> سالم محمد الضباعي:
عند الساعة 11:45 من مساء يوم الأحد 26 أكتوبر 2008م توقف نبض القلب الكبير و فاضت الروح إلى بارئها للمناضل الوطني الجسور والفذ محمد أحمد علي الوالي (سلمان) بعد (65) عاماً من حياته الزاخرة بالكفاح والعطاء والعمل والحب في المستشفى اليمني الألماني بالعاصمة صنعاء , كنا قد تلقينا نبأ نقله إلى المستشفى عبر نجله الكابتن طيار ياسر ودخوله إلى غرفة العناية المركزة فهرعنا إلى هناك على الفور ولكن مشيئة الله كانت أسرع من وصولنا إليه .
كان مساء حزيناً و شجياً و باكياً. انتقل الخبر عبر الأثير كالنار في الهشيم من عاصمة البلاد عابراً السماوات المفتوحة داخل البلاد و خارجها ... عدن , يافع , أبين, لحج, حضرموت, الرياض, جدة, أبوظبي, الدوحة, الكويت, المنامة, واشنطن, نيويورك, موسكو, لندن, باريس, بكين.. وعادت الأصداء عبر أجهزة الهاتف النقال والثابت في عويل متواصل لا ينقطع وأمواج مشاعر وعواطف مشحونة بالحزن والصدمة والألم وكلمات المواساة و التضرع والابتهال والدعاء. ومنذ الساعات الأولى من صبيحة الإثنين المكلوم واليتيم بدأت قوافل المصدومين الذاهلين بالوصول إلى صنعاء و صدرت «الأيام» الغراء من عدن حاملة بصفحتها الأولى الخبر الحزين مشفوعاً بصورة الفقيد وعزاء ومواساة الناشرين الكريمين هشام و تمام باشراحيل .
بعد عصر الإثنين وصل إلى مطار صنعاء الدولي نجل الفقيد الأكبر سالم محمد أحمد سلمان وشقيقه سليم محمد أحمد قادمين من جدة التي كانوا قد وصلوا إليها صبيحة اليوم نفسه قادمين من فرانكفورت إثر رحلة علاج طويلة في ألمانيا من الإصابة البليغة بالرصاص والتي تعرض لها في شهر يوليو الماضي في منزل الفقيد الراحل الشيخ علي عبداللاه عاطف، والتي قتل فيها و سقط مضرجاً بدمائه على أعتاب منزله. وبات ذلك اليوم بلجة الأعداد الكبيرة المحبة والمفجوعة من الأهل و الأقارب وفي مقدمتهم أشقاء الفقيد د. سالم , د . علي , د . عبد الرحمن , د . عبد الناصر و نجله الأصغر سميح ومساء اليوم نفسه بثت الفضائية اليمنية في نشرة أخبار المساء بيان النعي الأول بالرحيل الكبير الصادر عن منظمة مناضلي الثورة اليمنية .
ظهر يوم الثلاثاء 28 أكتوبر أحتضن جامع الرئيس الصالح في قلب العاصمة جثمان الفقيد و أدت الحشود الصلاة على روحة الطاهرة يتقدمها نائب رئيس الجمهورية اللواء عبد ربه منصور هادي و رئيس مكتب رئاسة الجمهورية وجهاز الأمن القومي الأستاذ علي محمد الأنسي ورئيس جهاز الأمن السياسي اللواء غالب مطهر القمش ووزير الأوقاف و الإرشاد القاضي حمود الهتار و عميد آل الوالي الحاج محمد أحمد محمد الوالي و أشقائه الكرام و صفوف طويلة من الوزراء والقادة في الجهازين المدني و العسكري و الأمني و من المشايخ والأعيان ومن مختلف فئات و شرائح المجتمع و بعد أداء الصلاة خرجت الجموع في موكب سيار كبير و مهيب وصولاً إلى مقبرة المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر طيب الله ثراه في مدينة حدًّه على مشارف القبر و حوله وما تبعه من صفوف العزاء وفي مجلسه الذي أقيم بمنزل الفقيد العامر ارتسمت معالم الوحدة الوطنية في أبهى وأنقى الصور فلقد حضرت الدولة بقضها وقضيضها.. حضرت ممثلة بقادة جميع سلطاتها القضائية والتنفيذية والتشريعية وبكل مجالسها ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية . و حضرت المعارضة السياسة والحزبية بكل أطيافها بقياداتها و رموزها وحضر المجتمع بمختلف منظماته وفي طليعتها منظمة مناضلي الثورة اليمنية و ممثلون عن أبطال حرب التحرير وحضر ممثلو القطاع التجاري والقطاع القبلي. فكانت عن حق مناسبة نادرة و ثمينة عز نظيرها تجسدت فيها و نسجت من خلالها لوحة و روح البهاء اليمني ليوم 22 مايو 1990 م نابضة بالحب و الأمل و التفاؤل و القيم الأخلاقية و الوطنية النبيلة و رغم مشاعر الأسى و الحزن فإنها قد مثلت دعوة ورسالة عامة للجميع لإصلاح ذات البين وتوحيد الصفوف واستعادة المشاركة الحقيقية وفاء للشعب اليمني ومصالح الوطن العليا .
اللهم لا اعتراض على ما قضيت ونبتهل إليك بعيون دامعة وقلوب حزينة وخاشعة أن تعوض الشعب و الوطن خيراً بمصابه الجلل هذا .
كان محمد أحمد سلمان ابناً باراً وبطلاً صنديدا من أبناء الوطن و من أبطال الشعب الذين اجترحوا ملحمة الثورة وصنعوا مجد الحرية و النصر, ومن الذين تفرقت و تحددت صفاتهم ومواهبهم القيادية عبر لهيب الثورة وفي أتون الصراع مع أعداء الحرية و السيادة والكرامة وطوال مراحل حياته كان في صف الرجال الذين يصنعون المواقف ويشكلون توجهات الرأي العام, ويسهمون في صنع القرار فكان رحمه الله عليه بذلك في قلب الحياة الوطنية و السياسة ومن بناة الدولة الوطنية ومن صناع توحيد الأرض والشعب والكيان ومن المؤثرين في صناعة الحكم. لكنه لم يرتهن قط للسلطة و لم يتقبل قيودها وكان يشعر بالضيق الشديد حينما يلتمس أي ميل من قبل السلطة للضغط عليه وعلى إرادته الحرة الجبارة و محاولة تكبيله بقيود المصالح السياسية. و من هنا نجد (سلمان) في جميع المراحل والمنعطفات التي شهدتها البلاد منذ قيام الثورة وفي ظل جميع السلطات الحاكمة المتعاقبة لا يسعى للوظائف والمناصب بقدر ما تأتي إليه , و لم يكن يحفل بها أو يحرص عليها أو يدعها مبرراً للتردد في إبداء آرائه و مواقفه و الجهر بها بكل قوة و لذلك فلطالما دفع أثماناً باهظة لكل ذلك .
وعلى النقيض من ذلك كان يجد راحته التامة في الوسط الشعبي .. عرينه الطبيعي وملاذه الأمين ومنبع وسر قوته وهيبته ونفوذه و سور حصانته المنيع .
كان من أبرز صفات الفقيد وسماته الشخصية – فطرية و مكتسبة – نفوره الشديد من التنظيرات الأيديولوجية ومن المواقف والشعارات والهتافات النابعة عنها وتمتعه مقابل ذلك بحسٍ شديد ومرهف بالواقع الحقيقي وبحياة الناس الحسية المعاشة بكل ما تحفل به من الأتراح والأفراح و المصالح، وتشجيعه وحبه ورعايته الدائمة و المستمرة للشباب والدفع بهم لتحقيق طموحاتهم والمساعدة في حل مشاكلهم و تفهم معاناتهم ولم يكن يضع لا في حياته و لا في حساباته أي فسحة لمشاعر الإحباط و اليأس والقنوط مثلما لم يكن يعترف أو يذعن للمستحيل مهما كانت المصاعب و العقبات .
لقد ابتعد المناضل الكبير نسبياً عن صخب الحياة العامة وعن مواقع السلطة والمسئولية منذ عام 1994م وحينما دقت الساعة وأزف موعد لقائه بربه بعد هذا الوقت الطويل كان لرحيله كل هذا الدوي الكبير الواسع و هذا التفاعل الوطني الصادق الذي اجتمعت فيه و من خلاله بمشهد نادر ومهيب كل مكونات اليمن السياسية الحزبية والاجتماعية تعبيراً عن عمق أصالته.. وأصالة معدنه النفيس . إن الكلمات لتعجز عن أن تفي هذا القائد المغوار ما يستحقه وسيظل إن شاء الله تعالى مدرسة تنهل من مياهها العذبة الصافية الأجيال الصاعدة جيلاً بعد جيل .
إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع في هذا المصاب الجلل فسلام الله عليك يا محمد يوم ولدت و يوم مت و يوم تبعث حياً ... و لا حول و لا قوة إلا بالله .
كان مساء حزيناً و شجياً و باكياً. انتقل الخبر عبر الأثير كالنار في الهشيم من عاصمة البلاد عابراً السماوات المفتوحة داخل البلاد و خارجها ... عدن , يافع , أبين, لحج, حضرموت, الرياض, جدة, أبوظبي, الدوحة, الكويت, المنامة, واشنطن, نيويورك, موسكو, لندن, باريس, بكين.. وعادت الأصداء عبر أجهزة الهاتف النقال والثابت في عويل متواصل لا ينقطع وأمواج مشاعر وعواطف مشحونة بالحزن والصدمة والألم وكلمات المواساة و التضرع والابتهال والدعاء. ومنذ الساعات الأولى من صبيحة الإثنين المكلوم واليتيم بدأت قوافل المصدومين الذاهلين بالوصول إلى صنعاء و صدرت «الأيام» الغراء من عدن حاملة بصفحتها الأولى الخبر الحزين مشفوعاً بصورة الفقيد وعزاء ومواساة الناشرين الكريمين هشام و تمام باشراحيل .
بعد عصر الإثنين وصل إلى مطار صنعاء الدولي نجل الفقيد الأكبر سالم محمد أحمد سلمان وشقيقه سليم محمد أحمد قادمين من جدة التي كانوا قد وصلوا إليها صبيحة اليوم نفسه قادمين من فرانكفورت إثر رحلة علاج طويلة في ألمانيا من الإصابة البليغة بالرصاص والتي تعرض لها في شهر يوليو الماضي في منزل الفقيد الراحل الشيخ علي عبداللاه عاطف، والتي قتل فيها و سقط مضرجاً بدمائه على أعتاب منزله. وبات ذلك اليوم بلجة الأعداد الكبيرة المحبة والمفجوعة من الأهل و الأقارب وفي مقدمتهم أشقاء الفقيد د. سالم , د . علي , د . عبد الرحمن , د . عبد الناصر و نجله الأصغر سميح ومساء اليوم نفسه بثت الفضائية اليمنية في نشرة أخبار المساء بيان النعي الأول بالرحيل الكبير الصادر عن منظمة مناضلي الثورة اليمنية .
ظهر يوم الثلاثاء 28 أكتوبر أحتضن جامع الرئيس الصالح في قلب العاصمة جثمان الفقيد و أدت الحشود الصلاة على روحة الطاهرة يتقدمها نائب رئيس الجمهورية اللواء عبد ربه منصور هادي و رئيس مكتب رئاسة الجمهورية وجهاز الأمن القومي الأستاذ علي محمد الأنسي ورئيس جهاز الأمن السياسي اللواء غالب مطهر القمش ووزير الأوقاف و الإرشاد القاضي حمود الهتار و عميد آل الوالي الحاج محمد أحمد محمد الوالي و أشقائه الكرام و صفوف طويلة من الوزراء والقادة في الجهازين المدني و العسكري و الأمني و من المشايخ والأعيان ومن مختلف فئات و شرائح المجتمع و بعد أداء الصلاة خرجت الجموع في موكب سيار كبير و مهيب وصولاً إلى مقبرة المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر طيب الله ثراه في مدينة حدًّه على مشارف القبر و حوله وما تبعه من صفوف العزاء وفي مجلسه الذي أقيم بمنزل الفقيد العامر ارتسمت معالم الوحدة الوطنية في أبهى وأنقى الصور فلقد حضرت الدولة بقضها وقضيضها.. حضرت ممثلة بقادة جميع سلطاتها القضائية والتنفيذية والتشريعية وبكل مجالسها ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية . و حضرت المعارضة السياسة والحزبية بكل أطيافها بقياداتها و رموزها وحضر المجتمع بمختلف منظماته وفي طليعتها منظمة مناضلي الثورة اليمنية و ممثلون عن أبطال حرب التحرير وحضر ممثلو القطاع التجاري والقطاع القبلي. فكانت عن حق مناسبة نادرة و ثمينة عز نظيرها تجسدت فيها و نسجت من خلالها لوحة و روح البهاء اليمني ليوم 22 مايو 1990 م نابضة بالحب و الأمل و التفاؤل و القيم الأخلاقية و الوطنية النبيلة و رغم مشاعر الأسى و الحزن فإنها قد مثلت دعوة ورسالة عامة للجميع لإصلاح ذات البين وتوحيد الصفوف واستعادة المشاركة الحقيقية وفاء للشعب اليمني ومصالح الوطن العليا .
اللهم لا اعتراض على ما قضيت ونبتهل إليك بعيون دامعة وقلوب حزينة وخاشعة أن تعوض الشعب و الوطن خيراً بمصابه الجلل هذا .
كان محمد أحمد سلمان ابناً باراً وبطلاً صنديدا من أبناء الوطن و من أبطال الشعب الذين اجترحوا ملحمة الثورة وصنعوا مجد الحرية و النصر, ومن الذين تفرقت و تحددت صفاتهم ومواهبهم القيادية عبر لهيب الثورة وفي أتون الصراع مع أعداء الحرية و السيادة والكرامة وطوال مراحل حياته كان في صف الرجال الذين يصنعون المواقف ويشكلون توجهات الرأي العام, ويسهمون في صنع القرار فكان رحمه الله عليه بذلك في قلب الحياة الوطنية و السياسة ومن بناة الدولة الوطنية ومن صناع توحيد الأرض والشعب والكيان ومن المؤثرين في صناعة الحكم. لكنه لم يرتهن قط للسلطة و لم يتقبل قيودها وكان يشعر بالضيق الشديد حينما يلتمس أي ميل من قبل السلطة للضغط عليه وعلى إرادته الحرة الجبارة و محاولة تكبيله بقيود المصالح السياسية. و من هنا نجد (سلمان) في جميع المراحل والمنعطفات التي شهدتها البلاد منذ قيام الثورة وفي ظل جميع السلطات الحاكمة المتعاقبة لا يسعى للوظائف والمناصب بقدر ما تأتي إليه , و لم يكن يحفل بها أو يحرص عليها أو يدعها مبرراً للتردد في إبداء آرائه و مواقفه و الجهر بها بكل قوة و لذلك فلطالما دفع أثماناً باهظة لكل ذلك .
وعلى النقيض من ذلك كان يجد راحته التامة في الوسط الشعبي .. عرينه الطبيعي وملاذه الأمين ومنبع وسر قوته وهيبته ونفوذه و سور حصانته المنيع .
كان من أبرز صفات الفقيد وسماته الشخصية – فطرية و مكتسبة – نفوره الشديد من التنظيرات الأيديولوجية ومن المواقف والشعارات والهتافات النابعة عنها وتمتعه مقابل ذلك بحسٍ شديد ومرهف بالواقع الحقيقي وبحياة الناس الحسية المعاشة بكل ما تحفل به من الأتراح والأفراح و المصالح، وتشجيعه وحبه ورعايته الدائمة و المستمرة للشباب والدفع بهم لتحقيق طموحاتهم والمساعدة في حل مشاكلهم و تفهم معاناتهم ولم يكن يضع لا في حياته و لا في حساباته أي فسحة لمشاعر الإحباط و اليأس والقنوط مثلما لم يكن يعترف أو يذعن للمستحيل مهما كانت المصاعب و العقبات .
لقد ابتعد المناضل الكبير نسبياً عن صخب الحياة العامة وعن مواقع السلطة والمسئولية منذ عام 1994م وحينما دقت الساعة وأزف موعد لقائه بربه بعد هذا الوقت الطويل كان لرحيله كل هذا الدوي الكبير الواسع و هذا التفاعل الوطني الصادق الذي اجتمعت فيه و من خلاله بمشهد نادر ومهيب كل مكونات اليمن السياسية الحزبية والاجتماعية تعبيراً عن عمق أصالته.. وأصالة معدنه النفيس . إن الكلمات لتعجز عن أن تفي هذا القائد المغوار ما يستحقه وسيظل إن شاء الله تعالى مدرسة تنهل من مياهها العذبة الصافية الأجيال الصاعدة جيلاً بعد جيل .
إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع في هذا المصاب الجلل فسلام الله عليك يا محمد يوم ولدت و يوم مت و يوم تبعث حياً ... و لا حول و لا قوة إلا بالله .