الأيام» وفاتورة الرسالة النبيلة»

> د. عيدروس نصر ناصر :

> ليست المرة الأولى التي تتلقى فيها صحيفة «الأيام» رسالة تهديد من طرف يعتقد أنه لا يمكن كشفه أو أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، فلقد سبق أن تلقت «الأيام» وناشراها وأسرة تحريرها تهديدات على شكل رسائل (SMS) أو اتصالات مباشرة أو مقالات وأخبار عبر بعض اللفافات المسماة ظلما (صحف)، كما تعرضت الصحيفة وناشراها للقذف والشتم على لسان بعض المسئولين الكبار، وكل ذلك يحصل ليس لأن «الأيام» تخالف النظام والقانون أو تقوم بأعمال غير شرعية، فلو عملت شيئا من هذا لما حصل معها ما حصل، بل وربما حصلت على بعض المكافآت ممن يستفيدون من أصحاب السلوكيات المنحرفة.

ما يجعل البلاطجة وأصحاب السلوكيات السوقية يلجأون إلى تهديد «الأيام» وناشريها ومحرريها وكتابها هو موقفها الحر المستقل والمهني المنحاز إلى الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة.

وإذ يعتقد أصحاب التهديدات بأن هناك من يحميهم من الوقوع تحت طائلة القانون، فإنهم بسلوكهم هذا إنما يعبرون عن تعارض بين ثقافتين مختلفتين ومتباينتين، الأولى ثقافة الاختلاف الحر القائم على الحجة والحجة الأخرى والرأي والرأي الآخر، والثانية قائمة على الضيق بالحقيقة ومواجهة الكلمة بالرصاصة والفكرة بالهراوة والرأي بالتهديد والوعيد.

ما تتعرض له «الأيام» وناشراها هو كلفة انحيازها لقضايا الناس ورفضها أن تتحول إلى منبر للمديح والتضليل والنفاق، وهو فاتورة احترامها لنفسها وتبنيها القضايا الوطنية والإنسانية دونما أي حسبان لردود أفعال أعداء الحقيقة وأنصار الظلم والباطل.

على أنه لابد من التساؤل: حتى متى تظل البلطجة والسوقية هما السلوك الرئيس لمواجهة أصحاب الكلمة الحرة والأقلام الشريفة؟ ولماذا لا يلجأ المتضررون مما تنشره «الأيام» أو أي منبر إعلامي حر آخر إلى مقارعة الحجة بالحجة والكلمة بالكلمة والرأي بالرأي؟ وحتى متى يظل هؤلاء البلاطجة والسفهاء بعيدين عن طائلة القانون؟

ببساطة لابد أن نعرف أن هؤلاء لا يمتلكون الحجة والبرهان اللذين يجعلانهم يقنعون الناس بسلامة مواقفهم وعدالة آرائهم ومصداقية أقوالهم، ولذلك لا يجدون سوى البذاءات والشتائم والتهديدات وسيلة للتعبير عن ضيقهم بالحقيقة وتصديهم لضوء الحق وصلابة أصحابه.

الحقيقة تقتضي ليس فقط التضامن مع أسرة «الأيام» والتنديد بكل تهديد أو إساءة يتعرضون لها، بل والمطالبة بضرورة اتخاذ موقف حازم تجاه هذا النوع من السلوك الذي لا يتعارض فقط مع حق التعبير وحرية الرأي، بل ومع الأعراف والأخلاقيات الإنسانية التي ليس بالضرورة أن تكون مكتوبة على الورق أو مقرة من قبل البرلمان والمؤسسات التشريعية، بل وتقتضيها الكرامة والشهامة والشجاعة الأخلاقية التي لا أتوقع أن أصحاب هذه السلوكيات المنحرفة يتمتعون بها.

ومن هنا فإن على الأجهزة الأمنية أن تثبت أنها مسئولة عن سلامة الناس وعن أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، ولن يتطلب الأمر جهدا كبيرا للقيام بهذه المهمة، فالقرائن واضحة والأدلة متوفرة، ولم يتبق على أجهزة الأمن إلا امتلاك الإرادة للقيام بهذه المهمة، فهل ستفعل؟!.

برقيات سريعة:

> الرئيسان علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس:

لا تأبها لما يقوله السفهاء، فكلما تكالب هؤلاء بالشتم والبذاءة دل على صواب مواقفكما.

> قال الإمام الشافعي عليه رحمة الله ورضاه:

إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوتُ

فإنْ كلمتَه فرجتَ عنه وإنْ خليتَه كمداً يموتُ

*رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى