«الأيام الرياضي» تفتح الملفات الرياضية.. مكوكيـــة التـرحال تؤثر على الأجواء التنافسيــة وتقتل الآمــال.. بــاصــات الأجرة واصلت المسير .. المثير وعاشت موسما استثنائيا والوزارة تستمتع بضربات الشمس! (3) المواصلات

> «الأيام الرياضي» آزال مجاهد:

>
لاعبو التلال في إحدى الرحلات وصورة تعبر عن الوضع القائم..!
لاعبو التلال في إحدى الرحلات وصورة تعبر عن الوضع القائم..!
قبل أن نخوض في موضوع المواصلات بين المدن اليمنية ومسألة مكوكية الترحال رياضيا، بالطبع ولكوننا نتحدث عن مجموعة قضايا تؤثر بالسلب على واقعنا الرياضي غير السوي، وتقتل معها متعة التنافس ولذته لايمكننا أن نتجاهل ونغفل الحالة الفريدة التي تعيشها رياضتنا اليمنية من عدة أوجه، منها طريقة تنقل الرياضيين بين المدن وملاعب المباريات.

وما لها من سلبيات مؤثرة بالطبع على مسيرة الأندية المشاركة في الدوري العام في مختلف مسابقات المواسم الرياضية التي تعد من الأسباب المباشرة التي تنعكس سلبا على اللاعب اليمني ومردوده ومستواه العام خاصة ومستوى الكرة اليمنية عامة، وبالتالي تقتل الآمال التي لازالت حالمة هائمة تستجدي مستقبلا رياضيا أفضل، ولكوننا معرضين لجملة من الصعوبات التي تحول بيننا وبين تقديم مستويات لايجوز أن نطلق عليها تنافسية طوال مواسمنا الكروية، فالمتابع لواقع حال الأندية اليمنية لابد أن يشد انتباهه الحالة التي تعيشها أندية الدرجتين الأولى والثانية مع انطلاق الموسم الكروي فنيا وإداريا ونفسيا في ذات الوقت، فمثلا إذا ما تطرقنا لتنقلات الأندية لخوض مباريات (الدوري العام + كأس الرئيس + كأس الوحدة)، وهي منافسات الموسم الفارط سنستخلص العبر على مدَّ البصر من مشوار الأندية اليمنية، وربما تكون غالبا العبرة (مرة).. فالتنقلات بين المدن للعب المباريات هي أولى العثرات التي تواجه الأندية وإداراتها وجهازها الفني واللاعبين، وربما جماهير هذا النادي أو ذاك.

المتابع لحال الأندية المشاركة في إحدى بطولات الموسم الكروي سيجد دون أدنى شك الكثير من العلامات التي توحي بمشاكل التنقل، فاللاعب اليمني بطبيعته وبـ (سكيولوجيته) ونفسيته يمل عادة من القيود التي تفرض علية داخل أرض الملعب وخارجة، فما بالك بقطعه لمسافات قد تصل إلى خمس عشرة ساعة متواصلة من السفر، وهذا كله للعب مباراة، ومن ثم العودة إلى مدينته مع بزوغ فجر يوم جديد، وبمعنى أدق يبقى اللاعب ليومين متتاليين دون نوم، فاليوم الأول مشقة ذهابه وسفره والثاني مأساة لعبه للمباراة ثم إيابه وعودته في اليوم نفسه، هذا إن وجدت وسيلة للنقل (الحافلة)، ناهيك عن المشاكل المترتبة على ذلك، فالمؤلم إلى حد جرح الذات أن نجد ناديا يمنيا في الدرجه الأولى أو الثانيه لايملك حافلة خاصة به، ويعتمد في تنقلاته على باصات الأجرة التي ينتظر سائقوها موسم الحصاد الكروي والكساد الرياضي الإداري ممثلا بالأندية والوزارة ومعهم اتحاد الكرة!.. فتجد لاعبي ذلك النادي (مكدسين) متزاحمين، الواحد منهم فوق الآخر في حافلات 26 راكبا أو 16 راكبا، وهذا مشهد غريب غير مألوف.. فهو لايحدث إلا في اليمن!!.. ومتى في بداية الألفية الثالثة..!!.

لاعبو حسان بعد نهاية التدريب في طريق عودتهم
لاعبو حسان بعد نهاية التدريب في طريق عودتهم
واقع مر.. هزال.. وأنيميا.. وضربات شمس

واقع مرير للغاية ولابد أن يشعرك كقارئ ومتابع بمرارته الشبيهة بمرارة العلقم، فهناك ما نطلق عليهم المتخصصين والقائمين على أمور رياضتنا اليمنية، وهناك صندوق رعاية للنشء والشباب، وهناك وزارة للشباب والرياضة في (وطني) الساعي للرقي ومواكبة ما يدور من حوله، وهناك أندية محلية تنطوي جميعها تحت سقف اتحاد كروي أهلي يتحدث بلسان حالها، ويفترض أن يتفقد (أحوالها).. فالضرب بالميت حرام.. يا جماعة الخير!!.. ويكفي أن المخصصات المالية بالكاد تسد رمق الأندية المصابة بالجفاف الصحراوي الذي أدى بها بدوره للإصابة بـ (الهزال)، وأصبحت الأندية تعاني من (الأنيميا) الحادة التي أفقدتها التوازن وسط ضربات الشمس الحامية، وكما يبدو أن المتخصصين في الرياضة والرياضيين يستمتعون بهذا من ناحية.. أما من الناحية الأخرى التي لاتخلو من الأهمية هي حكاية الطرقات المرهقة المرافقة لرحلات التنقل الشاقة بين المدن اليمنية التي تصيبك بحالة من الإرهاق الشديد، أتحدث كمجرب لتلك المعمعة، وعلى سبيل المثال هناك بعض الفرق بلاعبيها- نقول بعضا منها- في الدرجتين الأولى والثانية تجدها تقدم مستويات ممتازة على ملاعبها ويتغير حالها تلقائيا حالما تطأ أقدام لاعبيها حافلة النادي متجهين صوب المهمة القادمة خارج الأرض، سفر وطول ترحال وطريقة جلوس مؤسفة يتخذها اللاعب في عدة مواضع وبأشكال متنوعة كالقرفصاء والتمدد الجزئي!! وهكذا في انتظار ما سيؤول إليه الأمر داخل المستطيل (الأخضر) تارة و(الأغبر) تارة أخرى!!، فلا فرق يذكر بينهما إلا فيما ندر، والنادر لا حكم له.. وما أن ينهوا المهمة على مضض حتى يعود هاجس العودة صوب الديار ومعمعتها المرافقة إلى أذهانهم، وإضافة لما هو حاصل نجد أن جداول المسابقات الرياضية المحلية لاتراعي المسافات بين المحافظات، فتجدها تضع ذاك الفريق في مباراة في سيئون أو في الحديدة قبل اللعب على الأرض، وبعدها مباشرة السفر نحو حرض أو شبوة أو صنعاء، وتستمر معاناة إدارات الأندية ولاعبيها وحتى الجمهور المتابع من هذا الوضع وإن كان اللاعب هو المتأثر الأكبر من كل ما يدور لكونه يبقى دائما مطالبا بتقديم المستويات العالية داخل الملاعب المختلفة سواء كان في القدم أم في الطائرة أم في السلة وغيرها من الرياضات وسط ضربات الشمس.

حافلة نادي الشعلة بعد الحادث الأليم
حافلة نادي الشعلة بعد الحادث الأليم
صورة كربونية.. الشعب والمسيـر المثيــر

من واقع الحال الذي نتحدث عنة نقتبس صورة كربونية ليست بالبعيدة عنا كثيرا، فمعاناة ناديي شعب إب واتحادها كبيرة في هذا الجانب إلى وقت قريب، وأقصد بالطبع جانب المواصلات والتنقل، فالنادي الأول أصبح ضلعا مهما بين أضلاع الكرة اليمنية خاصة في السنوات القليلة الماضية التي استطاع فيها أن يثبت علو كعبه وعلو كعب شبابه وأبناء هذه المحافظة الرياضية التي تنجب لاعبين من طينة مميزة، فهم يمثلون مصدرا للفرح الدائم لها.. النادي الإبي كان غير مكتمل الملامح، وكانت صورته كنادٍ غير مكتملة بالنسبة لمحبيه، فمن يصدق أن هذا النادي الذي سجل اسمه في قائمة شرف الأندية اليمنية أبطال الدوري والكأس لم ينفك عن المطالبة بحافلة تقيه ولاعبيه المسير المثير الذي بدأوه قبل عامين، واستمروا في خضمه قبل أن تُحل معضلتهم- أخيرا- فقد أصبحوا يُعتبرون من (الزبائن) الدائمين لدى فرزات الباصات المنتشرة في محافظة إب التي بدورها لاترد محتاجا.. فهل أرضى ذلك الوزارة؟! وهل يرضي طموح القائمين على الوضع الرياضي الذي وإن كان سيئا فلا يجدر بنا نحن أن نضفي عليه مزيدا من السوء أو نعقد أموره أكثر أو نسوقه نحو الاضمحلال بأيدينا، فالمعنى واضح وليس كما يقال في (بطن) الشاعر!!.. فالأندية اليمنية بحاجة إلى سند حقيقي في ظل الوضع السائد ومحدودية القدرة على إكفاء الذات، ومع ذلك لايزال السؤال البديهي يراود مخيلتي ومعي الكثيرون، ألم تكن السنتان الماضيتان كفيلتين بمعالجة معضلة نادي بحجم الشعب، أيعقل ذلك؟!!.. وكيف سيكون الأمر مع بقية الأندية المتواضعة على خارطة الأندية اليمنية؟!.. بالطبع كل الشكر لكل من ساهم ولو بكلمة في حل مأساة هذين الناديين وبعد طول صبر قبل أن يتحقق الإنجاز الشبيه بـ (النصر) لأبناء إب ولرياضتها، وتُصرف لهم الحافلات كخطوة إلى الأمام، وإن تأخرت بعض الشيء، لكنها جاءت، وهو الأهم.

لاعبو شعب حضرموت في إحدى الحافلات السياحية
لاعبو شعب حضرموت في إحدى الحافلات السياحية
أفول نجم والعناية الإلهية

قبل أكثر من تسعة أعوام وفي حادثة مرتبطة كل الارتباط في المقام الأول بقضاء رب العرش أولا وبمأساة التنقل ثانيا وثالثا وآخرا فُجع الوسط الرياضي ومتابعوه بحادثة هزت أركان الرياضة والرياضيين في حينها، وهي انقلاب حافلة نادي الشعلة بمن فيها، بعد أن هوت أثناء عودة الفريق من لقاء في العاصمة صنعاء، وراح ضحية ذلك الحادث في يومها حامي عرين المرمى الشعلاوي والمنتخبات الوطنية الحارس المغفور له بإذن الله عارف عبدربه، الحادثة في يومها خلفت حزنا كبيرا وحالة هلع لحجم الضرر الذي خلفته، فالفريق وبكامل نجومه تقريبا تعرض لإصابات متنوعة، ولولا لطف القدر والعناية الإلهية لكانت المصيبة أكبر من مجرد أفول نجم عارف أو غيره من نجوم الكرة اليمنية.. تحدثنا عن هذة الحادثة وذكرنا تلك المأساة لعلمنا بأن الأمر قد تكرر أكثر من مرة للعديد من الأندية اليمنية، منها من تعرض لحوادث مرورية كانت أكثرها ستؤدي إلى مزيد من المآسي، ومن هذه الأندية من تعرض للتقطع وهذه (موضة) جديدة ظهرت مؤخرا على طرقات المدن اليمنية تُضاف إلى غيرها من الأحداث المؤسفة، فهل من الضروري أن تقع الفأس فوق الرأس لأكثر من مرة حتى نستوعب بأننا نسير في الطريق الخطأ، ونتبع مواصلة الطرق المصابة بنقص (المناعة) المكتسبة قبل أن نؤمن بالتغيير في خط سيرنا وطريقة تفكيرنا وتعاطينا مع الأمور.. أعتقد بأن الموضوع يستحق كل الاهتمام.. ورحمة الله على عارف عبدربه.

لاعبو الرشيد.. والفرق واضح
لاعبو الرشيد.. والفرق واضح
لايزال هناك متسع ولو بعد حين

تطرقنا لمشكلة المواصلات وأفردنا لها مساحة حرة قد تساعدنا وتساعد أولي الألباب على إلقاء نظرة فاحصة على أوضاع أنديتنا اليمنية التي لاتزال تعاني من كابوس التنقل المكوكي الممل الذي ترافقه جملة من الصعوبات والنواحي المؤثرة التي استعرضناها، ولم نتناول تفاصيلها الدقيقة المتبقية بعد، إيمانا منا بالنقد البنـاء لكل ما هو رياضي، وإن كان في بعض الأحيان النقد والعتاب قاسيا، فقسوته مستمدة مما يدور في الساحة الرياضية اليمنية.. والحق يقال إن اتحادنا الكروي تمكن من النجاح هذا الموسم بشكل غير اعتيادي في التنظيم والسير ببطولات موسمنا المنقضي نحو خط النهاية بسلامة واستطاع اتحاد الكرة كذلك أن يحل الكثير من الإشكالات والمعضلات التي واجهته وواجهت بعض الأندية، لكن ومع الأسف الحلو ما (يكملش) يعني لو يحاول القائمون على رياضتنا اليمنية بشكل عام وليس كرة القدم فقط أن يراعوا مسألة تنقلات الأندية في جداول مواعيد المباريات فهذا الأمر من شأنه أن يقلل من ضرر المشكلة، وبمعنى أوضح رفقا بلاعبي الأندية الذين هم الأساس وهم كلمة السر في تفوقنا الرياضي، وأولى لبنات التقدم الرياضي الواقعي.. ويا ريت لو نقدر نرى ارتفاعا في نسبة المخصصات الموجهة لإدارات الأندية التي لازالت أكثرها تمثل دور الابن المزعج غير السوي والخارج عن طوع والديه الذي تتم معاقبته بتقليل مصروفه حتى لايتكرر خطؤه، كخطوة تلحقها خطوات تالية.. فمن غير المعقول أن لانكون مستوعبين ما يدور من حولنا فكل شيء في ارتفاع وزيادة إلا المخصصات المالية لأنديتنا الرياضية التي من شأنها أن ترفع من قيمة الأندية ومن أنشطتها وفعاليات ألعابها الرياضية بشكل عام، وتسهل تنقلها بشكل خاص كمحور لحديثنا، ولماذا لاتلجأ الإدارات للتنقل جوا اختصارا للوقت والجهد متى ماتوفر المخصص الكافي، وبعد ذلك يعود الأمر لإدارات الأندية، فالخامل سيتضح خموله والفاعل ستزداد فاعليته، فالوزارة وصندوق الشباب واتحاداتنا الرياضية لا ضرر عليها ولا ضرار، فكل ذلك (مخصص)، وينتظر التخطيط السليم وحسن الإنفاق حتى يأتي أكله.. فالأندية اليمنية لازالت غير احترافية الأداء والمبدأ، وإن وجدت إدارات تُحترم ونعتبرها أنموذجا لأن المال في المقام الأول والدعم الخاص هو ما جعلها (تُحترم)، لذلك وطالما أن التجربة قابلة للتطبيق على أكثر من نادٍ فأنه لايزال هناك متسع وأمل أن يتحسن الواقع ولو بعد حين، فكم من نادٍ وليد استطاع بالدعم اللا محدود أن يذهب بعيدا.. نحتاج ذلك للأندية اليمنية ككل!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى