وكلاء الوطن

> عبدالقوي الأشول:

> أعلنت صحيفة «واشنطن بوست» وقوفها الصريح وانحيازها الكامل للمرشح الديمقراطي باراك حسين أوباما، في حين أعلن وزير خارجية الإدارة الجمهورية الأسبق الجنرال كولن باول تأييده الكامل للمرشح الديمقراطي.

مواقف هي دون ريب مدعمة لحظوظ ذلك المرشح الأسمر الأنيق قوي البديهة، الذي قيل عنه إنه جامع لأصوات الناخبين الأمريكيين، باعتبار وصوله للبيت الأبيض كسرا لقاعدة وصول الرؤساء من أصل أبيض فقط لسدة الرئاسة الأمريكية.

ما نريد الإشارة إليه هنا أن أحدا لم يعترض قناعات صحيفة «واشنطن بوست» بموقفها المعلن، ولا شخصية الجمهوري كولن باول باعتباره من رموز هذا الحزب العتيد، وبما أننا مجتمع بشري مختلف في أصول لعبته السياسية وديمقراطيته الشكلية، فإن مسألة حلمنا بالتغيير والواقعية السياسية واحترام آراء الآخرين تظل غاية متعذرة، ولايكون الرضا إلا بقدر ذلك الولاء المطلق لأولياء النعم، وأي خروج عن تلك القاعدة يشكل نكوصا لايغتفر، وربما بسببه تكون مجردا من الوطنية، وفي مرمى تلك التخرصات البذيئة، لا لشيء إلا لأنك أردت التزام معايير قناعات وآداب المهنة التي لاتكون معبرة عن الأحوال الاجتماعية إذا ما تنازل صاحبها عن مبادئه وأخلاقيات العمل الصحفي إلى ما يمثل مصالحه ومنافعه المادية.

هكذا مثلا أضحى بمقدور أيا كان أن يتطاول على صحيفة «الأيام»، لكونها لاتمثل قناعاته ولاتبارك ما يحيط بواقعها من مفارقات ترتبط مفردات محاسنها بما يمتلك أولئك من قدرة على ظلم الآخرين، وسلب حقوقهم وتجاوز مطالبهم الحياتية المشروعة بقدر من الاستخفاف والوصف البذيء، لا لشيء يعيب هؤلاء البسطاء من الناس سوى أنهم في مسلك حياتهم جبلوا على القناعة والصدق والتزام روح القانون، هؤلاء بحسب قانون الغاب والقوة والفهلوة والتباهي بحجم ما يملكون غير جديرين بأخذ شيء أو الدفاع عن حقوقهم، ربما لانتمائهم للتجمعات الحضارية التي هي دون ريب في مرمى عبث هؤلاء الأوباش.

من هنا تبدو «الأيام» كصحيفة سابحة عكس التيار العبثي الذي ينشدون من أسسه الهزيلة بناء صرح دولة حضارية، رغم أن معطيات التاريخ والحضارات لاتشير إلى مثل هذه الأسس إلا مرتبطة بعوامل الفناء والاندثار والتلاشي، وإن طال أمد البقاء.. ولعل في تاريخ الدول والإمبراطوريات والشخصيات التي بادت ما يمثل عبره لمن لايعتبر.

إلا أن نشوة الشعور بالزهو ووصف الآخرين، ممن يعبرون بصراخهم عن حالة الاختلال الفاضحة بالشراذم البشرية، لاتتيح لهؤلاء مساحة من التفكير العقلاني، ربما لما يمثل المال من لهو للنفوس، إلا أن المعطى التاريخي لمن وصفوا بالشراذم البشرية بيّن خطأ حسابات من يملكون المال والقوة، وكل شيء بما في ذلك أبجديات العمل الديمقراطي وحرية الفكر الملتزم بآداب الثناء والتسليم بهذه العدالة الأرضية العجيبة التي يتضور جراءها البسطاء جوعا، دون أن يثير واقعهم المؤسف شفقة وإحساس وكلاء الوطن وناسه وثرواته.. ولانظنهم وكلاء على أفكار الناس وقناعاتهم، لذلك يغفر لهؤلاء السفهاء عثرات اللسان وبذائاتها المفرطة.

ونقول بجلاء شراذم الفكر البشري هم أصعب على الاحتواء، وهنا مكمن الخطر الذي يستشعرونه.. والحياة تكون مستحيلة إذا خلت من الخير هذه الأمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى