لماذا تضيق الصدور من الرأي المختلف في زمن الديمقراطية؟!

> علي الذرحاني:

> تعودت الذهاب إلى مقر صحيفة رسمية تصدر في عدن لإيصال مقال فني لكي ينشر في الملحق الثقافي لتلك الصحيفة, وعند بوابتها التقيت مصادفة مدير تحريرها السابق, وفاجأني بسؤال مباغت لم أكن أتوقعه قائلا: «لقد قرأنا مقالك في صحيفة «الأيام» المعنون (لماذا البعض يخالف قوله عمله) في العدد 5478، وتبين لنا من ذلك المقال أنك لست وحدويا». هكذا وصمني ذلك الصحفي المحسوب على السلطة، ولم أكن جاهزا للرد على سؤاله المفاجئ، لأن الموقف في بوابة الصحيفة الرسمية لم يكن مناسبا حينها، ولكنني ومن خلال المنبر الحر «الأيام» أقول له: كيف عرفت أنني لست وحدويا، هل شققت عن صدري؟ أم أنه قد أوحي إليك؟ أم هو التفتيش في نيات الناس وصدورهم..؟! لم أكن أتوقع أن أسمع منك مثل هذا الاتهام، لأنك صحفي تؤمن بحرية الكلمة، وتؤمن بأن رسالتك قول الحقيقة بشجاعة المؤمن الخائف من الخالق! وكنت أتوقع أن تتعاطف مع هذا الصحفي الناشئ الذي تتهمه، والذي لم يصل بعد مثلك إلى إدارة تحرير صحيفة رسمية في يوم ما.

وبالمناسبة فإن الشيء بالشيء يذكر، فقد التقيت أيضا صديقا آخر، ولكنه هذه المرة متواضع، ومن أصحاب المهن الفنية، وفوق هذا وذاك شاعر ومثقف، يتابع كل ما أكتبه في الصحافة، وكان له رأي حول مقالاتي الأخيرة في صحيفة «الأيام»، وأن هذه المقالات حسب زعمه تشير إلى تعاطفي وميلي إلى ناحية أهل (تحت) على حساب أهل (فوق) الذين هم أهلي، فقلت له: كلهم أهلي، واسمح لي أن أقول لك بأنني لا أحبذ هذه المصطلحات التي تفرق ولاتجمع، تبدد ولاتوحد، تمزق ولاترتق تشتت ولاتلملم!، واعلم بأن كلمة (فوق) تعني العلو والتفوق والسمو والارتفاع، ولاتكون هذه الخصال إلا للإله العلي الكبير القوي القهار المهيمن العزيز الجبار، وكلمة (تحت) تشعرك بالذل والضعف والخضوع والخنوع والاستكانة والانكسار.. وكنت أحبذ أن تقول بدلا عن قولك شرق وغرب فوق تحت، أهلنا في الشمال والجنوب والشرق والغرب.

كذلك وهناك ممن يتابع ما أكتبه بين الحين والآخر في صحيفة «الأيام»، وهذه المرة هو شخص شغله الشاغل الهاجس الأمني، وعشعشت فوق رأسه نظرية المؤامرة، التقيته مؤخرا فقال لي: «أنت رسام وفنان مبدع، خليك في الرسم والشخبطة والفن، وابتعد واترك مهنة المتاعب لأصحاب المتاعب في الصحافة حتى لاتجد نفسك فجأة في يوم ما (في بيت خالك). فأجبته على الفور بثقة الواثق من (نظام الحكم الرشيد ومن سلطته العادلة) هل أصابك داء الغفلة.. أم تناسيت.. أم أنك نائم ياصديقي؟!.

هل تناسيت أننا قد تجاوزنا مآسي الماضي الأليم وأننا اليوم أبناء (زمن 22 مايو)، زمن الديمقراطية والحرية والرأي والرأي الآخر والتبادل السلمي للسلطة؟! فلماذا الخوف والوجل ورسولنا العظيم عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم يقول: «المؤمن القوي عند الله خير من المؤمن الضعيف..».

كل هذا حصل لي بسبب كتاباتي القليلة والنادرة، ومساهماتي المتواضعة التي تظهر بين الحين والآخر عبر صحيفة «الأيام» التي لي الشرف بالكتابة فيها، ولي الفخر في صحيفة جريئة تقول الحق ولاتخاف لومة لائم، والذين لايؤمنون بالديمقراطية ولا بالرأي الآخر المختلف يعملون على تكميم الأفواه وتجفيف الأقلام وكتم ولجم الألسن عن قول الحقيقة، ومصادرة حرية الرأي التي هي أثمن شيء في حياة الإنسان، في الوقت الذي يترنمون ويتغنون ويعزفون على وتر حرية الرأي وحقوق الإنسان، فما هذه المفارقة العجيبة.. عجبي؟!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى