من حديث المنشّة إلى حوادث القرصنة

> محمد سالم قطن:

> في هذا الزمن الاستثنائي الغريب، أصبحت أجهزة الإعلام العالمية تمارس على المكشوف دور العرافين وقراء الكف وروّاد التنجيم، إنها البروباجندا في أعلى درجاتها، استبصارا وتحريضاً بالصدق حيناً والتزييف والفبركة في أغلب الأحيان، تماماً مثلما صارت القنوات الفضائية عابرة القارات، مثيرات (فضائحية) بالصوت والصورة وبالألوان.

لهذا، فإنه لاينبغي لأي بلد من بلدان هذا العالم في هذا العصر أن يشعر بالاغتباط إذا تناولته في نشراتها وسائل الإعلام، فالميديا لاتحفل إلا بالمصائب ولاتنتعش تجارتها إلا من خلال الأزمات، وما أكثرها على كل المستويات، وكما يقول أساتذة الصحافة، فإن الخبر عند أهل الميديا هو أن يعض الإنسان كلباً، أما إذا عض الكلب إنساناً، كما هي طبيعة الأشياء، فهذا لايعد عندها خبراً.

وقبل قرنين تقريباً من الزمن، طيرت وكالات الأنباء خبراً مفبركاً ادعت فيه أن سلطان الجزائر (الباي) قد أهان أوروبا عندما نالت منشّة الباي (مروحته الهوائية) أنف ذلك السفير الأوروبي، ولو من غير قصد، فجاءت تلك الحادثة فاتحة لعهد استعماري قاس وبشع طال الشمال العربي الأفريقي كله لعقود طويلة من السنين، وهكذا صار حديث المنشّة، على الرغم من نعومته، مبرراً، فبركته الأجهزة إياها ليصبح على طريقة المثل الشعبي الدارج (لك عذر وإلا لك حمار).

ومع مطلع هذا الأسبوع ارتفعت درجة الحرارة الإخبارية عن نشاط قراصنة البحر الصوماليين ضد الملاحة الدولية في خليج عدن وبحر العرب بعد سكوت طويل عن هذه الظاهرة الإجرامية عندما كان ضحاياها الصيادين اليمنيين ومجالها هو شواطئنا اليمنية، وأخذنا نسمع ونرى على شاشات الميديا القصص الإخبارية المرعبة عن الأضرار التي تسببها عمليات القرصنة بالاقتصاد العالمي والأمن الدولي، وأخذت الأساطيل الحربية للدول الكبرى بمدمراتها وبوارجها تقترب من منطقة القرن الأفريقي في مياه البحر الأحمر وبحر العرب، ستمر الأيام ويكتمل الحشد، وسنرى ما تسفر عنه المشاهد القادمة من هذا السيناريو الغريب.

البعض يتساءل عن الوجهة الحقيقية لهذه الأساطيل؟ وهل القراصنة هم المستهدفون النهائيون لهذه الحملة الجرارة أم إن وراء الأكمة ما وراءها؟ وما هؤلاء القراصنة إلا مجرد (ساتر) إعلامي و(منشّة) جديدة على طريقة منشّة (باي) الجزائر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى