ لأبناء الجنوب حقوقهم التي صادرتها حرب صيف 1994.. فهل يستحق هؤلاء الوطنيون الشرفاء السجن تحت الأرض لأنهم يطالبون بحقوق الناس المظلومين؟!.

نقول للعقلاء في السلطة سارعوا لاستيعاب مطالب أبناء الجنوب قبل فوات الأوان.. والخطوة الأولى لذلك تتمثل في الإطلاق الفوري للسجناء السياسيين وسجناء الرأي.. بعدها ابحثوا عن الأسباب الحقيقية التي أنتجت الحراك السلمي في الجنوب.. حينها ستجدون أن لصوص الوحدة هم السبب الذي أوصل بلادنا إلى هذا الوضع المختل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى