صانة قضب!

> سالم العبد:

> أثبت التاريخ في وقائع كثيرة لجوء الإنسان في الأوقات العصيبة للطبيعة، وإن كانت فقيرة، لسد حاجاته الضرورية في الحياة، كما حدث في المجاعات الكبرى حين اضطر الجوع الناس ليقتاتوا الحشائش والنباتات البرية، متجرعين طعم مرارتها وقساوة ضررها على المعدة.

وهنا بدأت الحكاية بإعادة اكتشاف خصائص ومميزات نبات القضب الداكن الخضرة، البرسيم المفضل للحيوانات (الداجنة).. وذكروا أن القضب تتجاوز منافعه عالم الحيوان الأليف إلى عالم الإنسان، باعتباره كائن مزودج لاحم ونباتي.. ومن أبرز منافعه- كما قيل- أنه مكافح فعال لداء السكري وأمراض القلب والمعدة وغيرها مثل الضغط والعشى الليلي.

وكما ورد بتفصيل أكثر عن فوائد (القضب) العلاجية في نشرة أعدها ووزعها دهاقنة التطبيب بالأعشاب حتى أضحى الكثيرون يتسابقون للحصول على حزمة من هذا النبات السحري المتوافر في كل الفصول، والذي أطلق عليه البعض (دواء المساكين).

المثير أنه مع إعادة اكتشاف (القضب) كعلاج سهل وميسور، حدث أن تم ما يشبه الاستدعاء للذاكرة، وبالتحديد مشاهد ووقائع من المجاعة الكبرى التي جثمت بكلكلها وأرزائها في أواخر الأربعينات من القرن الماضي، في تلك المجاعة اتخذ الناس نبات (القضب) كوجبة رئيسة اضطرارا، برغم الظروف الخارجية في حصول تلك المجاعة (الحرب العالمية الكبرى) بانقطاع المؤن عن الموانئ الرئيسة.

ومع هذا الاستحضار- وسط ظروف مغايرة- فكر البعض، ممن كوتهم وأولادهم نار الجوع وقلة ما باليد، بالانتفاع من نبات (القضب) ليس كعلاج، ولكن كوجبة تملأ البطون الخاوية، وتسكت غائلة الجوع الكافر.. وبعيدا عن الأعين الشامتة يعدون أنفسهم وأطفالهم لتقبل مذاق النبات العجيب كوجبة تكفيهم ذل السؤال والنبش في النفايات والمزابل، وهكذا أخذت تنتشر تهكما وإدانة لخطابات نظام الإنجازات ومكافحة الفساد والفقر وتجارة الأطفال و.. و.. ونبرة مهموسة.

هاه ترى هل سيأتي يوم تكون فيه صانة القضب أطيب مذاقا من وجبة الصيادية، وبدون سكري ولاضغط ولاقلب؟ ونجعل من عيدان وأوراق هذا النبات العجيب شعارا لافتا، نفاخر به الأمم والشعوب الأخرى، ونعلن أنه ليس بالنفط وحده ولا بالثروات البحرية والبرية يمكن القضاء على الأمراض.. الأمراض المستعصية والمزمنة والمستوطنة والقاتلة، وفي المقدمة منها الجوع الكافر والفقر.. و.. وعاش القضب وسائر مشتقاته واستخداماته.. وكل شيء تمام يا أفندم!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى