في رحاب مواكب الخالدين

> يحيى عبدالله قحطان:

> (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون).. حينما تفنى الأجساد بالإرادة القتالية والتضحية والفدائية، وحين تخلد الأرواح بالعمليات الاستشهادية على مذبح الحرية والعزة والكرامة تحقيقا للعقد القدسي مع الله عز وجل، وحين يستعذب المجاهدين الأبطال الاستشهاد ليهبوا لأمتهم عذب الحياة الحرة الكريمة، حينئذ تتجدد الحياة السرمدية، وتتعمق القيم الجهادية والنضالية والعمليات الفدائية والملاحم الاستشهادية لتنير للمكلومين والمستضعفين في الأرض طريق الحرية، الانعتاق، العزة، الخلاص، العدالة، والسلام..(ولاتقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لاتشعرون).

حقا إنهم أحياء بمبادئهم وأفكارهم وأخلاقهم، أحياء بسجلهم الجهادي والنضالي.. إنهم في قلوبنا رحمة، وفي أفكارنا صحوة، وفي وجداننا ثورة.

عندما يتمكن الصهانية وحلفاؤهم من قتل مواطنينا ومجاهدينا ويغتالون أمثال الشهيد القسام، والزعيم ياسر عرفات، وشيخ المجاهدين أحمد ياسين، والشهيد مغنية، والشهيدة دلال المغربي وغيرهم من شهداء أمتنا الأماجد، يعتقد هؤلاء الصهاينة والمستعمرون الإرهابيون في ساعة طيشهم ونشوتهم أنهم قد استراحوا من ذلك الفارس الهمام الذي ظل يقض مضاجعهم، ويكدر صفو حياتهم الماجنة.. متناسين أن دم الشهيد لايتوقف عن استمرار دورته في شريان الحياة المتجددة.. وكيف لهذا الدم الفياض بعبق الفيض الرباني أن ينضب معينه أو تتوقف حركته أو تخفت شعلته وهو يتقد من شجرة ربانية مباركة زيتونة لاشرقية ولاغربية.

إن استمرار قتل واغتيال مواطنينا ومناضلينا من قبل مجرمي الحرب الصهيوني والاستعمار الغربي يعتبر اغتيالا للأمة العربية والإسلامية، اغتيالا لقيم الخير والعدل والسلام.. إنه الإرهاب البشع والعدوان الغاشم بصوره كافة على الإسلام والمسلمين.. نقول ذلك لأن كل من يجاهد ويناضل ويقاوم من شعوبنا من أجل الدفاع عن أعراضنا وعن إسلامنا ومقدساتنا وأوطاننا يعتبر - في القاموس الصهيوني الإنجلو الأمريكي - إرهابيا يجب قتله وملاحقته..(ألا ساء مايحكمون).

ولايخفى على أحد أن النظام العالمي الجديد الذي استولد إسرائيل سفاحا في أرضنا العربية الفلسطينية لتكون خنجرا مسموما في قلب أمتنا، وقدم ويقدم لها كل أسباب البقاء والعدوان نراه قد شوه وحرف المبادئ والمواثيق الدولية والقيم والتعاليم السماوية الرفيعة والقيم الإنسانية العادلة، فجعل الحق باطلا، والعدل ظلما، والحرية عبودية، والجهاد ومقاومة العدوان إرهابا، والديمقراطية الحقة قتلا وقهرا، وحقوق الإنسان كفرا وفسادا وانحطاطا.

ولاريب أنه مهما مارست إسرائيل (النازية) وحلفاؤها من أساليب القمع والقتل والإبادة الجماعية والملاحقة لأهلنا في فلسطين ولبنان والعراق وفي دنيا العروبة والإسلام، فإن تلك الأساليب لايمكن لها - بأي حال من الأحوال - أن تثني جماهيرنا عن الجهاد والمقاومة لدفع العدوان والاحتلال.

وبإذن الله ستنتصر شعوبنا في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وفي كل أقطارنا وشعوبنا العربية والإسلامية بمجاهدينا الأبطال والمقاومة الباسلة.. وذلك لأنهم يمثلون كمالا من نوع خاص.

كما أن المقاومة الفلسطينية الباسلة والمقاومة اللبناينة المنتصرة بقيادة (حزب الله) قد مثلت نموذجا من نوع فريد، وذلكم هو سر الانتصار الذي أرغم العدو الصهيوني أن يفرج عن عميد الأسرى العرب (سمير القنطار) ورفاقه الأحرار، وعن رفات وجثامين شهداء أمتنا الأبرار، ومنهم شهداؤنا الأحرار من يمن الإيمان والحكمة يمن الفتوحات والانتصارات.

ونحن على ثقة بأن الصهاينة الإرهابيين (قتلة الأنبياء) سيدفعون ثمنا باهظا جراء ما اقترفوه من جرائم في حق أهلنا في فلسطين وأمتنا العربية، ولابد أن ينفض سامرهم الإرهابي عن مبكى جديد إن عاجلا أم آجلا..(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

إن أمتنا وهي ترى وتلمس تهور وصلف وغطرسة وإرهاب العسكرية الإرهابية، وبدعم ومباركة الإدارة الأمريكية بالتعبير عن حقدها الدفين ضد شعوبنا بعد أن تم لها السيطرة على فلسطين والجولان ومزارع شبعا، وبعد أن عمدت على تهويد القدس الشريف بمسجدها الأقصى المبارك مسرى رسولنا الكريم ومعراجه ، فإن الواجب الديني والقومي يحتم على زعماء أمتنا أن يدركوا أن الدور سيأتي على أقطارهم واحدا تلو الآخر، حتى تكون الأرض العربية - من نيلها إلى فراتها - خالصة لبني صهيون وفقا للوصايا التلمودية والماسونية .

كما يجب رفع الحصار الظالم فورا على أهلنا في فلسطين وفتح معبر رفح، ويجب اتخاذ قرارات عربية حاسمة وشجاعة تقلم أظفار العدوان وتعيد للأمة وزعمائها أمر رشدها ووحدتها وحريتها وكرامتها.

فاليوم الزعيم السوداني عمر البشير الملاحق من قبل محكمة الجنايات الدولية، وغداً كل زعيم عربي أو عالم ديني يلتزم بالإسلام عقيدة وشريعة ويدعو إلى مقاومة الظلم والعدوان والاحتلال، حيث يعتبر في نظر إسرائيل وأمريكا إرهابيا يجب ملاحقته وتصفيته جسديا عبر مايسمى محكمة الجنايات الدولية وقائمة الإرهاب الأمريكية كما هو حاصل على صاحب الفضيلة الشيخ عبدالمجيد الزنداني، وشيخنا الفاضل المؤيد القابع في السجون الأمريكية.. ربنا يعجل بالفرج عنه وعن المسجونين اليمانيين في جوانتانامو.

وكم هو عظيم أن نستقبل هذه الأيام أسرانا الأبطال ورفات شهدائنا الأبرار، الذين عطرت وعفرت بدمائهم الزكية وأشلائهم الطاهرة أرض الإسراء والمعراج، لترسم لنا طريق مواكب الخالدين، طريق النصر والمجد والخلود، لنصلي جميعا في المسجد الأقصى المبارك تحقيقا لوعد الله (وليدخوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا).

إن شعبنا اليمني وهو يعيش هذه الأيام مناسبات وطنية وقومية وفي رحاب مواكب الخالدين فإن الواجب على الجميع قيادة وحكومة وشعبا وعلماء وأحزابا ومنظمات المجتمع المدني في هذه الأيام وفي شهر شعبان المعظم أن يتهيأ الجميع للاحتفاء المشرف واستقبال وتشييع جثامين شهدائنا الأبرار بما يليق وقدرهم العظيم، القادمين من أكناف بيت المقدس. فالوفاء لأهل الوفاء، كما إنه من حسن الحظ أن يتزامن تكريم وتشييع جثامين شهدائنا الأبرار مع احتفائنا بيوم الوفاء ومرور 30 عاما على تولي الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية مقاليد الحكم في الـ 17 من يوليو 78م، حيث تحققت في عهده الميمون إنجازات عظيمة في مقدمتها الوحدة اليمنية في 22 مايو 90م.

وما أثلج صدورنا مواكبة هذه المناسبات لإعلان السلام في محافظة صعدة بعد أن وضعت الحرب أوزارها .. وإذا كان فخامة رئيس الجمهورية بسماحته وسعة صدره وعفوه الكريم كما عهدناه، قد أطلق ويطلق سراح المغرر بهم من الحوثيين من السجون فإننا على ثقة بأنه سيبادر بإطلاق سراح الجنوبيين أصحاب الرأي من السجون والعفو عنهم أمثال الأخوة علي منصر، علي هيثم الغريب، أحمد عمر بن فريد، حسن باعوم، ويحيى غالب، وغيرهم.. ذلك لأن الأخ الرئيس يدرك ويعلن دائما أن الحوار وسيلة حضارية أفضل من سفك الدماء وممارسة العنف والشغب والسجون، ويؤكد على استمرار الحوار بدل الاحتراب، والتفاهم بدل التخاصم، ولاريب فقد أثبتت الأحداث بأنه رجل المهمات ورجل السلام والتسامح، وأن قلبه الكبير وسع ويسع كل اليمنيين، وحتى تعامله مع خصومه يتم بروح أخوية وإنسانية وحضارية.. وعندما كانت تقوم حروب عبثية بين الشمال والجنوب وكانت نتائجها كارثية كان الأخ الرئيس يمد الجسور والتواصل مع إخوانه رؤساء الجنوب الوحدويين لتضميد الجراح ورأب الصدع والأخذ بمبدأ وخيار الحوار والتفاهم، وتحقيق الوحدة على أسس سلمية وديمقراطية.. وهكذا استطاع الأخ الرئيس علي عبدالله صالح والأخ علي سالم البيض ومعهما كل الوحدويين من الشمال والجنوب أن يبحروا بسفينة اليمن الديمقراطي الموحد إلى بر الأمان في الـ 22 من مايو عام 90م.

وفي الختام نود أن نذكر أن إهدار دماء اليمانيين سواء أكانت من الجيش أم من الأمن أم من المواطنين في هذه المحافظة أو تلك نتيجة الصراعات الفكرية والحزبية والمذهبية والقبلية والاعتصامات السلمية، كل ذلك يتعارض مع تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء، ومع نظامنا الديمقراطي الوحدوي، حيث إن ذلك يكدر صفو رحاب مواكب الخالدين شهداء السيرة اليمانية الجهادية والنضالية والوحدوية وهم في أعلى عليين.

كما أن ذلك يقوض الأمن العام ويزعزع السكينة العامة والسلام الاجتماعي، ويمزق أواصر الوحدة الوطنية ووشائج النسيج الاجتماعي. فالحوار والتسامح والسلام وحقن الدماء وترسيخ الوحدة الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية يعتبر ذلك من خطوات الرحمن. كما أن الصراع والاحتراب والتباغض والظلم والفساد ونشر الكراهية والمناطقية والطائفية بين أوساط أبناء اليمن الواحد، كل ذلك يعتبر من خطوات الشيطان..(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى