صور من العيد وعشية العيد .. العيد ناس وناس

> «الأيام» فردوس العلمي وخديجة بن بريك:

>
فرحة الأطفال بملابس العيد في حديقة الحمراء
فرحة الأطفال بملابس العيد في حديقة الحمراء
حقا العيد ناس وناس وكل منا له ظروفها واحتياجاته، وعبر صفحات «الأيام» ننقل لكم بعض صور العيد على الرغم من اختلافها إلا أنها صور بحاجة إلى وقفة.

تلك الصور التقطت صباح يوم العيد وفي السويعات الأخيرة من شهر رمضان الكريم (عشية العيد) تحكي التناقض والاختلاف بين هذا وذاك، فاختلاف الصور وارد بين الناس، ففي عشية العيد نرى الكثير من الصور بعضها مؤلم والأخرى مبكية، وبعض الصور تثير الدهشة والاستغراب، ولكن لا نقول إلا سبحان الله وحده مقسم الأرزاق..

«الأيام» تنقل لكم آخر سويعات رمضان، وأيام العيد تحكي سطورها مقارنة مؤلمة بين البذخ والحرمان.

السويعات الأخيرة عشية العيد

الكل يركض في سباق مع الزمن يسابقون عقارب الساعة لاستكمال شراء احتياجاتهم للعيد، أغلب المحلات التجارية أغلقت أبوابها، فلجأ الناس لمن تبقى من الباعة الذين افترشوا الأرض يبيعون مختلف أنواع البضائع.

أطفال يبحثون عن الكسوة عشية العيد
أطفال يبحثون عن الكسوة عشية العيد
فكل يعرض بضاعته وبأسعار خيالية، فكل شيء معروض على الطرقات ويجد من يشتريه حتى الماء.

الفقر حين يكون سيد الموقف

أطفال رضع ومعاقون ومسنون افترشوا الأرض يبيعون بضاعة ببخس الأثمان، فما أقسى النفس حيث تباع كرامتها ولا تجد من يشتريها، وبينما الأغنياء يسابقون عقارب الساعة وآخرون يفترشون الأرض يمدون أيدهم، هناك آخرون يتمنون توقف الزمن بهم وكسر عقارب الساعة حتى لا يأتي لهم العيد، فأغلقت أبواب منازلها فكرامتها فوق كل شيء ولا يدري عنها إلا رب العباد.

ولكن (ما كل ما يتمنى المرء يدركه) جاء العيد مع أول خيوط فجر الأول من شوال لتسعد قلوبا وتبكي قلوبا كسرت داخلها فرحة العيد.

> (أفراح) أم لعدد من الأطفال افترشت الأرض وأمامها أطفال تتفاوت أعمارهم تبحث لهم عن كسوة العيد تقول: «راتب زوجي عشرين ألف وأكبر أطفالي 14 سنة وأصغرهم عشر سنوات»، ورغم ذلك كان أمامها أطفال رضع سألتها بدهشة: ومن هؤلاء؟ أجابت: «أولادي أيضا فهم توأم»، سألتها عن دخلها في اليوم فأجابت:«لا يزيد عن ألف ريال» ورددت بحسرة:«أخرجنا الشديد القوي فلا أريد شيئا غير العافية وأن أكسو أطفالي في العيد».

طفل معاق
طفل معاق
> (فاطمة)، تقول: «لدي ستة أطفال وزوجي يعمل وظروفنا صعبة»، وقالت وهي تحلف الأيمان:«الليلة عيد وأطفالي بدون ثياب أكبرهم عمرها ثمان سنوات أتمنى أن أجد ما يجعلني أكسو أطفالي»، سألتها عن زكاة رمضان فأجابت: «لم أجد زكاة الفطر، فالتجار يقولون إن الأسماء مسجلة لديهم من سابق» وتضيف: «رغم أن الضمان شملنا لكنها لا تفي باحتياجاتنا».

> (ناصر محمد) عامل بالحراج كان مع ابنته يفترش الأرض لديه تسعة أطفال يقول: «دخلي لا يكفي لتلبية احتياجات أطفالي، وما سأجده سوف أكسي به العيال حتى يفرحوا بالعيد»، سألته: هل لك كلمة تقولها للتجار وأهل الخير ممن يدفعون الزكاة؟، قال :«لن أقول لهم شيئا فالرزق على الله».

> صورة أخرى مؤلمة لشاب في ربيع العمر ومعه طفل معاق كان يفترش الأرض ومكبر الصوت يحكي قصة محزنة للطفل أثرت في قلوب المارة الذين أخرجوا ما في جيوبهم، فالطفل معاق وبحاجة لإجراء عملية جراحية.

والطفل لا يدرك ولا يعي ما يدور حوله، اقتربت منه معرفة عن نفسي وسألت عن حال الطفل ونوع المرض فأجابني:«الطفل معاق وبحاجة إلى إجراء عملية تكلفتها 350 ألف ريال» سألته: هل لديك تقرير طبي يشخص حالته حتى نتمكن من مساعدته؟.. تلاشى كالبرق ولم يرد جوابا.

انقطاع المياه عشية العيد
انقطاع المياه عشية العيد
القناعة كنز لمن يعرفها

> (أم أسامة) في العقد الخامس كانت تقف أمام أحد المعارض تنظر لملابس الأطفال وكانت ترتدي (الشيدر) ومعها طفل صغير تتابع أسعار الملابس سألتها: هل اشتريت للطفل ملابس العيد؟ أجابت:«من أين؟ إذا كانت بدل الأطفال وصلت إلى 3500 ريال وأقلها 2000 ريال، والبدلة التي ما تستحق بـ1500ريال! ومن أين أشتري وعندي خمسة أيتام أبوهم كان على باب الله لم يترك لنا شيئا؟، لم أستطع شراء الجديد، فمن أول رمضان وأسعار الملابس مرتفعة، نزلت اليوم إلى السوق على أمل أن تقل الأسعار ولكن لا فائدة»، سألتها: غدا العيد ماذا حضرت للأطفال؟، قالت:«ملابس العيد السابق نعيد ترتيبها وكيها، فالعيد ليس مجرد لبس جديد، العيد فرحة القلب، ونحن فرحتنا مكسورة، ونحمد الله على الصحة»، سألتها: أين تعيشين؟ قالت:«في دنيا الله مع مئات المطحونين»، تركتني وهي تردد:«حسبي الله ونعم والوكيل».

أنموذج للبذخ

> وفي المعرض المجاور كان أحدهم يشتري لأطفاله الأربعة ملابس العيد اقتربت منه وسألته: هل اشتريت ملابس العيد؟، أجابني:«نعم»، لم يدعني صغاره أكمل الحديث معه فتركته حتى استكمل شراء احتياجاتهم فسألته: ما الدافع أن تشتري ملابس الأطفال على الرغم أن حالتك ميسرة وقد اشتريت لهم؟، ابتسم قائلا:«اشتريت ملابس الأطفال في الأسبوع الأول من رمضان أربع بدل لكل واحد فيهم»، بدهشة سألته: ماذا تشتري الآن؟.

قال ضاحكا:«حبيت أن أشتري لأطفالي موديلات أخرى، ففي آخر رمضان تتغير الموديلات وتنزل موديلات جديدة وأنت عارفة دلع الأطفال».

> أبرز صور العيد أطفال يرتدون ملابس العيد، وعلى أكتافهم دبب المياه، ينتقلون من مسجد إلى آخر، وهو ما عكر صفو المواطنين في العيد، انقطاع المياه الذي تسبب في إحباط مشاعرهم في فرحة العيد، فمنذ رمضان والمواطنون ينتظرون الماء الذي لا يصل إليهم، فبعض المنازل وخاصة المناطق المرتفعة كان يصل إليهم بعد ثلاثة أيام.

معاقة تزحف بين الناس تبحث عن من يعينها
معاقة تزحف بين الناس تبحث عن من يعينها
التقينا بعدد من المواطنين في منطقة البوميس في كريتر الذين شكوى لنا عن حال انقطاع الماء.

حيث قال أحدهم:«جئت من السعودية لأشارك أهلي فرحة العيد، ولكن الفرحة تعكر صفوها مع انقطاع الماء، حيث كنت أسهر ليلا من أجل الماء حتى لا يفوتنا وقت فتحه، والمؤسف أن الماء يأتي في وقت متأخر من الليل، وهذا عكر صفونا».

أما أهل المنطقة فقد تعالت أصواتهم غضبا، حيث قالوا:«منذ رمضان بدأنا بشراء الماء، بحيث يقوم عدد من الجيران بشراء (بوزة ماء) وتقدر بـ 4000 ريال ويتقاسمها الجيران، وهكذا إلى يومنا هذا»، وقالوا: «إن المسئولين لا يشعرون بهذه المعاناة التي نعانيها منذ فترة وهي تزداد الآن».

وهكذا أيضا علل بعض مواطني المعلا والقلوعة وبعض المناطق المجاورة غضبهم بدلا من أن يتحدثوا عن العيد وفرحته تحدثوا عن معاناة انقطاع المياه.

> (أم نذير) تقول:«أصعب شيء انقطاع المياه في يوم العيد، وهذه سابقة لم تحصل من قبل، فهل يعقل أن نكون في أيام عيد وفرحة ولا نجد الماء، لم يكتفوا برمضان حين تركونا بلا مياه».

> (مريم فؤاد) كان حظها أفضل، حيث تقول:« لم أنم عشية العيد لانشغالي بتجهيز وتغيير ستائر المنزل، فكل شيء يحتاج للجديد في العيد، دخلت المطبخ لكي أغسل بعض الفناجين فشعرت بانخفاض ضغط المياه، فأدركت أن المياه سوف تقطع فملأت كل أواني المنزل بالماء، والحمد لله تمكنت من الطبخ في يوم العيد في الوقت المناسب إلا جيراني لم يتمكنوا من ذلك لانقطاع المياه»، تقولها بفرح مبتسمة وكأنها انتصرت في معركة شديدة.

السويعات الأخيرة من رمضان والزحمة مازالت
السويعات الأخيرة من رمضان والزحمة مازالت
> انتهى الاستطلاع وانتهت أيام العيد، ولكن بقيت مرارة ما شاهدناه عالقة في قلوبنا حين ترى أناسا تشتري المزيد من ملابس العيد وآخرين لا يجدون ما يسترون به أجساد أطفالهم، وما يحز في النفس أن يستثمر بعضهم الإعاقة والمرض والفقر لابتزاز الآخرين.

وأن يقف الناس طوابير طويلة لاستلام الزكاة، بينما هناك أناس في منازلها عزيزة النفس.

لوجه لله نقولها رحم الله امرءا عرف قدر نفسه، ونهمس في آذان التجار وأهل الخير ونقول لهم: اعرفوا أين تصرف الزكاة؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى