استراتيجيات حبر على ورق

> وليد محمود التميمي:

> تتصدر اليمن قائمة دول العالم الأكثر إشهاراً لاستراتيجيات تبقى مضامينها حبرا على ورق ومجرد سطور في مجلدات ضخمة تستخدم كأداة للعرض في رفوف مكتبات وأدراج خشبية أنيقة .

فبالإضافة إلى استراتيجية التعليم الثانوي، تطفو على السطح استراتيجية التعليم الفني والتدريب المهني، واستراتيجية مكافحة البطالة والقضاء على الفقر، واستراتيجية تطوير القضاء، والاستراتيجية الوطنية للأجور.. إلخ، ومعظم هذه الاستراتيجيات التي تمتد لفترات تتراوح مابين خمسة وخمسة عشر عاماً أعدت لإحداث تغييرات جذرية في المؤسسات الحكومية المستهدفة على أمل إصلاح أوضاعها المتدهورة .

لكن هذه الاستراتيجيات وظفت على ما يبدو في إطار نفعي ومصلحي ضيق، وإضافة إلى عجزها عن الحد من إرهاصات التردي والفوضى العارمة التي تشهدها القطاعات الرسمية المختلفة، فقد ساهمت في استجلاب مصادر الدعم والهبات الأجنبية .

وبدت في أحايين كثيرة سببا من أسباب اتساع رقعة الفساد واستنزاف المال العام، كون المبالغ المرصودة لتنفيذها بالعملة الصعبة، ومخصصاتها تصرف للأفراد والمجموعات، إما باليورو أو الدولار .

ومن الملاحظ أن الحكومات اليمنية المتعاقبة كثفت خلال السنوات العشر الأخيرة حملات الإعلان عن استراتيجيات يصفها واضعوها بالطموحة، في حين ينظر إليها المواطن العادي بعين الريبة والشك بعد أن بلغت قناعاته حد اليقين بأن هذه الاستراتيجيات أعدت للاستهلاك الدعائي والإعلاني على الصعيدين الداخلي والخارجي .

فالحجج الدامغة والمؤشرات على الأرض تبرهن على أن التعليم في تراجع مستمر وحال مؤسساته من سيء إلى أسوأ، والدليل هو تصدير الغش العلني في الامتحانات عبر الفاكس وقنوات الاتصالات لمحافظات كانت عصية على امتداد الظاهرة من بينها حضرموت، كما أن ميزان القضاء ظل مختلاً، والقوانين والدساتير غير مفعلة، والمحسوبية والرشوة باتت تتحكم في مقاليد كل شيء، والكلمة السحرية (ادي زلط) أصبحت مفتاحا لكل المسالك والعقد، والمفسخة لأي روتين إداري مهما بلغت تعقيداته، ووضع الموظف الحكومي كل يوم في النازل، وإذا أكرمته السلطة بإضافة ألف أو ثلاثة آلاف إلى راتبه، ارتفعت تكاليف المعيشة أضعاف أضعاف، فتفشت البطالة وعم الفقر .

والغريب أن حكومتنا الموقرة لم تكلف نفسها جدياً عناء تدارس إمكانية بلورة استراتيجيات واقعية وأكثر ارتباطاً بحياة المواطنين والتصاقاً بمصالحهم تشمل مجالات الأمن الغذائي والتأمين الصحي وتوفير مياه الشرب وإمدادات الكهرباء لدرء مخاطر الكوارث والمحن، فهل السبب يكمن في العجز والتقاعس أم الاستراتيجية أو كلاهما معاً ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى