الدولة القانونية

> د.يحيى قاسم سهل:

> الدولة القانونية، مفهوم أو مصطلح مشترك بين عدة فروع علمية ومعرفية عديدة، منها علم الاجتماع والعلوم السياسية والنظم السياسية والقانون الدستوري والقانون الإداري، ومعناه خضوع الدولة للقانون بجميع مظاهر نشاطها سواء من حيث الإدارة أم القضاء أم التشريع، وذلك بعكس الدولة البوليسية، حيث تكون السلطة الإدارية مطلقة الحرية في اتخاذ ما تراه من الإجراءات تحقيقا للغايات التي تنشدها. والدولة البوليسية تختلف عن الدولة الاستبدادية، ففي الأخيرة تتعسف الإدارة بالأفراد بحسب هوى الحاكم أو الأمير وتستبد بأمورهم.

أما في الدولة البوليسة فليس للأفراد حقوق قبل الدولة، وللإدارة سلطة مطلقة في اتخاذ الإجراءات التي تحقق الصالح العام للجماعة، على أساس أن الغاية تبرر الوسيلة. وعلى العكس مما سبق ففي الدولة القانونية لاتستطيع الإدارة أن تتخذ أي إجراء قبل الأفراد إلا وفقا لقواعد قانونية موضوعه سلفا تحدد حقوق الأفراد وتعين وسائل تحقيق الأهداف.

وأهم ما يميز الدولة القانونية هو أن السلطات الإدارية لايمكنها أن تلزم الأفراد بشيء خارج القانون النافذ.

ومبدأ خضوع الدولة للقانون يعني خضوع جميع السلطات في الدولة للقانون، وهو مبدأ قانوني قصد به صالح الأفراد وحماية حقوقهم ضد تحكم السلطة.

وينبغي توافر عناصر مختلفة وتقرير ضمانات للقول بخضوع الدولة للقانون أو لتحقيق مبدأ الدولة القانونية، وتتمثل هذه العناصر والضمانات فيما يلي:

1- وجود دستور يحدد طبيعة نظام الدولة وفلسفتها، ويبين قواعد ممارسة السلطة فيها ووسائل وشروط استعمالها.. إلخ.

2- الفصل بين السلطات وتحديد اختصاص كل منها.

3- خضوع الإدارة للقانون وعدم جواز اتخاذ أي إجراء من قبل الإدارة سواء كان الإجراء قانونيا أم ماديا إلا بمقتضى القانون وتنفيذا له.

4- تدرج القواعد القانونية المكونة للنظام القانوني للدولة من حيث القوة والقيمة القانونية لكل منها، فتوجد القواعد الدستورية في قمة الهرم، لأنها تصدر عن السلطة التأسيسية، وتليها القواعد القانونية العادية الصادرة من السلطة التشريعية ثم اللوائح أو القرارات التنظيمية، وأخيرا القرارات الإدارية الفردية التي تشكل قاعدة هذا الهرم.

5- الاعتراف بالحقوق والحريات الفردية، بمعنى أنه لن يتحقق مفهوم الدولة القانونية إلا بكفالة الحقوق والحريات الفردية واحترامها، بل بالتدخل بشكل إيجابي لكفالتها وضمان ممارستها.

6- وجود رقابة قضائية فعالة على أعمال الإدارة ضمانة أساسية من ضمانات قيام الدولة القانونية، وتكمن أهمية الرقابة القضائية في استقلال القضاء وحياده، الأمر الذي يسم أحكامه بالموضوعية والإنصاف، ويمنحها حجية بوصفها عنوان الحقيقة.. إلخ، وكل هذا لايتوفر في الرقابة السياسية أو الرقابة الإدارية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى