رقص وإطلاق نار في شوارع باكستان ابتهاجا باستقالة الرئيس الباكستاني

> لاهور «الأيام» وكالات:

>
الرئيس الباكستاني المستقيل برويز مشرف
الرئيس الباكستاني المستقيل برويز مشرف
أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف استقالته أمس لتفادي مواجهة إجراءات لعزله أمام البرلمان بعد نحو تسع سنوات من توليه السلطة في انقلاب,وأشادت الولايات المتحدة بمشرف كشريك ملتزم في الحرب ضد الإرهاب، وتعهدت بمواصلة مساعدة باكستان في الحرب ضد التطرف.

وتزايدت التكهنات بأن مشرف سيستقيل منذ قال الائتلاف الحاكم هذا الشهر أنه ينوي مساءلة مشرف أمام البرلمان.

ويقود الائتلاف حزب الشعب الذي كانت تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة التي اغتيلت بنازير بوتو.

وفي كلمة أذاعها التلفزيون واستمرت لمدة ساعة، دافع مشرف (65 عاما) عن حكمه وقال عن عملية إجراءات العزل «سواء أفوز أم أخسر.. فالأمة ستخسر».

وتابع «كرامة البلاد ستتأثر، وفي رأيي فإن مكتب الرئاسة أيضا سيتأثر».

وجاء أعلان مشرف المفاجئ بالاستقالة في كلمة مطولة قال فيها إنه لايمكن إثبات التهم التي تشملها المساءلة.

وأكد أنه «لايمكن إثبات أية تهمة في إطار المساءلة ضدي (...) لايمكن إثبات أية تهمة ضدي لأنني لم أفعل أي شيء مطلقا لمصلحتي الشخصية، بل كان كل شيء من أجل مصلحة باكستان».

ودافع مشرف مطولا عن فترة حكمه..وقال إنه ساعد على إرساء القانون والنظام في البلاد، كما ساهم في تحسين وضع حقوق الإنسان والديمقراطية، وأصبحت باكستان دولة مهمة على الساحة الدولية.

وأضاف «أصبحت باكستان الآن دولة مهمة على خارطة العالم بفضل الله».

وأكد أنه قاد البلاد على الدوام «بنية حسنة» خصوصا في مواجهة المشاكل الاقتصادية وتهديد التمرد الإسلامي، وقال إن خصومه وجهوا «اتهامات خاطئة» له.

وقال «لقد كانت فلسفتي هي باكستان أولا».

وتابع «لكن لسوء الحظ وجه بعض العناصر، الذين يتصرفون بدوافع من المصلحة الخاصة، إلي اتهامات خاطئة وضللوا الناس (..) ولم يفكروا في الضرر الذي يمكن أن يحدثه ذلك على البلاد».

وتراجعت شعبية مشرف كثيرا العام الماضي عندما حاول إقالة رئيس القضاة الباكستاني، وكذلك خلال موجة التفجيرات الانتحارية التي نفذها مقاتلو طالبان وأدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص من بينهم رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو.

وفرض مشرف حالة الطوارئ في نوفمبر من العام الماضي لتكريس انتخابه لفترة رئاسية ثانية مدتها خمس سنوات من خلال المحكمة العليا، إلا أن حلفاءه السياسيين منوا بهزيمة في انتخابات فبراير.

وتمكنت أحزاب الائتلاف التي فازت في انتخابات فبراير بقيادة حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه بوتو، من التغلب على الانقسامات التي استمرت أشهرا، واتفقت على توجيه الاتهامات لمشرف بهدف إقالته في السابع من أغسطس.

مناصرون لحزب الشعب الحاكم يرقصون ابتهاجا باستقالة مشرف في إسلام أباد أمس
مناصرون لحزب الشعب الحاكم يرقصون ابتهاجا باستقالة مشرف في إسلام أباد أمس
وذكرت مصادر أن بين تلك الاتهامات انتهاك الدستور وإساءة التصرف.

وقال مسئولون إن مساعدي مشرف أجروا محادثات مع الائتلاف بوساطة السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا للسماح لمشرف بالاستقالة مقابل سلامته الشخصية.

ونفى المتحدث باسم مشرف خلال الأيام الماضية أنباء عن نية مشرف الاستقالة.

إلا أن غياب دعم الجيش لمشرف الذي تنازل عن قيادته في نوفمبر، جعل خيارات أخرى من بينها حل البرلمان أو إعلان حالة طوارئ أخرى، أمرا مستحيلا.

وتزايدت التكهنات بشان مصير مشرف عندما صرحت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أن الولايات المتحدة لاتفكر حاليا في منح مشرف اللجوء السياسي.

وقالت «هذه ليست مسالة مطروحة على الطاولة، وأريد أن أواصل التركيز على ما يجب عمله مع حكومة باكستان الديمقراطية».

ويرغب الحلفاء الغربيون من باكستان حل الأزمة بشأن مشرف حتى تتمكن الحكومة من مقاتلة مسلحي طالبان والقاعدة في مناطق القبائل المحاذية لأفغانستان حيث قتل نحو 500 شخص في الأسبوع الماضي.

ويغادر مشرف الحكم في وقت تشهد البلاد أزمة اقتصادية خانقة وموجة اعتداءات إسلامية لا سابق لها أوقعت أكثر من 1200 قتيل في غضون عام ونيف.

ومساء أمس تسارعت وتيرة الإجراءات العملية المرافقة لرحيل مشرف عن السلطة.

فقد ودع الجيش خلال استعراض أخير لحرس الشرف الرئاسي، ومن المقرر أن يسلم بعده استقالته الخطية إلى رئيس الجمعية الوطنية.

وأضر الغموض بشأن وضع مشرف أسواق المال في باكستان وأثار قلق الولايات المتحدة وحلفاء آخرين من أن يلقي ذلك بظلاله على جهود باكستان في التعامل مع المتشددين.

وذكر مسئولون في الائتلاف الحاكم أن مشرف كان يسعى للحصول على حصانة من المحاكمة إلا أنه قال في كلمته اليوم إنه لايطلب أي شيء.

وكان شريك رئيسي في الائتلاف هو حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية جناح نواز شريف رئيس الوزراء السابق الذي أطاح به مشرف في عام 1999 أصر على تقديم مشرف للمحاكمة بتهمة الخيانة.

وقال حزب الشعب الذي كانت تتزعمه بنازير بوتو التي اغتيلت في ديسمبر الماضي أن هذه مسألة يقررها البرلمان.

واختتم مشرف كلمته كرئيس قائلا «حفظ الله باكستان وحفظكم جميعا.. تحيا باكستان».

ورحب المستثمرون في أسواق المال الباكستانية باستقالته، وقالوا إنها تنهي الغموض السياسي، رغم أنهم أشادوا بفترة حكم مشرف التي شهدت حتى العام الحالي تشجيعا للمستثمرين.

وارتفعت الأسهم في البورصة الباكستانية أربعة في المئة بعد إعلان مشرف الاستقالة، وبدأت الروبية التي فقدت نحو ربع قيمتها هذا العام في الصعود.

ناشطون من حزب الشعب  يطلقون النار احتفالا باستقالة مشرف
ناشطون من حزب الشعب يطلقون النار احتفالا باستقالة مشرف
وتراجعت شعبية القائد السابق للجيش والحليف الوثيق للولايات المتحدة خلال الثمانية عشرة شهرا المنصرمة، وعانى من عزلة منذ هزيمة حلفائه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير.

وابتعد الجيش القوي علنا عن الجدل المثار حول مشرف قائده السابق.

ومن غير المتوقع أن تقع اضطرابات نتيجة استقالة مشرف الذي لايتمتع بشعبية كبيرة.

وكانت الولايات المتحدة راضية فيما يبدو عن خروج مشرف من السلطة، وقالت إن مسألة القيادة الباكستانية شأن باكستاني.

وبعد إعلان مشرف استقالته قال البيت الأبيض إن الرئيس جورج بوش يقدر لمشرف جهوده في مكافحة القاعدة والتطرف، وإنه ملتزم بأن تكون باكستان قوية تعزز الديمقراطية وتحارب الإرهاب.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوردون جوندرو «الرئيس بوش يقدر للرئيس مشرف جهوده في التحول الديمقراطي لباكستان وكذلك التزامه بمحاربة القاعدة والجماعات المتطرفة».

وأضاف «الرئيس بوش ملتزم بأن تكون باكستان قوية وتواصل جهودها للنهوض بالديمقراطية ومحاربة الإرهاب».

وتابع متحدثا في تكساس حيث يقضي بوش بعض الوقت في مزرعته «الرئيس بوش يتطلع للعمل مع حكومة باكستان في مجابهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تعترض سبيلها».

وفي وقت سابق أشادت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بمشرف لاختياره الحاسم «بالانضمام إلى المعركة ضد القاعدة وطالبان ومتشددين آخرين».

وقالت إنه كان صديق الولايات المتحدة وواحد من أكثر الشركاء في العالم التزاما في الحرب ضد الإرهاب.. لهذا نحن ممتنون جدا له».

وقالت رايس في بيان «سنواصل العمل مع الحكومة الباكستانية والزعماء السياسيين لحثهم على مضاعفة تركيزهم على مستقبل باكستان وحاجاتها الأكثر إلحاحا بما فيه وقف تنامي التطرف والتعامل مع مشاكل نقص الغذاء والطاقة وتحسين الاستقرار الاقتصادي».

واتسم رد فعل الهند خصم باكستان القديم بالحذر.

وقال براناب مخريجي وزير الخارجية الهندي للصحفيين «ستحافظ الهند على العلاقات الودية مع باكستان في الفترة القادمة».

وباكستان ملتزمة بعملية سلام مع الهند دشنت في ظل حكم مشرف، لكن الهند تخشى ألا تتمتع حكومة مدنية ضعيفة بنفوذ كنفوذه على الجيش وجهاز المخابرات الحربية الذي تشتبه الهند في أن له يد في أحدث هجمات على أراضيها.

وسيتولى رئيس مجلس الشيوخ محمد ميان سومرو القيام بمهام الرئيس لحين انتخاب رئيس جديد خلال 30 يوما، لكن لم يتضح من سيكون.

ومنصب الرئيس منصب شرفي تقليديا في باكستان لكنه كان أكثر قوة في ظل حكم مشرف.

ورحب زعماء الائتلاف الحاكم الذي كان قد أعد اتهامات ضد مشرف ركزت على انتهاكات مزعومة للدستور بالاستقالة.

وقال آصف علي زارداري أرمل بوتو الذي يتزعم حزب الشعب الباكستاني خلفا لها إنه يوم مشهود للديمقراطية، وتمكن الشعب من «إبعاد ديكتاتورية».

وردد بعضا من أقاويل زوجته الراحلة منها «الديمقراطية أفضل انتقام».

واغتيلت بوتو يوم 27 ديسمبر في هجوم بقنبلة وبالرصاص، ألقت الحكومة اللوم فيه على متشددين لهم صلة بالقاعدة.

ورحب يوسف رضا جيلاني رئيس الوزراء الباكستاني وهو عضو بارز في حزب الشعب بما وصفه بأنه نهاية دكتاتورية، لكنه حذر أعضاء البرلمان من أن عليهم مسئولية إثبات نجاح الديمقراطية.

وفور إعلان الخبر تبادل الباكستانيون التهاني، ووزعوا الحلوى ابتهاجا باستقالة الرئيس برويز مشرف، فيما قال الطالب الجامعي سابا غول إن «البلاد سعيدة للغاية» باستقالته.

باكستانيون يرقصون خارج منزل الزعيمة الباكستانية المغتالة بنازير بوتو في كراتشي أمس احتفالا باستقالة مشرف
باكستانيون يرقصون خارج منزل الزعيمة الباكستانية المغتالة بنازير بوتو في كراتشي أمس احتفالا باستقالة مشرف
وارتفعت أصوات الطبول وصيحات الابتهاج في أنحاء مدينة لاهور القديمة.

وفي أنحاء أخرى أطلق البعض نيران بنادق الكلاشينكوف في الهواء ابتهاجا.

فبعد تسع سنوات من الحكم استقال مشرف.

واحتفل خصوم مشرف في أنحاء البلاد بعد إعلانه على التلفزيون أمس استقالته واضعا نهاية لعام من الاقتتال السياسي المرير الذي تسبب في شل البلاد.

وانتشرت الاحتفالات في مناطق خاصة أقيمت في مدن كبرى وفي عشرات المدن للاستماع إلى خطاب مشرف الأخير إلى الأمة.

ونصبت التلفزيونات ذات الشاشات الكبيرة في بعض الأماكن.

وجرت أكبر الاحتفالات في لاركانا بلدة بنازير بوتو رئيسة الوزراء السابقة التي اغتيلت في تفجير انتحاري في تجمع انتحاري في ديسمبر.

وصرح شابير أحمد أحد السكان المحليين لوكالة فرانس برس أن «هذا جزء من الثأر لبنازير، لقد ضحت بحياتها لتمنح الديمقراطية لباكستان».

واصطف الآلاف في الشوارع ورشقوا بيلاوال نجل بنازير بوتو بالورود أثناء زيارته هذه البلدة المغبرة الواقعة جنوب السند.

وتوجه آخرون إلى ضريح بنازير الواقع على مشارف لاركانا.

وفي مدينة بيشاور القريبة من مناطق القبائل المضطربة، حيث تقاتل القوات الباكستانية فلول طالبان والقاعدة، فتح بعض الناس النار في الهواء وهتفوا بشعارات معادية لمشرف.

كما تجمع المئات في مدينة مولتان وسط البلاد وهي مسقط رأس رئيس الوزراء الحالي يوسف رضا جيلاني الذي ينتمي إلى حزب بوتو.

وانحنى بعضهم مقبلا الأرض وشكروا الله.

وقال عبد القدير جيلاني نجل رئيس الوزراء أمام حشد من ألف شخص «لقد تخلصت البلاد أخيرا منه (مشرف)».

وترددت أصوات الطلقات النارية في أنحاء بلدة غليغيت التي تعد بوابة الهملايا الباكستانية.

وتبادل الباكستانيون كذلك الرسائل النصية عبر الهواتف النقالة.

وجاء في إحداها «هذه مناسبة سعيدة لنا جميعا» بينما جاء في أخرى «مبروك، لقد أنقذ الله باكستان».

إلا أن بعض الباكستانيين أعربوا عن حذرهم وقالوا إنه من المرجح أن يشهد البلد النووي وحليف الولايات المتحدة في «الحرب على الإرهاب»، المزيد من الفوضى السياسية.

وقال افتخار أحمد الذي يعمل اختصاصي نظارات في بيشاور «أعتقد أن علينا أن ننتظر لنرى ما ستكون عليه البلاد».

وأضاف «لقد كان تحليل مشرف للوضع صحيحا، فالبلد يواجه العديد من المشاكل وعلى القيادة أن تحاول الآن إيجاد حل».

وتعاني باكستان من مشاكل اقتصادية كبيرة منذ فوز الائتلاف الحاكم في الانتخابات في فبراير.

وقال بائع العصير امتياز أحمد إنه ينتظر كذلك ليرى ماذا سيحدث.

وأضاف «دأب الائتلاف على القول إن مشرف يشكل عائقا كبيرا.. سنرى ما الذي سيفعلونه الآن».

أ.ف.ب/ رويترز

بمشاركة جليل الرحمن ومسرور جيلاني وذي شأن حيدر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى