على ضوء منهجية الكويت العدلية: إعدام أمير

> د.هشام محسن السقاف:

> تشغل دولة الكويت الشقيقة هذه المكانة المهمة في الخارطة السياسية والجغرافية العربية بعراقة واتساق بنيــان الدولـة على مــدى قرنين من الزمـان كحاضن قانوني ناظم للعلاقــات الاجتماعية بين السكان، واضطلعت بدورها القومي، بعيدا عن غوغائية الشعارات منذ فترة مبكرة سبقت إعلان استقلالهــا في مطلع الستينات الماضية، وتكفلت بأداء دور تنويري على مستوى مساحة الضاد الناطقة بين الماء والماء العربي، سبقت به غيرها من دول المنطقــة، وتلقفت رسالة الإشعاع التنويري والمعرفي بالتوازي مع العواصم الأساسيــة القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد، بل واللافت أن الكويت الدولة قد أفسحت انزياحات بارزة لحرية التعبير بحيث غدت الصحافة في الكويت تمثل ذلك الاكتظاظ السياسي الذي عرفته الصحافة اللبنانية، بل واستدعته ماثلا بحيوية إبان الحرب الأهلية اللبنانية حتى وإن لم تشرع الحكومة للتعددية الحزبية.

أما التجربة البرلمانية الكويتية، فهي من التجارب ذات القيمة الليبرالية، تسبق بها الكثير من التجارب اللاحقة في المنطقة، تبدأ منذ استقلال الدولة عن بريطانيا، وتتجلى هذه القيمة بنزاهة إجراء الانتخابات في كل مراحل العملية الانتخابية، وتفاعل وحيوية المجتمع الكويتي وألوان الطيف السياسي وعموم المواطنين.

ناهيك عن الدور الرقابي المسئول الذي يمارسه البرلمان (مجلس الأمة) ويبزّ به كثيرا من البرلمانات والمجالس المماثلة، ويكفي أن يكون لهذا المجلس سلطة قانونية حقيقية تسقط حكومات ووزراء بقوة القانون، وحتى في الحالات المعدودة التي يحل فيها المجلس، فإن الإرادة الأميرية الشرعية تضع وتحدد موعدا آخر لانتخابات جديدة لمجلس أمة جديد.

وعدا حالات الفساد التي وقف في وجهها المجلس والمحاكم الشرعية والصحافة الكويتية ومنظمات المجتمع المدني واتخذت إزاءها المعالجات القانونية المنصوص عليها، ما يرسخ التقاليد النيابية والعدلية في المجتمع، ويؤكد حيوية شعب الكويت وتفاعله مع قضاياه المختلفة في ظل ثوابته المعروفة وبضمان حرصة على خصوصية تجربته العريقة وتطويرها باستمرار، فإن تداول وسائل الإعلام العالمية لخبر حكم الإعدام الصادر من محكمة كويتية بحق أحد أفراد الأسرة الحاكمة ورفعه إلى الاستئناف دليل آخر على ما تقوم به الكويت الدولة والشعب ومنظوماتها القانونية والمدنية المختلفة من تأصيل قيمتها الليبرالية والديمقراطية والعدلية بالطريقة المنهجية التي سارت على هدي من إرشاداتها منذ عقود لصالح مجتمعها وشعبها وبالحفاظ على خصوصيتها التي امتازت بها على الدوام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى