كلهم علينا

> وليد محمود التميمي:

> تشحذ الأسر والعوائل اليمنية قواها، وتستنفر ما تيسر من إمكانياتها وتوظف كل طاقاتها في رحلة التحضير والإعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك، متسامية فوق الجراح والهموم، متجاوزة- قدر المستطاع- الصعوبات والعراقيل التي تعترض طريقها، وفي مقدمتها غلاء الأسعار، وتدني مستوى الدخل والأجور، وشظف العيش.

ومع اقتراب رمضان الكل يبذل ويجتهد ويدبر ويبدع ويفكر. الرجل يؤمّن بساعديه وعقله المال، والمرأة ترصد حاجيات المنزل ومقتضيات الشهر الفضيل، واضعين في الحسبان تأمين السلع والمواد الغذائية الأساسية بكميات تتناسب مع حجم الميزانية الهشة، إن لم نقل المفلسة، مستفيدين من تجارب ودروس الأعوام الماضية التي علمتهم الاقتصاد والترشيد في الاستهلاك، والميزة الوحيدة التي من الممكن أن تحسب لصالح المواطن هذا العام إضافة طبعا لبصمات الأيادي البيضاء التي تتسابق على فعل الخير بصمت ودون رياء هي التنوع في السلع المعروضة من حيث بلد التصنيع والمنشأ والتعبئة، حيث يوجد الأرز الصيني والباكستاني والزيت الماليزي والعماني والسكر البرازيلي والسعودي.. إلخ، الأمر الذي يتيح فرصة اختيار مايلزم من المقتنيات بالسعر والوزن المعقول.

عدا ذلك تجيش الظروف كافة لإثقال كاهل المواطن، فالمؤسسات الرسمية المعنية بضبط ومراقبة الأسعار تبقى تمارس دور المتفرج أو الكومبارس، وعادة ما تقتصر تدخلاتها على إصدار بيانات تطييب الخواطر، ونشرات تبييض الوجه وإعلانات براءة الذمة، تاركة الحبل على الغارب للتجار الجشعين وأصحاب الدكاكين الذين عماهم الطمع للاستفراد بالمواطن ومص دمه وشفط محفظته حتى آخر ريال دون رحمة أو شفقة، مؤمنين بمبدأ التجارة الحرة والسوق المفتوح على مصراعيه، غير مكتفين بترديد الإسطوانة المشروخة التي تعزف سيمفونيتها الحكومة صباح مساء تحت مسمى الغلاء عالمي (واللي ما معوش ماليزموش) وعليه أن يتعود على الجوع ويشد بطنه ويوثق معصمه بحبل.

وإذا كان المواطن قد استسلم لمصيره واستعد لمواجهة حزمة التحديات التي تقف حائلة دون تحضيره اللائق لشهر رمصان إلا أن آخر ما كان يتوقعه أن تدخل وزارة التربية والتعليم إلى جانب وزارة التجارة والصناعة على الخط لتضاعف حجم معاناته وتهد حيله بعد أن نسفت الأولى كل التوقعات وضربت عرض الحائط المؤشرات التي رجحت أن يحدد موعد الدراسة بعد رمضان بإعلانها في التقويم الوزاري الأخير يوم السادس من شهر سبتمبر القادم المصادف السادس من رمضان أول أيام الدراسة، مما يعني أن على أولياء أمور الطلاب وأرباب الأسر رصد مبالغ احتياطية واللجوء إلى مخزونهم الإستراتيجي من المال إن وجد، أو بيع ما يمكن بيعه والاستغناء عنه لتوفير المستلزمات الدراسية لأبنائهم الطلاب من دفاتر وأقلام وشنط وجزمات وبدل.. إلخ، وكلما زاد عدد الأطفال والشباب الملتحقين بالمدارس في العائلة الواحدة كلما زاد هم ولي الأمر الذي بات فكره مشتت بين التفرغ للإعداد للشهر المبارك أو التجهيز لتلبية متطلبات المدارس التي ستحتضن قاعاتها وفصولها أبناءه لمدة أربعة عشر يوما في رمضان، ليعاودوا الدوام بعدها عقب إجازة العيد مباشرة.

فهل من المنطق استدعاء الطلاب من المناطق البعيدة والنائية لحضور فترة دراسية تستمر أسبوعين، ليسرحوا بعدها لقراهم وشعابهم؟.

والسؤال الآخر الذي يتبادر إلى الأذهان، إلى متى ستظل العشوائية والمزاجية تتحكم بمصائرنا، وتحدد مجرى حياتنا وتسيرنا كيفما تشاء بموجب قرارات متأخرة تصدر في ديوان شيشة ومقيل قات؟.

وأجزم أن وزارة التربية إن لم تعدل عن قرارها فإن معظم المحافظات، خصوصا الشمالية، لن تـطبق ما جاء في التقويم الوزاري وسـتتجاهله كليا، وبكرة نـشوف، ورمضـان كريم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى