وللفن أسراره.. هل المسلسلات التاريخية العربية أشبه بالمسرح المدرسي؟

> «الايام» فاروق الجفري:

> عند الجلوس أمام التلفزيون لمشاهدة أفلام ومسلسلات تاريخية أمريكية أو أوروبية ندرك منذ المشهد الأول مدى الفرق- في أسلوب وفكرة وطريقة التناول- بين تلك الأفلام والمسلسلات وبين أفلام ومسلسلات تاريخية عربية.

البطل في الأفلام والمسلسلات الأمريكية والأوروبية التاريخية مهما كان دوره المؤثر في التاريخ هو في النهاية إنسان متميز، أتيحت له الظروف وتكوينه الشخصي أن يتميز ويقوم بدور عظيم في تاريخ أمته.. إنسان ذاق حلاوة النصر وتجرع مرارة الهزيمة، وكانت له كغيره ذنوبه وأخطاؤه.. وبسبب تلك الجدية في التناول (نتسمر) في مكاننا مبهورين، وكأننا نعيش الأحداث في نفس المكان والزمان.. البطل لديهم إنسان له عواطفه، ويكشفون عن جوانب ضعفه بدون خجل أو الإحساس بأن عملية كشفهم تلك ستنقص من قدره أو عظمته.

ولكن في الأفلام والمسلسلات التاريخية العربية على البطل أن يسير بطريقة متشنجة، وصوته يجب أن يكون له صدى، والكلمات ينطقها بطريقة خاصة، وهي حركات مفتعلة.

فأنا شخصيا على الرغم من صليل السيوف وتهاليل الفرسان التي أسمعها وعشرات الخيول التي أشاهدها أمامي على الشاشة أشعر طوال الوقت بأن الموضوع كله تمثيل في تمثيل، ولا شيء يمس قلبي أو وجداني بسبب تلك المبالغة التي تهبط بالعمل الفني ككل إلى مستوى المسرح المدرسي، مع أننا لو رجعنا إلى كتب التراث الإسلامي وأخذنا كتاب (سلسلة طبقات ابن سعد) مثلا، وهو كتاب اهتم بسيرة الأنبياء والصحابة والخلفاء الراشدين، سنكتشف أنهم جميعا على الرغم من الدور العظيم الذي لعبوه في التاريخ الإنساني كانوا يتصرفون في لحظات معينة من منطلق بشريتهم، لكن بقوة إيمانهم وصلابة تقواهم كانوا يسارعون إلى إقالة أنفسهم من عثراتها البشرية، وهي عثرات لم تنقص من مكانتهم، بل على العكس رفعت من قدرهم كثيرا، و أكدت أن الإنسان الذي يخاف الله أقوى من أن تطاله مجرد كبوة صدرت في لحظة ضعف.

خلاصة القول على المخرجين والمؤلفين والممثلين العرب أن يكفوا عن عملية الافتعال في الأفلام والمسلسلات التاريخية، ويجنحوا إلى الصدق والواقعية.. فأعظم فضيلة إسلامية تعلمناها كـ (مسلمين) هي الاعتدال في كل شيء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى