رمضان برحيق محضاري

> صالح حسين الفردي:

> في تراثنا الغنائي الحضرمي كثير من الروائع الغنائية التي هللت بقدوم شهر رمضان المبارك. نصوص غنائية رسم خلالها شعراؤنا المبدعون الكبار بخيوط من نور وضياء ما يحمله هذا الضيف العظيم من معنى عميق لروح الإسلام الحنيف فنجحوا في إضاءة النفس التواقة إلى صفاء الروح، ويأتي في مقدمة هؤلاء الشعراء الراحل حسين أبوبكر المحضار، الذي قال مرحبا به ناصحا صائميه:

أهلا بشهر الصوم ولياليه

والذكر وتراويح كل ليله

في الشهر ذا كلين له وعليه

وحقوق للأسرة وللعيله

وحقوق للجيران

يا مرحبا بشهر الصوم

مقدمك مقدم خير يارمضان

بعد ترحيبه بـ(شهر الصوم ولياليه)، وتلذذه (بالذكر وتراويح كل ليله) ينصح (في الشهر ذا كلين له وعليه، وحقوق للأسرة وللعيله، حقوق للجيران) ليذهب الراحل المحضار إلى تعميق قيم المحبة والتواد والتقرب إلى الله من خلال التراحم ونبذ الفرقة بين المسلم وأخيه، إذ يقول:

يا بخت من أدى فروضه فيه

وإن حد تكاسل فيه يا ويله

ومن غفل يحتاج له تنبيه

قل له يصفي الحب ويكيله

ويعدل الميزان

ونلاحظ كيف يدرك شاعرنا الراحل أهمية استغلال هذا الشهر الكريم في مراجعة النفس لكل ما فات، سعيا وراء تقويم الذات وغسلها بماء التوبة مما علق بها من نواقص كانت وليدة (حالة طيش وعربدة)، ويعمق هذا المعنى بقوله:

غلق زمان العربده والتيه

والقفز من سيله إلى سيله

أليه تترك واجباتك ليه

لا حرك الشيطان لك ذيله

عوّذ من الشيطان

ولقد أكمل الراحل المحضار رائعته الرمضانية التهذيبية والترحيبية، مرسلا إشاراته صادقة، متمنيا على كل صائم أن يأخذ من هذا الشهر الفضيل معانيه السامية وليس مظاهره، فهذا الشهر لايقبل، ماذا؟..

الشهر ذا ما يقبل التشويه

لاتغشنا إن كان معك حيله

صاحبك لي في خاطره يكفيه

حامل حموله عوش وثقيله

عوّذ من الشيطان

وتظل هذه الرائعة حاملة روح التسامح والتراحم الذي عرفت به الشخصية الحضرمية (في الشهر ذا كلين له وعليه، وحقوق للأسرة وللعيله، وحقوق للجيران)، وتؤكد استلهام النص المحضاري الغنائي الكثير من القيم والمعاني الربانية التي كانت تجد روافدها الحقيقية في جسد المجتمع قبل أن تطفو عليه- بفعل فاعل أو أكثر- مما نراه اليوم من تمزقات وتشوهات في الجسد الحضرمي النبيل، فمرحبا رمضان، ورحم الله شاعرنا الكبير أبا محضار وغفر له، إنه سميع مجيب!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى